أحمد عواض: نشأة السينما في مصر تزامنت مع بزوغها عالميا

قال الدكتور أحمد عواض رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، إن نشأة فن السينما في مصر تزامن مع بزوغها في العالم ولم تكن البدايات ببعيدة، فقد جاء العرض السينمائي الأول في مدينة الإسكندرية بتاريخ 5 نوفمبر 1896 بفارق أقل من عامين على العرض الأول في باريس في ديسمبر 1895، حيث تم عرض شرائط الأخوة «لوميير» في بورصة طوسون، وعرضت الشرائط نفسها بالقاهرة في الشهر والعام ذاتهما.
وأضاف الدكتور أحمد عواض، خلال مشاركته في ندوة عن تاريخ السينما خلال فعاليت معرض بلجراد الدولي للكتاب التي تحل فيه مصر ضيف شرف الدورة الحالية، أن نشأة السينما في العالم كانت وثائقية ولم يختلف الوضع في مصر عنه في العالم، والسينما الوثائقية عبارة عن مشاهد تم تصويرها بالتقنية المتحركة للصور ولكن من دون سياق روائي، بل عبارة عن تصوير لبعض المشاهد المرتبة ذات الصلة بموضوع معين؛ كتصوير أحد المظاهر الاجتماعية أو مشهد طبيعي أو التصوير الإخباري.
وتابع رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، لذلك نجد مثلًا بعثة لوميير الأولى 10 مارس 1897 قامت بتصوير عدة أفلام من مظاهر الحياة اليومية في الاسكندرية والقاهرة فكانت 35 فيلمًا منها ركوب الباخرة، وصول القطار، تشريف الخديوي وحاشيته لحفل الموكب وغيرها من مظاهر وصور الحياة اليومية، ولم تختلف عنها بعثة لوميير الثانية فكانت في عام 1906 ورصدت صورًا للأماكن الطبيعية القاهرة والأقصر وأسوان.
واستطرد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، يمكن القول بأن البداية الحقيقية للولوج في المجال السينمائي كانت عام 1907، أي بعد عام من بعثة لوميير الثانية وكانت من خلال «عزيز بندرلي» و«امبرتو ملافاس»، حيث نجحا في خوض أول تجربة مصرية في التصوير والإخراج والتحميض والطباعة بأموال مصرية، كما تم العرض داخل مصر، وتمثلت هذه التجربة في الفيلم الإخباري «زيارة جناب الباب العالي للمعهد العلمي في مسجد سيدي أبو العباس»، وتم الإنتاج بمباركة من الخديوي «عباس حلمي الثاني» حاكم مصر آئنذاك، واستمر الأمر لاستحسانه للفكرة، مما يشير إلى الدور العام الذي لعبه النظام ممثلا في الخديوي لاستمرار هذا النمط من الفن.
وأشار رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، إلى البدايات الأولى للسينما الروائية الطويلة التي جاءت المرحلة الأولى في سينما اليوم وهي السينما الروائية الطويلة من خلال فيلمي«قبلة في الصحراء» في مايو 1927، تلاه في نوفمبر من نفس العام فيلم «ليلى» إخراج «إستفان روستي»، كما شهدت تلك الفترة أيضًا أول فيلم روائي مأخوذ من عمل أدبي وهو فيلم «زينب» للمؤلف «محمد حسين هيكل» عن روايته المنشورة 1914، والتي نجح في تحويلها لعمل فني المخرج «محمد كريم» والفنان «يوسف وهبي» والذي تولى الإنتاج، وتم تصوير الفيلم في الريف المصري وتدور أحداثه حول قصة حب بين «زينب» و«إبراهيم» الفتى القروي البسيط. وعُرض الفيلم في 1930 ولاقى نجاحًا شديدًا الأمر الذي شجع مخرجه محمد كريم على إعادة إنتاجه في 1952 ولكن بالتقنية الناطقة. ولعل من أهم ما يميز فيلم «زينب» أنه شهد أول عملية تلوين في السينما المصرية فقد تم تلوين إحدى مشاهد الفيلم في باريس، علمًا بأن تكلفة تلوين هذا المشهد فقط تكلفت ما يقارب رُبع الميزانية.
وأكمل رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، : لم يمضِ وقت طويل حتى دخلت السينما المصرية مرحلة جديدة وهي مرحلة السينما الناطقة والتي تزامنت مع ظهور التقنية نفسها على المستوى العالمي فكان أول فيلم ناطق تم إنتاجه في «هوليوود» هو فيلم «The Jazz Singer» في عام 1928، وجاء أول فيلم مصري ناطق في مارس 1932 وهو فيلم «أولاد الذوات» من بطولة «يوسف وهبي» و«أمينة رزق» وتدور أحداث الفيلم حول شخصية «حمدي بك» المحامي الذي يقع في حب فتاة فرنسية «كوليت فاراي» ويترك أسرته ليهرب معها إلى باريس ثم تتوالى الأحداث ليكتشف خيانتها له وتتصاعد الأحداث بقتلها ودخوله السجن، ثم يعود بعد ذلك لمصر وأسرته التي هجرها في فرح ابنه الذي لم يعرفه وينتهي الفيلم بشكل درامي بانتحار الأب.
واختتم رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة: لم تشهد السينما المصرية حالة الشد والجذب بين رواد السينما الصامتة وداعمي التقنية الناطقة، وربما يعود ذلك الأمر أن السينما المصرية بدأت بالفرق المسرحية ولم يكن لها الاستقلالية الذاتية عن فن المسرح فكان قوامها الأولي فرق «الجزايرلي» و«علي الكسار» و«يوسف وهبي» وغيرهم ممن اعتادوا على التفاعل الجمهوري الصوتي، بالإضافة إلى أن الإنتاج الصامت في مصر كان هزيلًا، فلم يحدث ما حدث في السينما العالمية والصراع بين التقنية الناطقة والسينما الصامتة انتهى لصالح الأولى، فما لبثت أن شهدت السينما العالمية فجرًا جديدًا وصناعة جديدة بوجوه مختلفة عن تلك التي سادت في المرحلة الصامتة، إلا أن هذا الأمر لم يسرِ على نفس النهج فكان رواد الصناعة هم أنفسهم كمحمد كريم ويوسف وهبي وتوجو مزراحي.