الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم رضوان يكتب: أبطال بأثر رجعي .. !

صدى البلد

أتعجب من هؤلاء الذين يدعون البطولة " بأثر رجعي " ، وكأنهم كانوا في مكان وزمان آخر وقت الأحداث ، ولا أحد يعرف مواقفهم ، فيصورون أنفسهم أبطالا خارقين ، يحاربون الشر والفساد وكل ما هو مشين .. 
فإذا تحدثت عن ثورة يناير قالوا انهم مفجروا الثورة ، وإذا جاء الكلام عن الإخوان قالوا انهم أول من واجهوا الإخوان بالقلب واللسان واليد ، وبطولاتهم الوهمية لا تتوقف ، كأنهم "دون كيشوت" عندما هجم على قطيع من اللصوص ليلا وأسخن فيهم الجراح ليكتشف فجرا أنها خراف الجيران ذبحها توهما ..
لا أعرف كيف يتكيف هؤلاء مع ذواتهم ، كيف ينامون ، يأكلون ، يشربون ، يتنفسون ، وما هي القيمة التي ينقلوها لإبنائهم ، او حتى كلمات الوصية التي يكتبونها وقت الوفاة .

*** 
لن أتحدث هنا عما يحدث معي حيث تمكن لص حقير من " الواتس آب " الخاص بهاتفي والسيطرة على ما فيه من خصوصيات ، فأنا مؤمن بعدالتين ، الأولى أرضية تتمثل في هؤلاء المحبين من الأهل والأصدقاء وإن قلوا ، والثانية عدالة السماء التي لا تغفل ولا تنام ، فليس من الشجاعة ولا الرجولة ولا الأخلاق أن يتجسس أحد عليك ويسجل مكالماتك وينشرها على الملأ ليفضحك ، فوالله حتى البهائم لا تفعل ذلك ، فهل وصلنا الي مرحلة دون البهائم ؟

*** 
كنت قد كتبت مقالا قبل أيام عن معرض الإسكندرية للكتاب وما يعتريه من نقص لا يليق بعراقة المكان ولا الزمان ، فوجدت طوفانا من الردود تصل الي حد الشتائم ، وكأنني أقصد بما كتبت فلانا أو علانا ، وكل ما قصدته هو الغيرة على الإسكندرية ، التي تستحق الأفضل دوما ، الإسكندرية تلك المدينة العالمية وحاضرة الدنيا في العصور القديمة ، وعندما نتحدث عن معرض الكتاب منتقدين فلأننا نسعى للأفضل وليس الكمال ، فهناك من هم أفضل ضيوفا ومتحدثين ومنظمين ، فليس مكتوب علينا نفس الوجوه كل عام ، وعندما نتحدث عن معرض الكتاب في مدينة الإسكندرية لا يجب أن نغفل ما يدور في بلادنا من حراك في كل المجالات ، وضرورة تسليط الضوء عليه ، ولذلك أقترح على "مالكي الحق الحصري" في تنظيم المعرض إسناد إختيار الندوات والضيوف الي لجنة متخصصة من أهل المدينة ، وهذا لن ينقص من قدرهم ولا من " بدلاتهم " شيئا ، ولكن سيكون إضافة .. والتنوع سنة الله في الأرض ..
*** 
وبما إننا نتحدث عن القيم التي ضاعت ، وديست تحت الأقدام ، لست أدري ما هي القيمة التي يقدمها مطرب العصر " محمد رمضان " وهو يغني عاريا ، ويأتي بإشارات وكلمات بذيئة ، وسط صراخ الفتيان والفتيات ، هل هذه مصر التي تقدمون ؟ ، وهل هذه القوى الناعمة ، التي نشرت اللهجة المصرية في ربوع الدنيا ، وهل هذا هو الفن المصري ، وهل هذا ما نقدمه ، وهل حولنا كلمات الاغنيه " "الناجح يرفع إيده" الي "الناكح يرفع إيده " ، فرقصنا عليها ، وخلعنا ملابسنا حتى القطعة الأخيرة بنينا وبناتا وآباء وامهات ، كيف يرضى المجتمع بهكذا أفعال .. ؟

***
عندما بدأت رحلة الغربة الي الخليج قبل 15 عاما بحثا عن لقمة عيش حلال، سألني صحفي سعودي زميل " أكيد زوجتك تجيد الرقص الشرقي " ، فقلت له متعجبا ، وما أدراك ، فقال لي لا يوجد فيلم ولا مسلسل مصري لا تطل منه راقصه عاريه ، نعم هذه الصورة الذهنية المكرسة عن الفن المصري وعن المجتمع المصري ، أنا لست ضد الرقص ، ولكن لماذا لا نبرز الجمال أيضا ، لماذا لا نبرز القيم ، لماذا لا نبرز كل ما يعزز من صورة الإنسان ، لماذا يبدو المصري دوما منسحقا ، مستعدا لبيع زوجته وبناته من أجل " قرش حشيش" ، نعم هذه النماذج موجودة في المجتمع ، وكل مجتمع ، ولكن هناك مئات بل الآف المواقف المشرفة ، هناك معركة الكرامة لمواجهة الإرهاب والفساد على أرض الوطن تجري كل يوم ، هناك آياد تحمي وآياد تبني ..

هناك الف أغنيه وأغنيه في ربوع بلادنا ، يجب أن نرفع أيدينا ورؤسنا ورقابنا سعادة كلما سمعناها ، بل ونرددها مع أبنائنا، ولكن كلماتها بعيده كل البعد عن " الناكح يرفع إيده " ، وعن مفردات الإبتذال ..

ولنا عودة ..