الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد 900 يوم .. القصة الكاملة لقتل الطفل يوسف العربى على يد حفيد رئيس مجلس الشعب الأسبق ونجل لواء سابق

الطفل يوسف العربي
الطفل يوسف العربي المجنى عليه

ارتفعت أصوات صراخ الأطفال بميدان الحصرى عقب مشاهدة صديقهم يوسف العربى ملقيا على الأرض بدون اى مقدمات والدماء تنزف منه، تجمع حوله الاطفال بروح البراءة يحاولون التحدث معه لكنه لم يسمع نداءهم إلى الأبد .

فى يوم 18 مايو 2017 الساعة الحادية عشرة مساء استقبل مستشفى جامعة 6 أكتوبر جسد الطفل يوسف العربى بعد أن أصيب بطلقة طائشة من أحد الأفراح بمدينة 6 أكتوبر محاطا بالأسلاك وأجهزة الإعاشة بعد أن اغتالت براءته "طلقة طائشة".

الطفل يوسف العربي استقبله المستشفى مصابا بتوقف بعضلة القلب، تم إدخاله فورا إلى غرفة الطوارئ وإجراء إنعاش رئوي له لمدة 40 دقيقة، وهي تعد فترة طويلة لتوقف القلب حتى استعاد نبضاته مرة أخرى، وبعد إجراء أشعة وفحوصات كاملة تبين اختراق رصاصة رأس الطفل وإصابته بجذع المخ فتوقف قلبه لولا صدمات الكهرباء التي أجراها له فريق الأطباء أعادته للنبض مرة أخرى ولكن دون حياة بعد تلف خلايا المخ.

ذهول بين أصدقائه وأفراد أسرته الذين هرعوا إلى المستشفى، حيث لم يدرك أحد ما حدث له ولم يستوعبوا كيف أصابته تلك الطلقة التي صنفتها قوات الأمن بأنها "طائشة"، خاصة أنهم لم يسمعوا أي أصوات لرصاص في محيط توقفهم بميدان الحصري، ما زاد الاندهاش وصول طالبة طب بيطري مصابة أيضا بطلق ناري بالظهر في توقيت متقارب للغاية من إصابة يوسف فبدأت الشائعات تنتشر حول مجنون طليق يمطر المارة بالرصاص، ما أثار الرعب في منطقة الحصري، إلا أن أجهزة الأمن حاولت قدر الأمن نفي تلك الشائعة لطمأنة المواطنين.

فريق بحث مكبر شكلته مديرية أمن الجيزة من مباحث أكتوبر والأمن العام للوقوف على حقيقة الواقعة وحل اللغز والوصول إلى مطلق النيران، وقف اللواء إبراهيم الديب، مدير الإدارة العامة للمباحث حينذاك، بمسرح الحادث لإجراء معاينة تصويرية، وناقش مدير المباحث عددا من أصدقاء المجني عليه الذين كانوا يرافقونه وقت الحادث، كما ناقش عددا من شهود العيان وعاملي دليفري نقلا الطفل إلى المستشفى.

بعد مناقشة قرابة 3000 شخص من سكان المنطقة والعاملين بالمطاعم المحيطة بمسرح الحادث وتسجيل شهاداتهم تطرقت خطة البحث إلى فحص أسطح العقارات المجاورة لمكان سقوط الطفل، حيث أفادت المعاينة الأولية بأن المقذوف سقط من مكان أعلى من مستوى وقوف المجني عليه وعمد فحص العقارات إلى احتمالية العثور على فارغ طلقات قد تشير إلى إطلاق النيران من عليها واستعانت فرق البحث بخبراء الأدلة الجنائية لوضع تصور للمسافة التي أطلقت منها الرصاصة، وقال اللواء إبراهيم الديب، مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، إنه أثناء قيامه بإجراء المعاينة كان يتولى فريق آخر من الضباط فحص باقي المناطق بأكتوبر على مسافة أكثر من 4 كيلو مترات حتى نادي وادي دجلة وطريق الواحات لبيان ما إذا كان هناك إطلاق أعيرة نارية في وقت معاصر لإصابة يوسف.

وأضاف أنه تم فحص أسطح عشرات العقارات ومازالت عملية البحث مستمرة بحثا عن أي فوارغ طلقات توحي بإطلاق الرصاصة، فيما أشار إلى أن الطلقة أطلقت من مسافة بعيدة وأخذت مداها في الهواء حتى كان آخر مداها اصطدمت برأس الطفل.

وفحص فريق المباحث أيضا معسكرات الأمن القريبة من موقع الحادث لبيان ما إذا كان هناك تدريب في وقت متزامن مع إصابة يوسف من عدمه، وامتدت خطة البحث إلى فحص دار أيتام على مقربة من مكان الحادث، وقامت قوة من مباحث أكتوبر أول برئاسة العقيد عمرو البرعي، مفتش مباحث قطاع أكتوبر، وقت وقوع الحادث بإعادة فحص وتمشيط محيط الموقع بالكامل وإعادة إجراء المعاينة لوضع تصور كامل وجميع الاحتمالات، خاصة بعد ورود بلاغ آخر بإصابة فتاة تبلغ من العمر 18 عاما بشظية رصاصة بالظهر في ذات التوقيت الذي أصيب به يوسف ولكن في مكان مختلف وتم نقلها إلى المستشفى، وتبين أن إصابتها كانت سطحية وتم تقديم الإسعافات اللازمة لها بعدما أحدثت الطلقة التي إصابتها فتحة دخول وخروج.

4 مجموعات من ضباط مباحث أكتوبر والأمن العام استكملت عملية البحث وتولت كل مجموعة منها أحد الخيوط لتتبعه، وشملت الخيوط الأربعة "مكان الحادث، الأماكن المحيطة، ومعسكرات الأمن" وأخيرا فحص حفلات الزفاف "الأفراح" التي أقيمت في يوم الحادث.

وقالت مصادر أمنية إن فريق البحث تولى فحص 3 أفراح أقيمت بالأحياء الثالث والرابع والخامس، ويتم التركيز على الحي الخامس باعتباره الأقرب من مكان الحادث الذي وقع بالحي السادس، حيث تم نشر مخبرين لمسح تلك المناطق، طوال 8 أيام قام فريق البحث بفحص أسطح قرابة 400 عقار على مسافة 4 كيلومترات من مكان وقوع الحادث، كما تم حصر حفلات الزفاف التي أقيمت في وقت معاصر لوقوع الحادث حتى تم الوصول إلى إقامة 3 أفراح في ذات توقيت إصابة الطفل يوسف والطالبة دعاء.

فحص فريق البحث برئاسة اللواء محمد عبد التواب، مدير المباحث الجنائية آنذاك، أماكن الأفراح الثلاثة وصولا إلى الفيلا رقم 1888 بشارع الرئاسة، والتي تقع خلف ميدان الحصري وتبعد أكثر من 1500 متر من مكان الحادث، وعثرت القوات تحت رئاسة العقيد عمرو البرعى، مفتش مباحث أكتوبر، على 18 فارغا أعلى سطح الفيلا التي أقيمت فيها حفل الزفاف، وكانت البداية لحل اللغز، حيث ألقي القبض على "العريس" الذي أقيم حفل خطوبته بتلك الفيلا، وتبين أنه يدعى "زياد. م"، 22 سنة، طالب بكلية التجارة بمركز طامية بالفيوم، واعترف بقيامه وشخصين آخرين بإطلاق الأعيرة النارية من بنادق آلية كانت بحوزتهم ابتهاجا بحفل الخطوبة.

وأطلق المتهمون الثلاثة الرصاص من بندقية آلية ابتهاجا بحفل خطوبة الأول، وأن من بين مطلقي النيران ضابط بإدارة البحث الجنائي بالفيوم ونجل عضو بمجلس الشعب وخال العريس، وألقى القبض علي خال العريس وصديقه، وأمرت النيابة بحبسهم بتهمة الإصابة الخطأ.

وبعد 11 يوما من الحادث لفظ الطفل يوسف أنفاسه الأخيرة داخل المستشفى، وقال الدكتور إيهاب صفوت، مدير مستشفى جامعة 6 أكتوبر، إنه طوال 11 يوما لم تتحسن حالة يوسف لوجود إصابة جسيمة بجذع المخ، مؤكدا أنه لم يكن هناك إمكانية لأي تدخل جراحي لخطورة الحالة.

وأضاف صفوت: "الأمل كان ضئيل، كنا بنحاول نحافظ على حياته من أجل الأمل"، مختتما حديثه قائلا: "العملية كانت عملية وقت ويوسف كان محتاج عناية إلهية مش عناية مركزة".

بعد إخطار النيابة بوفاة الطفل يوسف أمرت بتعديل التهمة للمتهمين من الإصابة الخطأ إلى القتل الخطأ وحيازة أسلحة نارية وذخائر مع تجديد أمرها بضبط وإحضار نجل البرلماني وضابط الشرطة ولم يتم ضبطهما حتى أحيل المتهمون للجنايات.

مر عام على الجريمة عندما قضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، بالسجن المشدد 7 سنوات لـ3 متهمين بينهم الهاربان والمتهم الرابع بالسجن 5 سنوات، وتغريم كل منهم 20 ألف جنيه.

يوم الاثنين الماضي أيدت المحكمة الحكم، والبحث عن المتهمين الهاربين، حيث اعتبرت أن طلب دفاعهما بإعادة محاكمتهما مرفوض، وأيدت الحكم بسجنهما غيابيا لعدم حضورهما بشخصيهما أمام المحكمة، ما اضطر المتهمين إلى تسليم نفسيهما بعد مرور عامين كاملين على مقتل الطفل يوسف.

المتهمان هما النقيب طاهر محمد أمين أبو طالب، ضابط سابق بإدارة البحث الجنائي بمديرية أمن الفيوم، وتم فصله بعد الجريمة، ونجل اللواء محمد أمين أبو طالب، مدير أمن بني سويف السابق، وحفيد صوفي أبو طالب، رئيس مجلس الشعب الأسبق، والمتهم الآخر هو الطالب خالد أحمد عبد التواب، نجل الراحل اللواء أحمد عبد التواب، عضو مجلس النواب السابق عن دائرة طامية بالفيوم أمين سر لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان.

اليوم قضت محكمة جنايات جنوب الجيزة، المنعقدة بالتجمع الخامس، بسجن المتهمين الاثنين في واقعة قتل الطفل يوسف العربي بالخطأ في منطقة الحصرى بأكتوبر بالسجن 5 سنوات و أعيدت إجراءات محاكمة المتهمين، بعد إلقاء القبض عليهما، لصدور حكم غيابي بحقهما بالسجن 7 سنوات.

كانت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، أصدرت حكمها على 3 متهمين- بينهم هاربان اثنان - بقتل الطفل يوسف سامح العربي، في ميدان الحصري بمدينة 6 أكتوبر في مايو الماضي، بمعاقبتهم بالسجن 7 سنوات، مع إلزامهم بالمصاريف الجنائية.

وأحالت النيابة في 6 نوفمبر الماضي، قضية مقتل "الطفل يوسف"، نتيجة إصابته بطلق في الرأس، أثناء وقوفه بأحد المحلات، إلى محكمة الجنايات.

وتضمن قرار الإحالة الذي أعدته نيابة أكتوبر الكلية بإشراف المستشار مدحت مكي، المحامي العام الأول للنيابات، إحالة 4 متهمين، بينهم اثنان محبوسان، واثنان هاربان لم يتم إلقاء القبض عليهما على مدار فترة التحقيقات، حتى الانتهاء منها والتصرف فيها بالإحالة لمحكمة الجنايات.

وكشفت تحقيقات النيابة، عن أن من بين المتهمين في القضية ضابط هارب ونجل عضو بمجلس النواب، وأن الرصاصة التي أصابت "يوسف"، انطلقت من أحد الأفراح المقامة بالقرب من مكان إصابته، وأن الفرح شهد إطلاق نار عشوائي من المتهمين الذين ألقى القبض على اثنين منهم، وصدر قرار بضبط وإحضار الاثنين الآخرين، لكن قوات الأمن لم تتمكن من القبض عليهما حتى إحالة القضية لمحكمة الجنايات.