الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التغيير بالفوضى على مدى 8 سنوات


على مدى 8 سنوات كاملة، وبالتحديد في الشتاء القارس يناير 2011 كانت المنطقة العربية على موعد مع التغيير بالفوضى.

وليس التغيير بالثورات كما يحب البعض أن يقول أو يدعي.

لأن التغيير بالثورات، كان يقتضي بداهة أن يكون لهذه الثورة قائد يقود مجريات الأمور، ويرفع لافتة محددة من المطالب في وجه النظام الذي يثور ضده وتتحرك الجماهير المؤيدة لدعوته.

لكن الحال في البلاد العربية، كان غريبا، وجاء التغيير بالفوضى مجموعة حشود تخرج للشارع تتنازع كل منها رغبات محددة فوسط هؤلاء وأولئك، المؤمن بالاشتراكية ووسطهم الديني المتطرف المؤمن بالخلافة الإسلامية وبينهم المؤمن بالمواطنة، أو بالدولة كدولة ويتظاهر فقط لتغيير نظامها.

ووسط هذه الحشود، التي اجتمعت ووخرجت للتغيير، كل في عقله رؤية معينة للتغيير المنشود، حدثت الفوضى في العالم العربي واصطلح على تسميتها "ثورات الربيع العربي".

وكان هذا شيء لم يعرفه التاريخ، ولم يدرس في العلوم السياسية، أن تخرج حشود بدون قائد وبدون مطالب واضحة وبرغبة في التغيير أيا كان هذا التغيير أو حجمه أو ملامحه أو من سيجلس على قمته.

وعليه خرجت الحشود في مصر وتونس وليبيا وسوريا ثم اليمن وبعد ذلك بسنوات في العراق والجزائر ولبنان، كلها تطالب بالتغيير ولا تعلم أي أرضية سياسية تقف عليها ولا تعلم أي قائد يقود هذه الجموع ويحدد مطالبه من النظام الثائر ضده..

المهم أنها ثورة وكفى ضد الأوضاع الموجودة!

وفي العلوم السياسية، فان المصطلح الأقرب لهذه الأوضاع هى الفوضى الخلاقة، أو الفوضى التي قد تنتج شيئا.

وفي الأوضاع العربية خلقت هذه الفوضى على مدى سنوات أوضاعا جديدة وانظمة مختلفة، بعضها كان جديدا على المشهد وبعضها راسخ في أدبيات العمل السياسي والعسكري داخل جدران هذه الدول.

وإزاء هذه الأوضاع الشاذة في التغيير والرغبة الجامحة في قلب كل شىء، كانت الدولة الوطنية في وجه العاصفة وأصبحت الدولة في حد ذاتها ككيان مهددة. فمصر كانت مهددة بحرب أهلية بين تيار اسلامي وتيار مدني، وتونس للحظة مهددة بين هذان التياران وليبيا مهددة وتتنازعها الأهواء بين قيادة ترفع راية الدولة وقيادة تساندها الميليشيات والوضع لم يكن مغايرًا في اليمن أو سوريا او غيرهم.

فالدولة الوطنية كانت هى الأولى في المواجهة، وكانت عملية انقاذها هى المهمة الأولى في بديهات بعض الأنظمة وفي مقدمتها مصر. والتي انتفض نظامها للحفاظ على الدولة أولا والعمل على تقويتها ثم الالتفات بعد ذلك إلى المطالب الشعبية. وكان النظام الذي يترأسه الرئيس السيسي ناجحا في الحفاظ على الدولة وفي الانتباه لمطالب المواطنين والقيام بإصلاح مالي واقتصادي.

لكن الوضع لا يزال صعبا في ليبيا والعراق ويصل إلى درجة الخطر في لبنان.

ووسط هذا التغيير الطارىء بالفوضى عبر الحشود، كان على المواطن العربي أن يدفع فاتورة فادحة من مأكله ومشربه واستقراره وكيانه وعمله على مدى سنوات.

صحيح أن حلمه كان التغيير للأفضل ، لكن بعض الأحلام أو على الاقل أكثرها تحولت إلى كوابيس مفزعة على المواطن العربي الذي وجد نفسه لا يتحرك للأمام كما كان منتظرا، ولكنه بصعوبة يقف مكانه ويحاول الحفاظ على حياته وأسرته وعمله. ولا يمكن لأحد مهما كان أن ينكر انه تعرض لضغوط عصيبة خلال السنوات الماضية سواء كانت ضغوط مادية أو أسرية او سياسية.

فكل الاوضاع قُلبت بالفوضى، والفوضى بعضها وصل الى شط الامان وبعضها لا يزال يتأرجح في الجحيم ويغلي تحت نيران التظاهرات ولم يصل لشيء.

والخلاصة.. المواطن العربي خلال السنوات الماضية تعرض لضغوط هائلة وتغييرات عاصفة، وهناك حاجة لإصلاح نفسيته وأوضاعه وأخذه من يده مرة ثانية على طريق الاستقرار.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط