الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اللي بنى مصر في الأصل أفريقي



لم تسعني الفرحة والزهو وأنا أتابع مراسم تسلم مصر مقاليد رئاسة الإتحاد الأفريقي الأحد الموافق 10/2/2019؛ وازدادت سعادتي بسماعي لخطاب السيد رئيس الجمهورية، رئيس الإتحاد الأفريقي، وهو يحدد ملامح إدارته للإتحاد مع حجم التحديات التي تواجه القارة السمراء، وما يجب اتباعه في إدارة الملفات وحل المشكلات.
واستضافتني في ذلك اليوم إذاعة القاهرة الكبرى لأعقب على هذا الحدث لمدة ساعتين كاملتين، كانتا فرصة لي كي أبين للمستمعين ماذا تعني مصر لأفريقيا والعكس؛ منذ الملكة حتشبسوت وحتى الرئيس عبد الفتاح السيسي مرورًا بالزعيم جمال عبد الناصر، الذي طبع بيديه حب مصر في قلوب الأفارقة، والزعيم أنور السادات، مرورًا بالرئيسين التاليين، اللذين لم يوفقا في إدارة الملف الأفريقي.
أبحرت عبر التاريخ والسياسة، وأبحرت معي منال أبو الوفا، مذيعة الفترة، وكان السؤال المحوري الأكثر جدلية: كيف السبيل إلى أفريقيا؟
ربما بدت الإجابة على هذا السؤال سهلة القول، غير أنه سؤال تصعب الإجابة عليه، لكونه متشابك الخيوط: هل بالمال والاقتصاد نلجُ إلى قلوب الأفارقة؟ هل باستخدام وتوظيف القوى الناعمة؟ هل بالدبلوماسية المصرية الفاعلة؟ هل بالتفاعل الشعبي؟ هل الحب وحده يكفي لزرع الثقة بيننا وبينهم؟
دارت كل تلك الأفكار في رأسي قبل أن أدلي بدلوي، فكل واحدة منها كفيلة أن تبني جسور ثقة بيننا وبين أشقائنا الأفارقة...وكان تعقيبي على السؤال: دعيني أجيبك كمواطن أفريقي، جاءك من جنوب القارة السمراء، ولتعيدي سؤالك: كأفريقي في ضيافتي، ماذا تريد من مصر؟
كمواطن أفريقي، جئتك مفعم بالحب والأمل، دعيني أبين لك أن صورة مصر في الذهنية الأفريقية، هي صورة الدولة الأفريقية العظمى، التي دومًا نتطلع إليها وإلى كسب ودها؛ فصورة بلادكم البهية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي لا تزال مسيطرة على عقولنا، منذ تأسيسكم لمنظمة الوحدة الأفريقية سنة 1963م، ورئاستكم لها ثلاث مرات. ننظر إلى بلادكم على أنها دار هجرة ومقام لنا، فمن يود منا السفر إلى أوروبا يأتي إلى بلادكم، ومن يود العلاج من كافة الأسقام يقصد بلادكم، ومن يريد التعلم والاستزادة من علوم الدين والدنيا أو التجارة والمال يذهب إلى بلادكم.
أنتم في مصر لديكم الأزهر الشريف الذي يتربع شيوخه على قلوبنا، وتتوالى بعثاته سنويًا إلى بلادنا لتزرع فينا مناسك الدين الحقة، دون أن يسألنا جزاءً أو شكورًا؛ لديكم في مصر كنيسة عالمية رسولية لها مكانة في قلوب الكثير من الأفارقة الذين يتبعون مذهب كنيستكم، ونراهم غاية السعادة عند زيارة بابا الإسكندرية إلى بلادنا؛ لديكم قناة السويس، وجيوش مغوارة كست أعدائكم مرارًا بلباس العار والهزيمة؛ لديكم مصانع سلاح ومعدات ثقيلة، وبنوك وشركات وفيرة؛ نذكر من شركاتكم المقاولين العرب، وحسن علام وغيرهما عندما كانوا يعملون في بلادنا في شق الطرق وبناء المنشآت العملاقة، المائية والمعمارية....الخلاصة أن مصركم في عيون أفريقيا دولة عملاقة، فهل ستصلون بلادي؟
غاياتنا في أفريقيا-كمواطن أفريقي-ألا توقفوني على الحدود، وأن أشعر أني أنتمي إليكم. لدينا الكثير مما يمكن أن نقدمه لكم، فأنتم أهلنا، وعلى الدرب نسير معًا...سنجلس سويًا لنرسم مستقبلنا، بعيدًا عن قوى الشر العالمية التي زهدنا في نهجها المتعالي؛ نريد أن نضع أيدينا في أيديكم لنبني بلادنا، ونمضي بها قدمًا نحو الأمام بعقول وأيادٍ أفريقية.
نريد من مصركم أن تبني لنا مسرحًا أفريقيًا في قلب العاصمة القاهرة لنأتي لكم كل شهر بعرض أفريقي من دولة إلى أخرى، نريد أن نشاهد مسرحكم يتجول في بلادي؛ نريد محكى للشعر والأدب الأفريقي تستضيفه بلادكم، نريد مهرجانًا للسينما الأفريقية، نريد منكم قناة فضائية تحمل اسم "إفريقيا اليوم Africa Today"، فمن منا يملك طاقات إعلامية أو أقمار صناعية مثلكم؟ سنأتيكم ومعنا فنوننا الشعبية والكلاسيكية ليتذوقها المصريون بنكهتها الأفريقية.
نعم، أقولها كمواطن أفريقي، بلادكم في عيوننا قوة أفريقية عظمى، فلا تخيبون رجائنا، وليخرج منكم رجل رشيد يقص أحلامنا ويروي آمالنا على مسامع من يملك الأمر فيكم، لعل منهم من يبحث عني يومًا، ويدرك أن الأصل في الكون أفريقي!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط