أدعو كافة المراكز البحثية والجامعات. في مصر والعالم. وكافة الفاعليات المعنية بدراسة الواقع السياسي العالمي المعاش، وتداعياته علي كافة الأصعدة. بدراسة التحولات المفاجئة التي طرأت علي هذا المسار تحديدا. هل انهارت المشروعات السياسية الكبري في العالم؟ ما أسباب التحول في المزاج العام، سواء في الاحتجاجات أو حتي الانتخابات؟ ما الأسباب التي تدفع الشعوب، لتغيير أفكارها وخياراتها؟ هل الشريحة الثائرة اليوم، هي تلك الشريحة الرمادية التي لم تشترك في أي حراك سابقا؟ أم أنه جيل جديد خلق في أزمة مستمرة منذ عقد ونصف العقد؟.
ماذا لو كان كل ما يعتقد به عن الحرية والديمقراطية والثورة، وهما مصنعا بعناية. تحت سطح الاحتجاجات الملونة، والانتفاضات البطولية، تكمن آلية عالمية خفية للسيطرة علي العقول، تدبرها نخب قوية، لتقسيم الجماهير والتلاعب بها واستعبادها. في الواقع القاسي للثورات الملونة، والذي يميط اللثام عن عمليات سرية مصممة بدقة لتمزيق المجتمعات، وقمع الوحدة والمقاومة.
هل انتفاضات اليوم العفوية، هي حقا ثورات شعبية، أم هي مسرحيات مدبرة بمهارة تديرها مصالح أجنبية؟ في نيبال مثلا، تكشف الأحداث الأخيرة، عن انقلاب رقمي متخفي في زيٍ ديموقراطي مسخر بذكاء لإعادة تشكيل مصير أمة، وترجيح كفة ميزان القوي في آسيا. هل ما شهدناه مؤخرا من اضطرابات، ثورات ملونة مدعومة من الغرب؟ وهل ثمة شبكة دولية تتحكم في العقول فعلا؟ وما الآلية وراء هذه الثورات؟ ماذا تعني السيادة، عندما يكون كل احتجاج معرض للتلاعب، عندما تصبح كل منظمة غير حكومية سلاحا؟
وهل يمكن لبعض الدول أن تحافظ علي استقلالها الحقيقي في هذا العالم الجديد المضطرب؟ أم هي مجرد ساحات معارك للإمبراطوريات المتنافسة؟. يقود الغرب الآن عقيدة أكثر قسوة وصرامة، نهج يفضل القوة الغاشمة، علي الحوار واحترام سيادة الدول. ويعتمد الإكراه والاخضاع، بدل الاقناع.
لقد خلع الشمال العالمي قناعه. ما تبقي هو سياسات الهيمنة المطلقة العنان. حروب خارجة علي القانون، وصدامات استراتيجية ومبادئ أخلاقية تنسف في سبيل السيطرة. من أنقاض غزة وحطامها، وحرب الإبادة. إلي مفاعلات إيران النووية التي قصفت.
ومن صمت أوروبا. إلي وزارة الحرب الجديدة في واشنطن. كل ذلك يمحو الحدود الفاصلة بين الدفاع عن النفس، والهيمنة علي الأخرين. لم يعد الأمر يتعلق بمن يضع القواعد. بل من يجرؤ علي العيش من دونها. إذا كان الغرب نفسه، لم يعد يحترم قواعده، بل تخلي عنها بالكامل. فمن سيحدد النظم العالمية الجديدة؟ ومن يتولي قيادته؟