بخطوات ثابتة، تخطّى المنتخب الوطني مرحلة دور المجموعات في كأس الأمم الأفريقية. ويمكننا أن نُعطي تقييمًا «جيدًا» لمجمل أداء المنتخب في المباريات الثلاث التي خاضها حتى الآن.
تحققت مكاسب عديدة، في مقدمتها استعادة الثقة المفقودة منذ فترة، سواء ثقة اللاعبين في أنفسهم أو ثقة الجمهور في اللاعبين ومدربهم، بعد مرحلة من الشك طالت الجميع. ولأول مرة منذ مدة ليست بالقصيرة، تشعر أن الروح القتالية، والأداء الجماعي، واللعب بروح الفريق، قد عادت من جديد بعد غياب.
لا يمكن لأحد التقليل من دور محمد صلاح وثقله الفني، لكنني شخصيًا شعرت بأن الفريق لم يعد يعتمد على صلاح بمفرده، أو بمعنى أدق، أن الاعتماد الأكبر أصبح على عناصر الفريق ككل، وهو الوضع الطبيعي الذي يجب أن يكون.
المرونة التكتيكية التي أدار بها حسام حسن المباريات تُحسب له، خاصة بعدما أخذ عليه البعض جمود فكره التدريبي، لكننا رأينا منتخبًا قادرًا على تغيير طريقة وخطة اللعب وفقًا لإمكانات المنافس وقدراته الفنية.
حتى في المباراة الأخيرة أمام أنجولا، ومع تخوّف البعض من خسارة قد تعكر صفو المزاج الكروي المصري، منح حسام حسن الفرصة للبدلاء بالكامل. ورغم أن المستوى لم يرقَ لطموحات الجماهير، فإن الأمور سارت كما خُطط لها، وانتهت المباراة بالتعادل من حيث النتيجة، مع تحقيق مكسب بالغ الأهمية، وهو إراحة العناصر الأساسية لفترة طويلة، نأمل أن تكون خطوة موفقة، خاصة في ظل الملاحم البدنية المنتظرة في الأدوار القادمة.
ومن تابع مباراة الكاميرون وكوت ديفوار، ورأى حجم الصراع البدني الكبير بينهما، يدرك تمامًا طبيعة التحديات التي تنتظر منتخبنا الوطني.
وبالتزامن مع الأحداث الجارية في المغرب، التي تنظم — للأمانة — بطولة ناجحة للغاية حتى الآن، سواء على مستوى الحضور الجماهيري أو الملاعب الفخمة ذات الأرضيات الرائعة، خرج المتحدث الرسمي باسم وزارة الشباب والرياضة ليعلن أن مصر ستتقدم بملف تنظيم كأس الأمم الأفريقية نسخة 2028، مؤكدًا جاهزية الملاعب والمنشآت لاستضافة الحدث القاري الكبير…!
لا شك أن مصر تمتلك الخبرات والكوادر القادرة على تنظيم البطولة على أعلى مستوى، وقد حدث ذلك بالفعل في نسخة 2019، ونجحنا في إخراج بطولة مميزة. لكن يبقى السؤال الأهم: هل ملاعبنا ومنشآتنا الرياضية جاهزة فعليًا؟
باستثناء استاد العاصمة الإدارية، هل نمتلك استادًا آخر يضاهي استاد مولاي عبد الله أو استاد طنجة الكبير؟ المغرب تنظم البطولة على تسعة استادات، تحتار في اختيار الأجمل بينها، بينما تكفيك نظرة واحدة إلى أرضيات ملاعبنا ومدرجاتها لتعرف مدى الجاهزية.
ويكفي أن تعلم أن المسافة بين المدرجات الخلفية وأرضية الملعب في استاد الإسكندرية تقارب 70 مترًا! أما إذا كنت تملك رفاهية الصبر، فيمكنك الانتظار حتى تنمو «البذرة الشتوية» في استاد القاهرة.
عزيزي المتحدث الرسمي، أعتقد أن هذا التصريح كان ينقصه توضيح الكثير من الأمور، بخلاف كلمة «الجاهزية».
فمصر قادرة على إحداث طفرة حقيقية في المنشآت الرياضية، تماثل الطفرة التي حدثت في إنشاء الطرق والكباري، فقط عندما تتوفر الإرادة.