الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نورهان البطريق تكتب: صراع القلب والعقل‎

صدى البلد

وإني لفي ورطة مع قلبي، فقد ألححت عليه كثيرًا بأن يفتح أبوابه لساكن بعينه ،ولكنه كان في كل مرة يأبى، وكان في ريبة من أمره ،حاولت إقناعه بشتى الطرق ولكنه في كل مرة كان يعصاني ويرفض، فأخذتُ أنهره بكلام لازع، وصببتتُ علي أذنه غير وصيٌ عليّ ٌ ،فخرج عن صمته قائلا " إنه مجرد عابر مثل السابقين، فلا داعِ أن تنهال عليّ نوبات الحنين ،وأن تتناوب عليّ الذكريات كالسجان الذي يمر علي سجينه ليصفعه بين آن و آخر ، لا أرغب أن أتوق إلي الاشتياق ،فلم تعد حينها حيلة بيدي سوي أن أذرف دمعة في جوف الليل لن يشعر بها أحد سواي .وحدكِ فقط من تستطيعي أن تحمينني من كل هذا العذاب، وتغنيني عن الشعور بكل هذه الآهات. قاطعته :ولكن هذه المرة مختلفة عن سابقيها، أعدك بذلك. لا تعديني بشيء ،لأنك في كل مرة ترددين نفس الكلام وتلك الوعود ، وفي النهاية وحدي من يتجرع آلام التوابع. أقسم عليك أن تعطيني هذه الفرصة ،فأنا أشعر بأن هوي أحدهم شرع يجتاحني ومحبته صارت تعتريني ،فلا ترد له بابك، ليعود خائبا، إنما استقبله كقبول المنتصر الذي حارب ليفوز بمحبوبته.
حسنا سأنصاع لأوامرك من أجل القسم وحسب ،فلا تظني أنني مقتنع ، ولكن لدي عندك طلب قبل أن أفسح له المكان بأكمله،أنه إذا أذاقنى غصة و أتبعه بخذلان، اعلمي إني لن أعود أثق بكِ ثانية مهما قدمتي لي من قرابين الولاء لكي أسامحك ،لأنى حينها لم ولن أغفر لكِ أبدًا .

وافقت علي تلك المقايضة وشعرت حينها أننى في النهاية سأكون أنا الظافر والمنتصر ، ولم أعتقد أنه سيأتي اليوم الذي أعترف فيه بسذاجتي إلي الحد الذي يجعلني أندم على عدم سماع كلامه .فأنت اليوم تلوح لي بالوداع ،بالطبع لن أتمسح في بقاءك ،ولا يمكنني أن أعترض طريقك، لأني لو فعلتها ،لعترضت كرامتي هي عليِّ ،وأعلنت عليِّ الحرب .قل لي بالله عليك كيف أخبره أنه سيقضي اليوم ليلته يئن ،كيف أصارحه أنك بمفارق و أن حناياه ستغدو خاوية من الآن فصاعدا.

مشكلتي ليس في وجودك أو غيابك، مشكلتى أنني لم أعد بعد اليوم أهل لثقته، ولا أدري إذا كان سيبقي على قيد الحياة بعد رحيلك أم أن الحياة هي التى ستظل له قيدًا بسبب عابريها الغير مهذبين الذين لا يحسنون إقامته ،ويتعاملون معه على أنه مكان للاستيطان يغادونه كيفما يشاؤا وكما يحلو لهم ،دون أن يكتثروا إلي أنه تعامل معهم كالوطن ،يعطيهم حقوق المواطنة الاولى، مما لايدع مجالا للسفر أو دون أن يتسلل إليه أي احتمال للهجرة.

رحت أزعق على عقلي ،فرد علي مستفيقا من نعسته : ما بكِ ، قلت له معاتبة ألا يأت يوما وتفيق من غيبوبتك مبكرًا، فسأل :هل أحضرتني في أمر يومًا ما و تركتك عليكِ و شانكِ ، صمتُ قليلًا ثم قلت :لا. فاستطرد : هل من المعتاد ان تأخذي برأي فيما يتعلق بشؤون قلبك، فأجابته :لا ،ولكن كان عليك أن تتدخل دون أن أطلب منك، قاطعني حانقا :ألم أحاول التدخل ومنعتني ،وألزمتني أن أبقي ساكنًا دون حراك،سألته مستفهمة :أ بي شامتا. قال : مطلقا، بل كنتُ أرغب أن أكون منقذا ولكنكِ وقفتي لي حاجزًا ،فلا تلومنني و لا تلق علي بالمسؤولية.قاطتعته : لا فائدة من هذا العتاب فقد فات الأوان ،وحقا إني بتُ نادمة. فرد مقتضبا :حسنا. فسألته أن أستعين به لمصالحة قلبي، ويكون شفيعا لي عنده .فهز رأسه نافيًا ،فسألته غاضبة :لماذا ترفض الحضور معي، لأنني لم اقتنع يوما باختيارات السيئة رغم أنى أملك من الأفكار ما يجعلنى أتغاضي عنها و أمضي قدما دون أن أكترث، ولكنى كنت أتوقف عندها و أغوص بعدها في بحر من الأحزان ،فما بالك بمن يحمل بالمشاعر في دواخله ويملك الإحساس بين ثناياه كيف له أن يغفر لكِ خطيئتك ِ!!!!!!