سواقي مجرى العيـون.. 500 عام الماء يجري فيها .. بناها الناصر محمد بن قلاوون.. وجددها محمد علي باشا الكبير

رغم الإنتاج الغزير تلحينا وغناءً لموسيقار الأجيال الراحل الفنان محمد عبد الوهاب، إلا أنه قد لا يعرف كثيرون أنه غني الموال بشكل إحترافي في أعماله السينمائية، وأشهر تلك المواويل التي غناها "سبع سواقي بتنعي لم طفولي نار".
وإذا كانت السواقي من أشهر المشاهد التي يمكن أن نراها في الريف المصري،فإنها أيضا أحد مفردات تاريخ الحضارة الإسلامية، وأشهرها سواقي سور مجرى العيون، والقصة كلها رصدها د.محمد أحمد عبد اللطيف، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق، في كتابه "أبرز المعالم الأثرية والسياحية الإسلامية والمسيحية في مصر والعالم"، الصادر عن دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر.
وطبقا لما ورد في الكتاب، عندما وجد الملك الناصر محمد بن قلاوون أن القناطر و الآبار والسواقي التـى أنشـأـت لتمد القلعة باحتياجاتها أصبحت لا تفي بهذه الاحتياجات من المياه، قـام في سنة 712 هـ/ 1312م بإنشاء أربع سواقي على النيل، ثم أنشأ مجموعة من القناطر تنقل المياه إلى مجراه أعلى السور.
كما شيد نقالة من المصنع الذى عمله الظاهر بيبرس بجوار زاوية تقى الدين رجب بالرميلة تحت القلعة إلى بئر الإسطبل،ثم جددها ثانية فى سنة 723 هـ/ 1323م،ثم حفر الناصر محمد بن قلاوون أيضًا عشرة آبار يصب فيها الماء،وتركب عليها السواقى لتنقل الماء للقناطر القديمة.
لكن موت الناصر محمد أوقف هذا المشروع،ثم أعاد تجديد القناطر الملك الظاهر برقوق سنة 798 هـ/ 1395م،ثم جاء وزيره الأمير يلبغا السالمى سنة 815 هـ/ 1412م فأخذ ما كان بالخليج من أحجار ورمم بها القناطر القديمة ثم جددها الظاهر جقمق أواخر سنة 845 هـ/ 1441م.
وفى سنة 896 هـ/ 1490م جددها الملك الأشرف قايتباى تجديدًا كاملًا،فأعاد المجراة التى تعلوها وقوى جدرانها واستغنى عن الخزان القائم بأرض الصوة بمصنع آخر بناه تحت تخوم الأرض،ومد منه الماء إلى القلعة أسفل باب الكامل المعروف بباب القرافة.
وأوصد لهذا الغرض باب القرافة واستبدله بباب أخر فتحة فى السور نفسه شمالى الباب الأول هو باب الخولى المسمى بباب السباع الذى كان أمر بغلقه من قبل الملك الظاهر جقمق سنة 845 هـ/ 1441م، وأمر أن تحول المنطقة الواقعة بين هذا الباب والمشهد النفيسى إلى جبانة عمومية باسم السيدة نفيسة.
وقد أشار ابن إياس أنه فى سنة 912 هـ/ 1506م أن السلطان الغورى جدد السواقى وزادها أربع سواقى أخرى كما جدد الخزان كما جدد الغورى القناطر التى تمتد فوقها المجراة العلوية بعمق ثلاثة أمتار وطهرها من الأتربة.
ثم شرع فى بناء مأخذ ذى ست سواقى على النيل عند فم الخليج تسير فى قناطر تمتد لتتلاقى عند بقايا قناطر الناصر محمد بن قلاوون بالقرب من مشهد السيدة نفيسة،وظلت تعمل هكذا حتى قام بتجديدها مرة أخرى الوزير محمد على باشا السلحدار سنة 1134 هـ/ 1721م ثم أعاد تجديدها محمد على باشا الكبير سنة 1224 هـ/ 1809م.