الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ضحكتهم دواء ..عرض مسرحي في مستشفى العباسية لتأهيل المرضى النفسيين..صور

فرقة كزاغندي
فرقة كزاغندي

لم تتوقع منة عمر(26 عامًا) أن وقوفها على خشبة المسرح وعروضها المسرحية، ستكون جزءًا من علاج والدتها التي تعاني من مرض ذهني بمستشفى العباسية للصحة النفسية، حتى فوجئت الفتاة العشرينية بأن فرقتها المسرحية "كزاغندي" اتفقت مع إدارة المستشفى على إقامة عرض مسرحي داخل مسرح السيدات بالمستشفى، لتأهيل النزلاء والمرضى النفسيين بهدف إدماجهم في المجتمع، انتابت الفتاة حالة من الفرحة بعد علمها بالخبر" ده كان دافع بالنسبة لي بأن والدتي لها حق علي إنها تكون فخورة بي".



شاركت منة فرقتها المسرحية "كزاغندي" عرضها المسرحي الأول، يوم الأربعاء، أمام نزلاء مستشفى العباسية، قدمت الفرقة عرضًا فنيًا عن المدرسة، و تم مناقشة قضية المناهج التعليمية بشكل كوميدي، تفاعل معه النزلاء رجال وسيدات بالضحك والتصفيق الحار، وما إن انتهى العرض حتى أعلنت منة بشكل مفاجيء أمام الجميع وأمام أعضاء فرقتها أن والدتها واحدة من نزلاء مستشفى العباسية للصحة النفسية، لم تتمالك الفتاة نفسها وهي على المسرح حتى انهمرت دموعها وذهبت مسرعة نحو أمها الجالسة على مقاعد الجمهور لاحتضانها " مفيش حد كان يعرف إن أمي مريضة نفسية، لكن أنا فخورة بيها و بقول للناس كلها إني مش بتكسف من مرض ماما".



منذ أربع سنوات بدأت فرقة كازاغندي – اسم لنوع من أنواع الحمام – نشاطها المسرحي " كل هدفنا إننا نروح للناس اللي متعرفش حاجة عن المسرح"، يقول سامح سليمان عضو الفرقة، شقت الفرقة طريقها إلى القرى والنجوع لتقديم عروض عائلية واجتماعية ذات حس كوميدي، وكان عرضها داخل مستشفى العباسية هو أول عرض تقدمه الفرقة للمرضى النفسيين " اتفقنا مع المستشفى إننا نيجي نقدم عرض وشرحوا لنا إن أهم شيء يكون العرض كوميدي غير مبتذل، وبالفعل قدمنا  تأهيل نفسي بالفن ونتمنى إننا نيجي هنا تاني"، يقول سامح.


العروض المسرحية واحدة من جلسات التأهيل النفسي التي يخضع لها المرضى النفسيين، وتخصص مستشفى العباسية فقرات تأهيلية شهرية فنية للنزلاء بهدف إدماجهم في المجتمع، كما يقول أسامة سمير مسؤول التدريب بمسرح السيدات في مستشفى العباسية.


لم يكن عرض فرقة "كزاغندي" هو الأول من نوعه للنزلاء، يقول أسامه " إحنا بنستقبل متبرعين كثير عاوزين يقدموا عروض للنزلاء"، إذ تهدف إدارة مسستشفى العباسية من وراء هذه العروض إلى  إدماج المريض بالمجتمع الخارجي وإزالة وصمة المرض عنه، فيكون مؤهلًا للتعامل مع المجتمع الخارجي، ويشعر أنه محبوب وهناك من يرغب في البقاء معه " لأن وجوده هنا في المستشفى بسبب إن أهله مش عاوزينه بسبب إنه ممكن يأذي أي حد منهم".



يمر المريض بجانبين من الأعراض النفسية، أحدهما ظاهري والآخر باطني، يشرح سمير مسؤول التدريب الأعراض الظاهرة بأنها التي تظهر على المريض النفسي من لوثة عقلية أو حركات غير طبيعية، ويجرى متابعة هذه الأعراض من خلال "كورس" علاجي يسير عليه المريض فترة معينة إلى أن يتم القضاء على الأعراض الظاهرة، ويتبقى هنا الأعراض الباطنية غير الظاهرة مثل الانطواء، فمثل هذه الأعراض لا يتم القضاء عليها بروشتة علاجية أو كورس طبي، وإنما يتم علاجها بالتأهيل النفسي وذلك ما يحدث في العروض المسرحية للنزلاء.



جانب من التأهيل النفسية للنزلاء يضيفه سمير، وهو أن يكون النزيل سيد علاج نفسه، إذ يتم الإشراف على عروض مسرحية يقدمها النزلاء أنفسهم، وهذا الجانب له أثر إيجابي في تأهيل المريض بنسبة تفوق الـ 50%، ويجعله يشعر بأن المجتمع يرغب فيه بشدة، وكان آخر عرض فني قدمه النزلاء في معرض الكتاب الأخير تحت عنوان "المونديال".



فكرة الوصم المجتمعي لا تطارد النزلاء فقط، إذ يتعرض الأخصائين النفسيين مثل سمير إلى وصم اجتماعي بسبب عمله مع المرضى النفسيين " إحنا بنتوصم بالمرض لما حد يعرف اننا شغالين في مستشفى العباسية، فنتعرض لأسئلة زي انت شغال بقالك قد إيه هناك، وبالتالي بنبقى مادة للسخرية من البعض واتهامنا بالتخلف العقلي".



خلال العرض المسرحي لفرقة كزاغندي، تراص النزلاء على مقاعد الجمهور، كانوا غاية في الأناقة، رجال وسيدات، بدا عليهم جميعًا خلال العرض استيعابهم الجيد وإدراكهم لشخصيات شهيرة زُج باسمها أثناء العرض مثل الممثل محمد رمضان والمغني الشعبي الشهير بـ "حمو بيكا"، ونال العرض في النهاية استحسانهم وإشادتهم بفرقة كزاغندي.

انتهى العرض، لكن لم تنته معه آمال منة عمر الفتاة العشرينية الحالمة في القضاء على فكرة الوصم الاجتماعي التي تلازم المرضى النفسيين وأسرهم " من صغري وأنا بدخل هنا شهريا، عشان علاج ماما، وكنب بشوف أي حد بيعدي أمام المستشفى بيقول في مجانين ومؤذيين جدا، عشان كده العرض ده كان دافع لي إن تبسط أمي واقول لها إني فخورة بيكي".