الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وسّع ياجدع للبيه.. أصل حكاية الأمشجي.. بودي جارد الباشوات في مصر زمان |نوستالجيا

صدى البلد

يركض في الشارع حافي القدمين، يرتدي زيا وثيابا مهترئة، مختلفا عن باقي المارة، من بنطال فضفاض أبيض اللون، بالكاد غطى ركبتيه، وقميص غطاه بصدرية مزركشة، ويعتلي رأسه الطربوش تتدلى من أسفله خيوطا سوداء حتى لا تشبه طرابيش الأفنديات والبشوات، يصوب عينيه نحو هدف طويل المدى لا تلمحه بعيناك ولكن تركيز ذلك الرجل فيه يشعرك بالتوتر، لا يتفوه بكلمات أثناء سيره، باستثناء جملة واحدة يعلو صوته بها يصيح في الأرجاء قائلا:" وسّع ياجدع وسّع للبيه".



عرفت شوارع مصر قديما، "الأمشجي"، ذلك الرجل الذي تسابقت خطاه عربة الحنطور التي تحمل الأعيان وكبار رجال الدولة، من أمراء وموظفين ، فكان يسير أمامهم عرباتهم ليفسح لهم الطريق ويبعد المارة من أمامهم، وكلما ركض أكثر وصاح في المارة بصوت أعلى، كان أكثر إرضاءًا لغرور رب عمله الذي يتملقه الأمشجي في عمله.



وكان الأمشجي مهنة معترف بها مع ظهور الحنطور في شوارع مصر، وكانت الدولة تحفظ بها مقامات كبار رجال الدولة بتوفير الأمشجية لهم، في مقابل مادي لهم، وكان يمنع عليهم ارتداء الأحذية، والسير حافيين الأقدام في الشوارع، ولكن هيئته تنم عن سلطة ومقام صاحبه، من قوة بدنه أو ثيابه المهندمة، أو السوط والعصا الذي أمسكو به أثناء ركضهم في الشارع.


اما عن كلمة أمشجي، فهي مصطلح عرفه المصريون أيام الحكم العثماني على مصر، وهي مشتقة من مصطلح أمشه أو قمشة بمعنى السوط الجلد، ولكن تم تحريفها باللغة التركية وإدخال الـ"جي" إليها نسبة لصاحب المهنة، لتصبح أمشجي، بمعنى حامل السوط.



وبالرغم من انتشار هذه المهنة في مصر قديما، إلا أن الأمشجية كانوا يخجلون منها، ويكتم البعض عن ذويهم عمله كأمشجي عند أحد الأعيان، ولكن مع مرور السنوات اندثر مسمى الأمشجي ليتبدل اليوم بمسى "البودي جارد"، الذي يسابق المسئولين والشخصيات الهامة في الدولة، لحمايته وإبعاد المارة من أمامه، كما تتسابق خطاهم مع السيارات لإفساح الطريق لها.