الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

(جاردن) الإصلاح الإداري.. و(جمرات) الشاي بالياسمين


لست من "الندابين" خاصة إذا كانت الجنازة لا تستدعي البكاء ، فهناك جثامين نسعد برحيلها إلي مثواها الحقيقي (التخشيبة) فقد عاثوا في الأرض فسادا، وقطعوا طريق الإصلاح والصلاح ، ورموا جمرات طمعهم على الخلق دون تفرقة بين أصحاب العوز ومالكي الملايين، الأهم عندهم أن تنتفخ كروشهم ، وتزداد الأصفار أمام أرصدتهم البنكية باستحلال واستباحة الأظرف المعبأة بالأموال الحرام.

هؤلاء ما أشهر عليهم الفنان القدير عادل إمام تعبيرا ذائعا أطلق عليه " شاي بالياسمين" في فيلمه -مرجان أحمد مرجان- قاصدا الإسقاط على المرتشي والراشي والرشوة ، ومنذ هذا القول صار المجتمع يردد العبارة إذا ما تعرض لدخول مصيدة " تفتيح الدماغ " بدفع المعلوم كي " يِمشي أموره ".

فمتعهدو حفلات الشاي بالياسمين أصبحوا واقعا في عالمنا العربي وليست مصر ببعيد، لكن بمسميات أخرى! فلكل بلد مصطلحه وتعبيره! ففي تونس يسمونه "الخموس" وفي الجزائر "الكمون" وفي مصر "الشاي" وفي لبنان "البانادول أو الإسبرين" وفي السودان "البلصة" وفي المغرب "التدويرة".

الغريب أن أصحاب كؤوس الشاي المعطر بالياسمين أو شاربيها يعيشون في مجتمع متدين، بل ويدعون التدين بمناسبة وغير مناسبة ، وعندما يطرق أذنك دَويّ خبر القبض عليهم، يسير أمامك شريط إما تصريحاتهم المناهضة للفساد والرشوة أو الصلوات الخمس التي يصلونها ، وصيامهم رمضان ، وأيام الاثنين والخميس ، ويأتون الحج ويقيمون العمرة، ويؤدون ما هو فرض عين وما هو فرض كفاية أو سنة وربما لا يتركون حتي المستحب.

حتى أن الرشاوي باتت لها مسميات مختلفة رشاوي "مالية ..جنسية.. انتخابية" يندرج تحتها ألقاب أخري طبقا للصفقة المتفق عليها بين الموظّف العام وبين صاحب المصلحة ومنها رشوة حج، رشوة عمرة، رشوة بحث علمي، رشوة دكتوراه، رشوة ماجستير، رشوة نجاح، رشاوي كروت الشحن، حتي امتدت الرشوة في القطاع الرياضي بين حكام المباريات وأصحاب الأندية، وتوغلت في القطاع الطبي بين الصيادلة والأطباء لتسيير بيع الأدوية من خلال الوصفات الطبية المتكررة.

علي أية حال فإن الفاسدين وأصحاب الأدراج المفتوحة وجودهم طُلقاء يسحب الأكسجين من [جاردن] الإصلاح الإداري، التي تتخذه الدولة مسارا مهما لمؤسساتها ، فهم أحزمة ناسفة للنمو الاقتصادي، حتي أن خبراء الاقتصاد يؤكدون أنه يعيق هذا النمو بنسبة 50%، لذلك أطلق الرئيس السيسي يد الرقابة الإدارية لتطال موظفين ومسئولين رفيعى المستوى بعد تورطهم فى وقائع فساد وإهدار للمال العام.

لكن هناك فسادا أكثر خطورة وربما ليس فيه صفقة بين موظف وصاحب مصلحة ، ولكن بين الموظف نفسه وضميره! وهو ما لا تقوى عليه أي أجهزة رقابية ، وعلي ما يبدو ليست جريمة في القانون المصري، والذي اصطلحه بـ "عدي علينا بكرة ".

وهذا هو دور علماء الدين والأئمة والخطباء والإعلام ! فهل ينجحون؟.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط