الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ناتو عربي.. وحلم ترامب الضائع..!!


أمور خطيرة وتقلبات كبيرة وتحالفات جديدة تسير علي وتيرة سريعة نحو قدوم الحرب العالمية الثالثة التي بدأت رحاها بالفعل وقد يأتي العام القادم وهو يشهد ميلاد دول جديدة وطمس دول أخرى.

هذه المقدمة ملخص سريع للأحداث التي يمر بها العالم كله، خاصة منطقتنا العربية ربما كشفتها الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لواشنطن وإصرار رئيس عصابة العالم " ترامب " علي إحراج الرئيس السيسي أمام دول المنطقة العربية حينما كرر مصطلح الوطن البديل الذي ترفضه جميع الأطراف من الأساس ويباركه فقط الكيان الصهيوني.

الرئيس السيسي نجح بجدارة في التعبير عن الدبلوماسية المصرية حينما حول الدفة ورد علي ترامب وأكد له أن مبدأ بيع شبر واحد أو التنازل عن حبة رمل واحدة من أرض مصر يعتبر خيانة وأن الشعب اختاره ليكون حارسا أمينا علي مصر وأرضها وبالتالي فإن ترامب فشل أمام إصرار القيادة المصرية في الحفاظ علي وحدة تراب الوطن، وهو الأمر الذي جعل صقور الولايات المتحدة إلي اللعب علي وتر جديد وهو توريط العرب فى حرب مسلحة ضد إيران بحجة الصراع بين السنة والشيعة.

هذه اللعبة يقودها حاليا وزير الخارجية الأمريكي " مايك بومبو " الذي يسعي لتوريط القاهرة في حرب لا ناقة لها ولا جمل، ويخالف دبلوماسيتها الوسطية التي تسير علي سياسة عدم الإنحياز أو العداء الكامل لنظام معين، وان العلاقات الدبلوماسية مبنية علي لغة المصالح تتصالح، وأن عدو الأمس واليوم قد يصبح صديقا سياسيا في المستقبل القريب، كما قال الرئيس الراحل أنور السادات مقولته الشهيرة أن " السياسة مبنية علي المتغيرات وليس بها ثوابت ".

" مايك بومبو " أكد التزام بلاده بمواجهة أنشطة إيران فى المنطقة مشيدا بموقف الأردن فى مواجهة السياسات الإيرانية فى المنطقة وقال خلال مؤتمر صحفى أن "التمدد الشيعي خطر على المنطقة وشيطن النظام الإيرانى في خطابه بالجامعة الأمريكية في القاهرة، معلنا "حان الوقت لمواجهة آيات الله" ويبدو أن وزير الخارجية الأمريكى أنتقي توصيفاته بحرص للعب علي مشاعر العرب والمسلمين قائلا لن نخفف من حملتنا لوقف نفوذ إيران "الخبيث" فى هذه المنطقة العربية، رغم أن نفس الرجل هو من سمح للكيان الصهيوني ويشجعه علي إبادة أشقائنا في فلسطين وتجويعهم ونهب أراضيهم علي مرأي ومسمع من العالم، وهو نفس الرجل الذي قرر أن يعطي الحق لمن لا يستحق عندما قرر مع رئيس عصابته ترامب علي أن الجولان بكامل أراضيها تابعة للكيان الصهيوني المحتل وشجع الحرب الأهلية في سوريا لإضعاف النظام السوري، وهو نفس الرجل الذي أباد أكثر من 2 مليون عراقي من أجل الحصول علي آبار البترول هناك ... إنها ازدواجية المعايير والسياسة العرجاء التي تنتهجها أمريكا والغرب المتأمرك.

" مايك بومبو " أراد أن يكون ملكيا أكثر من الملك وراهن علي أن القاهرة هي العاصمة الوحيدة القادرة و التي يجب أن يلتف حولها جميع عواصم المنطقة من أجل تكوين ناتو عربي تقوده مصر في الفترة المقبلة لمواجهة خطر التمدد الإيراني أو الشيعي علي حد وصفه، وجلس الرجل يذكر محاسن القاهرة وشجاعة المشير عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، وأنه قادر علي قيادة ناتو عربي في مواجهة الأخطار الإيرانية ، في إشارة إلي أن ضرورة نشوب حرب مسلحة بين الناتو العربي الوليد تقوده القاهرة بصفتها القوة العسكرية الوحيدة الجاهزة علي تبني فكر الشيطان الجديد الذي يقود العالم للهاوية منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، لكن يبدوا ان وزير الخارجيه الامريكي كان يحلم أحلام اليقظة ولم يفق منها، إلا بعدما رفضت القاهرة الإنضمام الي هذا الناتو والانسحاب منه، فكشف وزير الخارجية عن وجهه القبيح ليعلن علي الملأ أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على مصر حال شرائها مقاتلات روسية من "طراز سو-35"، مؤكدا في جلسة استماع للجنة مجلس الشيوخ الأمريكي المختصة بميزانية العام 2020: أن شراء مثل هذه المنظومات سيتسبب في تطبيق عقوبات بالتوافق مع قانون التصدي لأعداء الولايات المتحدة من خلال العقوبات".

القاهرة أعلنت رفضها لتصريحات بومبيو وأعلنت أن الدولة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي استوعبت الدرس جيدا وأدركت جيدا أن تنوع مصادر السلاح هو الطريق الأمثل لعدم الوقوع تحت رحمة طرف محدد وان الدبلوماسية المصرية الهادئة تسير بخطوات ثابتة وسريعة نحو استكمال منظومة التسليح لمواجهة الأخطار التي تواجه المنطقة العربية كلها وأن الحديث عن التنازل عن شبر واحد من الأرض غير وارد بالمرة وأن فكرة الوطن البديل مجرد حلم يقظة لترامب وعصابته.

القاهرة نجحت في إفساد مخطط خبيث لتوريط المنطقة العربية خاصة مصر في حرب أو مواجهة مسلحة ضد إيران بعد ان خرجت مصر من بيت الطاعة الامريكي وانسحبت من الجهود الأميركية لتشكيل "الناتو العربي"، على غرار حلف شمال الأطلسي مع الحلفاء العرب الرئيسيين، ويعتبر هذا الإنسحاب ضربة لمساعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لاحتواء نفوذ إيران وفشلها في توريط مصر في مواجهة مسلحة ضد إيران وهو الأمر الذي جعل الإدارة الأمريكية تعيد حساباتها مع مصر من جانب والمنطقة العربية كلها من جانب آخر.

أعتقد أن قرار الدبلوماسية المصرية بالانسحاب من الناتو العربي ضد إيران الذي كان يعده الصقور لتوريط جميع الأطراف العربية في حرب وهمية وهلامية ليست صحيحة علي طول الخط خاصة عندما تعمدت الولايات المتحدة الأمريكة ويساندها الغرب في وضع لعبة التخويف ووضع حواجز عدائية رهيبه بين السنة والشيعة مرة والمسلمين والمسيحيين مرات عديدة واللعب علي وتر الأقليات مرات أخري تحت مسميات عديدة، وبالتالي فإن نجاح الدولة المصرية في الخروج من بيت الطاعة الأمريكي أصبح أمر واقعي، ولكن يجب عدم الابتعاد بعيدا والوقوف في منتصف المسافة من جميع الأطراف ووضع استراتيجية مستمر تعلي مصلحة الوطن والمواطن ويجب أن يعلم ترامب وعصابته التي تعتقد أنها قادرة علي تحريك البوصلة السياسية في مصر كما تريد أن القاهرة تقف علي مسافة واحدة من جميع الأطراف وانها تساند القضايا العربية علي طول الخط وأنها لن تتخلي عن عروبتها وهويتها الإسلامية وأنها مساندة بقوة لأشقائنا العرب بما يتلاءم مع إمكانياتنا واستخدام سياسة الحوار البناء المبني علي قبول الآخر.

في النهاية يجب أن تعلم عصابة ترامب أن انضمام الدولة المصرية في تحالف القوات العربية التي تحارب الإرهاب الحوثي لتحرير اليمن الذي يعاني من التفكك والتشرزم وأنها تتخذ موقف عدائي من إيران في هذه القضية ليس معناه أن القاهرة في عداء ضد طهران علي طول الخط، ولكن هناك تنسيق في نقاط أخرى، وأن القاهرة دائما تعلي سياسة الاستقرار للمنطقة العربية ولم ولن تسع يوما لخوض حرب شعواء للبحث عن زعامة فارغة لن تستفيد منها ...اللهم إحفظ مصر وشعبها وأمتنا العربية من مخطط شيطان العالم ورئيس عصابته.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط