الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المتهمون بالحب!


سألتني صديقة شابة عن هدية تشتريها لنفسها بمناسبة اليوم العالمي للعزاب.. قالتها وكلها ثقة في الذات ونبرة تهكم من تلك النساء المتيمات بحرفي الحاء والباء وكأن انتظار فارس الأحلام صيحة قديمة لم يعد لها وجود في هذا الزمان!.. وسرعان ما عدت بذاكرتي إلى الوراء وتحديدًا لرواية بيت الطالبات التي صدرت ضمن مجموعة قصصية عام 1961 خاصة وأنا أنعي كاتبتها فوزية مهران والتي رحلت عن عالمنا منذ أيام وكانت دومًا تشجعني على نشر خواطري الرومانسية في زمن قل فيه الغرام، وتذكرت حكايات بطلات رواياتها الثلاث ما بين هاوية الشعر المعجبة بأحد الصحفيين وتلك الحالمة بعريس يحقق أحلى غد، والثالثة التي أجلت مشاريع الارتباط لحين التخرج..

ورغم أن هذه الرواية لم تكن تعبر عن جيلي إلا أنني وغيري من مواليد السبعينات تأثرنا بكل ما تحمله من مفاهيم وسرعان ما عدت لآخر أرقام صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فيما يخص الزواج علّني أصل لدليل إرشادي يساعدني على فهم نظرة بنات اليوم في مسألة الارتباط .. ففوجئت أن عدد الإناث اللاتي لم يتزوجن في الفئة العمرية 35 عاما فأكثر نحو 472 ألف أنثى بنسبة 3.3% من إجمالي عدد الإناث عن تلك الفئة العمرية خلال عام 2017 مقابل 687 ألف حالة ذكور بنسبة 4.5% من إجمالي أعداد الذكور من نفس الفئة العمرية أي أن العزاب الذكور أكثر من الإناث!.. 

بينما سجل الجهاز عدد 211ألفا و554 شهادة طلاق عام 2018.. كذلك كشف تقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء أن حالات الطلاق في مصر أصبحت بواقع حالة واحدة كل دقيقة ونصف دقيقة ويقدر عدد المطلقات بأكثر من 5.6 مليون على يد مأذون بالإضافة إلى 250 ألف حالة خلع، كما أن نسبة غير المتزوجين بين الشباب والفتيات وصلت إلى 15 مليون حالة!..

وإذا كانت الأرقام السابقة تؤكد أن العزوبية باتت شيئا مقبولا في مجتمعنا وإلا ما كانت في تزايد مستمر.. فلما أتعجب من تقليد بنات وشبان اليوم للغرب والاحتفال بما يسمونه اليوم العالمي للعزاب أو "عيد السناجل" على حد قولهم!.. وهي مناسبة اخترعتها شركة صينية للترويج لمنتجاتها عام 2009 واختارت يوم 11/11 ليكون تكرار رقم واحد رمزا للوحدة، ليهدي كل من يعانيها هدية لنفسه ويجعل من هذا اليوم فرصة للتنزه عله يودع العزوبية ويقابل شريك العمر!..

والغريب أن هذا الاحتفال ذاع صيته في مصر وبعض البلدان العربية منذ العام الماضي وأصبح الكثير من العزاب يستعدون له لكن بطريقة مختلفة، فبعضهم يتباهى بوحدته ويعلن عن فرحته بتجنب ويلات الارتباط بعد ما ذاق عذاب الفراق، وآخر يرفع شعار المستقبل المهني الباقي والأهم .. 
 
ولأنني أنتمي لتلك القلة المندسة الهائمة بهذا الساحر المسمى"الحب" ولا يزال يسري بين دمائي حنين هادر لرجل العمر عله يأتي فيغير الأقدار، فلن أشجع أبدًا على الاحتفال بهذا اليوم وسأظل دومًا أنصح كل رجل وامرأة باستعادة تعاليم الزواج القائم على السكن والمودة والرحمة، فما أريده وغيري من المتهمين بالحب لا يمكن أن يباع ولا يشترى ولا تستطيع الصين أن تروج له بعيد.. فما نحتاجه مشاعر... فقط .. مشاعر عشق حقيقية.. لا تذبل.. أو تجف.. أو تموت.. نحتاج رجالا ونساء يجيء كل منهم في حياة الآخر ليبقى الشعاع الذي ينير طريقه حتى الممات.. فهل مطلبي هذا في دائرة المحال؟!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط