قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حكاية شارع.. حسن الأنور يجمع الأموات والأحياء وشهد أحداثا كبرى في تاريخ مصر


يقع شارع "حسن الأنور" في مصر القديمة، وسط منطقة ودعت قوات الاحتلال الروماني واستقبلت حجر أساس العمارة الإسلامية في مصر، وبين الوداع والاستقبال جرت على أرضه صراعات ومشاحنات وأحداث كثيرة مؤثرة في تاريخ مصر وربما العالم أجمع، وقلبها تحصن الرومانيون بقيادة المقوقس حاكم مصر من قبل إمبراطوريتهم بقلعة نابليون التي تقع على بعد خطوات من نهاية الشارع في انتظار ضمان سلامتهم.

ويتمتع شارع حسن الأنور في وضعه الراهن على مستوى العمارة والسكان والرواد بالبعد عن الصراعات والمشاحنات، ويعم بالسلام والمحبة والتسامح والاستقرار، فهو يبدأ بمجمع الأديان بمنشأته اليهودية والمسيحية والإسلامية ويمر من على أعتاب جامع عمرو بن العاص كما يجمع على جانبيه خصوصا في بدايته بين الأموات والأحياء، والأحياء معظمهم من رواد المقاهي وعمال الورش والمحال التجارية والأموات ينامون باطمئنان في مدافن الطائفة المارونية والأرمن الكاثوليك التي تمتد على مساحة تكاد تصل إلى نص الشارع، أما رواد الشارع فهم خليط من مختلف أجناس العالم ومعظمهم جاء للتبرك بمزاراته الدينية التي تمثل جميع الأديان السماوية.

ورغم الصراعات التي شهدها الشارع من تخريب للعمارة والآثار في وداع القوات الرومانية، إلا أنه شهد الأهوال ابتداء من نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية وحتى الدولة الفاطمية، فقد التهمته الحرائق وطاله التخريب المتعمد ثلاث مرات، الأولى عندما فر إليه مروان بن محمد آخر خلفاء الدولة الأموية، لينجو بنفسه من فتك قوات أبي العباس الهاشمي.

والحريق الثاني، الذي التهم الشارع وقع أثناء المجاعة التي وقعت في عهد الخليفة المستنصر بالله الفاطمي، أما الحريق الثالث وهو أكثرها دمارا فقد نفذه الوزير شاور أثناء خلافة العاضد الفاطمي عام 565هـ فعندما غزا عموري ملك بيت المقدس الديار المصرية، وعجز شاور عن الدفاع عنها أمر بإخلاء منطقة الفسطاط التي يتوسطها الشارع وحرقها حتى آخرها.

عمارة الشارع رغم الحرائق راحت تزداد وتتطاول أثناء حكم الأمويين والعباسيين، وفي عام 439 هـ شاهدها الرحالة ناصر خسرو، وقال إنها كانت تضم بيوتا من 14 طبقة، والأغرب أنه قال إنه سمع من ثقات أن شخصا من سكان الشارع غرس حديقة على سطح منزله بالشارع وكان من سبعة أدوار وحمل إليها عجلا رباه فيها حتى كبر ونصب فيها ساقية كان هذا الثور يديرها ويرفع الماء إلى الحديقة من البئر وزرع على هذا السطح الورد والريحان ومختلف أنواع الزهور.

وفي عصر الدولة المملوكية دخل الشارع والمنطقة المحيطة به مرحلة سياسية أخرى فقد كان يشارك في تنصيب الملوك والسلاطين ويمنحهم الشرعية، فقد سكن على حافته الشيخ أبو السعود محمد بن أبي عبدالله بن أبي الحسن المديني الشافعي المعروف بالجارحي، وهو أحد كبار المتصوفة في الربع الأول من القرن العاشر الهجري، وكان الأمراء المماليك يلجئون إليه حين يختلفون فيمن يتولى السلطة، وكان يتولى من يجمعون عليه، ويأمر باقي الأمراء بالقسم على المصحف بين يديه على الولاء والطاعة التامة للسلطان الجديد.