الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البحث عن الله


كلما ضاقت بي الأجواء أجمع بقاياى وأذهب إلى السيدة نفيسة وأمضى فيها وقت لا أدرى مداه حتى أشعر بارتياح نفسى فأعود بهذه الشحنة الروحانية الإيجابية واستكمل مشوار الحياة بكل مافيه من أفراح ومآس. 

وهذه الزيارة جلست فيها واتكأت لاسمع حوارين شدنى عمق صوتيهما ؛ فالتفت فأجدهما فتاتين فى منتصف العشرينيات جميلتان لدرجة ملفتة للنظر ؛ وكان حوارهما غير مألوف . فقد بدأته الأولى بسؤال لصديقتها بصوت منخفض وقالت لها : صديقتنا توفاها الله بالمرض اللعين، وجارى مات ابنه بنفس المرض، ومن كنت سأرتبط به وأحببته أيضا ابتلعه هذا الغول المسمى بالسرطان، وصمتت لترد زميلتها باستنكار وتقول لها كل هؤلاء أهلهم على قدر من المقدرة المالية مكنتهم من مواصلة علاج ذويهم حتى الموت وخرجوا بهم من المستشفى بطريقة آدمية فمابالك بالفقراء المعدمين !!

هل تتخيلى أن بواب عمارتنا مرض بهذا الداء وذاق الأمرين لكى يعالج فى المستشفى الحكومى وظل يذهب ويجىء آملا فى سرير يرقد عليه ولم يجد لولا جارنا الطبيب الذى تكفل به وأخذه فى مستشفاه عندما علم بحالته ولكن كان نداء الله أقرب ومات، وبموته واصلت أسرته حياة البؤس والبائسين، وعم أحمد الذى يعمل فى محل البقالة وله خمسة أبناء اعتدى على أحدهم ابن صاحب سلطة وجاه وتركه مقعدا ولعوز عم احمد وخوفه اكتفى بالصمت وببقايا من هذا الشخص رماها له بتعالى وتكبر، وقبل أن تستكمل الصديقة حديثها لصديقتها باغتتها وقالت لها معقول يكون فيه رب للكون ده ويرضى بالظلم ده كده، فردت صديقتها وقالت لها بتأسى وحزن مش عارفة بس فيه حاجة محيرة وصعبة فى الدنيا ديه ؛ لكن أكيد فيه رب بدليل أن الدنيا مستمرة وفيها ما فيها ولو مكنش فيها رب كانت يد الظلم أنهت كل البشرية واديكى شفتى جبابرة العصر كان مصيرهم ايه ومحدش فضل على حاله.

وصمتت الفتاتان لحظة وتكلمتا فى نفس واحد أنا خايفة اتكلم مع بابا وماما لأنهم مش هيفهموا حيرتى وهيفسروها انى بأكفر بربنا وان اكيد ليا صحاب وحشين همه اللى حاطين فى دماغى الكلام ده .. وأكملت الأخرى الحوار وقالت أنا كلمت الشيخ وقالى بعد صلاة العشا عامل درس وممكن اسأل فيه اللى انا عيزاه وادينى قاعده ومستنيه..خلال هذا الحوار كانت تعلو وتنخفض اصوات محبي المكان مطالبة بذكر الله وبحمده وبالصلاة على نبيه شفيع الأمة يوم الحساب. 

كانت بداخلى رغبة لأن أحدث الفتاتين ولكنى وجدت فى عينيهما أنهما تبحثان عن صاحب علم وغيره لن يقتنعا بكلامه ووسط حيرتى وجدت سيدة خمسينية العمر تدخل إلى حيث نجلس وتزغرد وتقول بصوت عالى ياما انت كريم يارب، مدد يامنفسة الكروب ياحبيبتنا وحبيبة الرسول ؛ ربنا استجاب لدعايا ولتضرعى وطلبى وانى سقت عليه ستنا نفيسة وابنى خرج من السجن براءة ورجع ليا ولاخواته مكنش لينا غيره هو اللى بيجرى علينا بعد موت ابوه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط