EN
الهوامل بدون شوامل
في التراث العربي كتاب نادر، عنوانه »الهوامل والشوامل« لأبي حيان التوحيدي، وقد طبع في الاربعينيات محققا من احمد امين والسيد احمد صقر، وصدر في سلسلة الذخائر التي اسستها في بداية التسعينيات عن هيئة قصور الثقافة وأوقفت منذ عامين، التوحيدي صاغ اسئلة تعبر عن هموم كونية، انسانية، اجتماعية. وتلك هي المقصودة بالهوامل، أي الابل الشاردة، وتلك صفة عبقرية للسؤال لأنه مطلق، وكثيرا ما وجدت في اسئلة بعينها اجابات اشمل من الردود الطويلة وتلك هي المقصودة بالشوامل، أي الابل التي تم امساكها وتقييدها الاسئلة من التوحيدي والاجابات من فيلسوف معاصر وله شعره، هو مسكويه قرأت هذا الكتاب في سن مبكرة »الثالثة عشرة« ولم انس مضمونه قط لأنني اقدمت علي نقله بخطي في كراسات من الكتاب الذي استعرته من دار الكتب.
لم اجده في مكتبات الازهر او سور الازبكية، فنقلت بفهارسه، وحواشيه، وما تكتبه اليد يعلق في الذهن أكثر، تذكرت ماصاغه التوحيدي عندما شرعت في قراءة كتاب شديد الاهمية للدكتور نبيل عبدالفتاح صدر منذ أيام عن دار العين عنوانه »النخبة والثورة« يجييء صدوره مع الذكري الثانية للانتفاضة العظمي للشعب المصري في يناير، ويقع في خمسمائة صفحة من القطع الكبير. يبحث جميع القضايا المتعلقة بواقعنا خلال العامين الاخيرين.
ولكن ما استوقفني في المقدمة خمسمائة سؤال تقريبا صاغها الباحث في اسلوب ادبي رفيع، الاسئلة تجول بذهن أي انسان يعيش في مصر، او مهتم بالشأن المصري. وفيها من الأجوبة أكثر من تحليلات ومقالات عديدة تتصدي لنفس المضمون الوارد في السؤال، إنه تأكيد لاقتناعي القديم أن السؤال يكون دالا وكاشفا أكثر من الجواب، ولأن اسئلة نبيل عبدالفتاح في الصميم لذلك سأوردها في عبور لأنها علامات خاصة إننا نقترب من الذكري الثانية لانتفاضة يناير. الهوامل مصدر ومدخل لبحث اوضاعنا الآن، اما الشوامل »الاجابات« فيمكن دراسة الأسباب المؤدية اليها كما يبدو هذا في ذلك الجهد الفكري الرصين، لكن تحديدها بدقة يظل صعبا في إطار هذا الواقع المتغير.
نقلا عن الاخبار
