قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الغليون.. كلمة السر في سيطرة المماليك على أعالي البحار


قال الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق أن أية دولة تقوم فى مصر لابد وأن ترعى شئون الأسطول، لتحمى شواطئها الطويلة الممتدة شمالًا وشرقًا على كل من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر.

وكشف أنه بالفعل فإن سلاطين المماليك لم يهملوا جانب البحر والأسطول، بل إن المؤرخين المعاصرين وصفوا دولة المماليك بأنها دولة البرين والبحرين بمعنى أنها ملكت بر مصر وبر الشام وأطلت على البحرين المتوسط والأحمر،وهو ما كشف تفاصيله في كتابه"الجيش والأسطول المصرى فى العصر الإسلامى" ،الصادر عن دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر بالاسكندرية، ومنحته عنه جامعة المنصورة جائزتها التشجيعية.

وطبقا للكتاب،إذا كان سلاطين بنى أيوب قد أهملوا شأن الأسطول بعد صلاح الدين،فإن الظروف التى قامت فيها دولة المماليك جاءت نتيجة مباشرة لحملة لويس التاسع على مصر،وهى حملة بحرية أتت عن طريق البحر،لذلك كان من الطبيعى أن يدرك سلاطين المماليك الأوائل أهمية الأسطول لحماية سلامة البلاد.

وعندما تولي السلطان الظاهر بيبرس الحكم إستدعى رجال الأسطول،ومنع الناس من التصرف فى الأخشاب وتقدم بعمارة السفن والمراكب الحربية فى ثغرى الإسكندرية ودمياط،وصار ينزل بنفسه إلى دار الصناعة بمصر ويرتب ما يجب ترتيبه من عمل الشوانى ومصالحها وهى المراكب الضخمة،وقد استدعى هذه الشوانى من كل الثغور إلى مصر فبلغت زيادة على أربعين قطعة بخلاف الحراريق والطرائد حيث كانت كثيرة جدًا.

ولا شك فى أن الأسطول المصرى فى العصر المملوكى كان له دور كبير فى مساندة القوات البرية،التى قامت بتطهير بلاد الشام من آخر البقايا الصليبية،خاصة أن هذه البقايا الكبرى وهى أنطاكية وطرابلس وعكا كانت كلها موانى بحرية،وإذا كان السلطان الأشرف خليل بن قلاوون صاحب الفضل فى الاستيلاء على آخر هذه البقايا وهى عكا،فإن ذلك جعله أكثر إحساسًا بأهمية الأسطول لدولته،فنزل إلى دار صناعة السفن وهيأ جميع ما تحتاج إليه السفن،حتى كملت عدتها نحو ستين سفينة من طراز الشوانى.

وشحنها بالعدد وآلات الحرب ورتب بها عدة من المماليك السلطانية وألبسهم السلاح،وثمة حقيقة كبرى هى أن طرد الصليبيين نهائيًا من الشام فى أواخر القرن 7 هـ/ 13م ضاعف من أهمية العامل البحرى فى شرق البحر المتوسط،لأنه جعل الحروب الصليبية تتحول من معارك برية إلى معارك بحرية.

وكما جاء في كتاب عبد اللطيف،فإنه من أجل هذا قام الأسطول المصرى بعمل خالد فى التاريخ،إذ أرسل السلطان الأشرف برسباى ثلاث حملات سنة 827 ، 828 ، 829 هـ/ 1424 ، 1425 ، 1426م لغزو قبرص،ونجح فعلًا فى إخضاع الجزيرة فى الحملة الأخيرة وتم أسر ملكها جانوس،وعاد الأسطول المصرى يحمل مئات الأسرى وعلى رأسهم الملك نفسه،حيث تم استعراضهم فى شوارع القاهرة.

وبعد قبرص جاء دور رودس،فأرسل السلطان جقمق ثلاث حملات بحرية ضد رودس سنة 844 ، 847 ، 848 هـ/ 1440 ، 1443 ، 1444م ونجحت هذه الحملات فى تأديب جزيرة رودس،التى كثيرًا ما كانت تخرج منها الحملات لمهاجمة الشواطئ العربية فى مصر والشام،ولم تكن العناية بالأسطول متجمدة بل كان هناك تطوير للأسلحة.

وأبلغ مثال على ذلك ما عرف عن وجود سفن حربية متطورة فى الأسطول المصرى مثل طراز سفن الغليون،وهى أرقى ما وصلت إليه السفن الحربية فى ذلك العصر،والغليون سفينة ذات أربعة صوارى وتحتوى على ساحتين للقتال فى المقدمة والمؤخرة ويمتاز الغليون بنتوء المؤخرة البارز.

وهكذا ظل الأسطول المصرى فى عصر سلاطين المماليك يقوم بدوره فى الدفاع عن الوطن ومهاجمة الأعداء خارجه،وذلك الدور البطولى للأسطول المصرى كان يتم على أكمل وجه من التنظيم والدقة والتضحية والفداء.