الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سيد مندور يكتب: البلاء رحمة أم شقاء

سيد مندور
سيد مندور

سألني شاب ذات مرة، وقال لى: ما هو البلاء وما هى أنواعه؟ لقد كنت فى رغد الحياة اكتسب أموالا كثيرة تكفينى وأسرتى وتزيد، ونعيش فى صحة ورخاء، وفجأة تغيرت الأمور، وأصبحت لا أجد ما يكفينى، والأمراض تلاحقنى والشقاء يلازمني فهل هذا غضب وعقاب من الله أم ماذا ؟ 

قلت له : إعلم يا أخى بأن الله سبحانه وتعالى رحيم ولطيف بعباده ألم تقرأ قوله سبحانه: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ) ، وقوله تعالى : ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ 

والبلاء هو إختبار المولى لعباده وهو دليل عن الحب لأنه إذا أحب الله عبدا إبتلاه والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة.

ما دام أن العبد قد تاب وعاد، وأصلح العمل، فحينها يتفضل الله على عبده بالرحمة الواسعة التي قد وسعت كل شيء، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة".

إلا أن تلك الرحمة قد شملت الخلائق أجمعين من حلمه على عباده ورزقه إياهم وتوفيقه لهم في أمور معاشهم ودنياهم وغير ذلك مما يدل على فضله الواسع ورحمته البالغة، إنها رحمة عظيمة أعظم من رحمة الأم بولدها. فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغي؛ إذا وجدت صبيًا في السبي؛ أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار؟. قلنا : لا والله وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله أرحم بعباده من هذه بولدها ".

وفي هذا بشارة واضحة وجلية بسعة رحمة رب العالمين جل وعلا، وأنها دومًا تسبق وتغلب غضبه.

فرحمة الله واسعة ولكن كثير من الناس يرى أن المال والنجاح والصحة والرخاء نعمه، وحينما يأتيه الفقر والمرض والبلاء يظن أن هذا انتقام من الله له . أما قرأت قوله سبحانه وتعالى : {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}

ثم إنه متى فتح الله أبواب رحمته فلا ممسك لها ومتى أمسكها فلا مرسل لها، كما يقول سبحانه: ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم )

وقد قال ابن عباس في قوله تعالى: " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع "، أن الله أخبر المؤمنين أن الدنيا دارُ بلاء وأنه مبتليهم فيه وأمرَهم بالصبر وبَشّرهم فقال : " وبشر الصابرين "، ثم أخبرهم أنه فعل هكذا بأنبيائه وصَفوته لتطيب أنفسهم فقال: مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا .

ومعنى هذا أن البلاء دليل على حب المولى لعباده إذا رضوا وصبروا عليه.. أعرفتم أنه حب من الله لعباده الذين أحبهم.

فمن رحمة الله أن تحس وتشعر برحمة الله..