قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

م.أحمد اليمني يكتب : فَلْيَرْتَقُوا فِي الأسْبَابِ



دعنا نطرح سؤالًا ؛ ونقول: ما هو الماء؟

الإجابة: هو ذلك السائل الذى يُحدث الله عز وجل منه ارتواءً للبدن عند شرابه. حسنًا هذه اجابة العلماء، فقد جردوا السؤال، ونسبوا الفعل إلى الله عز وجل. وهذه هى أقصر الطرق وأسلمها، إلا أنها بكل تأكيد ليست الإجابة الوحيدة على ذلك السؤال ! فهناك اجابة التلاميذ – وأقصد بهم كل طلاب العلم غير المنتهيين- فتكون إجابتهم: إن الماء هو تلك المادة التى تتكون جزيئاتها من ذرتى هيدروجين وذرة أوكسجين (H2O).

اجابة صحيحة، ولكن!! هل هذه هى حقيقة الماء؟

ليست هذه هى حقيقة الماء، فالإجابة السابقة لم تكن إلا أسماء لعناصر أصغر، ..

دعنا نقف عند هذا الحد، لنقسم أصحاب الإجابات إلى قسمين اثنين:

قسم آمن، ثم أيقن أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الوحيد فى الكون، وأنه سبحانه هو الفاعل الوحيد في الكون، فهذا القسم عندما يسلك سُبل العلم، ويتبحر فيها لا يُخاف عليه من الشطط، فهو يسبح تحت مظلة إيمانه، لا يُخشى عليه من الغرق. وهؤلاء هم عموم المؤمنين.

والقسم الآخر: وإن كان ظاهره أنه يسير فى سُبل العلم، ففي حقيقته أنه يتخبط بين أمواج العلم العظام، ولا تحده مظله تحمية من الشطط، أو الغرق، فتارة تأخذه موجة تلقفه على شاطئ، وتارة ترجع به موجة أخرى تسقطه في عمق مظلم. وهؤلاء هم عموم غير الموحدين.

وهذه النقطة فى المسار هى أكثر النقاط خطورة؛ فهذه النقطة هى التى ينعطف عندها الملحدون، وهم من يظنون أنهم وقفوا على حقيقة الأشياء، وأن الكون تُسيره القوانين.

إلا أن الله تعالي لم يقطع بعباده سُبل النجاة، فقد سبق في علمه سبحانه وتعالى: أن كل طريق يسلكه أصحاب العلوم سوف يوصلهم إلى حقيقة واحدة فى نهايته، ألا وهى أنه: "لا فاعل في الكون إلا الله سبحانه وتعالى". وتلك الرتبة في مسار العلم تسمى رتبة "المنتهى" أى من انتهى بعلمه إلى معرفه الله عز وجل.

ولذلك فأنا أقتبس مصطلح (فَلْيَرْتَقُوا فِي الأسْبَابِ) إذ ان أصل السبب عند العرب: كل ما تسبب به إلى الوصول إلى المطلوب من حبل، أو وسيلة، أو رحم، أو قرابة أو طريق، أو محجة وغير ذلك.

وأنا أقتبس هذا المصطلح من صديق لى كنا فى حوار حول: ماذا قبل الإنفجار العظيم؟ فقال لى: إن الله تعالى يقول لهم ارتقوا فى أسباب العلم والمعرفة، وازدوا رقيًا، فسوف تصلون في النهاية حتما إلى نقطة ما تعجزون عن تفسير ما بعدها، ولا يسعكم إلا أن تقولوا: " أن هذا فعل الله عز وجل".

ففى المثال الذى بدئنا به مقالنا حول ذرة الماء، وإجابة صاحبنا أن الماء هو اتحاد لذرتى هيدروجين مع ذرة أوكسجين، نقول له: ارتق أكثر في الأسباب.

فيدرس الطالب، ويبحث ويقول: ليس هناك فرق بين الأوكسجين والهيدرجين فكلاهما يتكون من جسيمات أدق تسمى String أى عصيات الطاقة ، فنقول له : ارتق أكثر في الأسباب.

فيقول: ان العلم يقف عند ذلك؛ إذ أن هذه "العصيات" أصلها "نغمات" ولا نعرف من أين تأتى هذه النغمات، ولو توقف هذا اللحن لانهار الكون ..

فنقول له إن الأسباب أدت بك إلى أن تعترف أن هناك غيب خلف سريان الكون وما حوى، وأن ارتقاءك فى الأسباب كان لك بمثابه سفينه النجاة، وهذا ما وعد الله سبحانه وتعالى به فى كتابه الكريم إذ قال رب العزة سبحانه وتعالى من سورة فصلت : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).. صدقت ربى وتعاليت، لا إله إلا أنت سبحانك.