الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأهلي..الزمالك..فصل الإدارة عن الكرة ؟


يبدو أن فصل إدارة الأندية الرياضية على المستوى الاجتماعي، عن منظومة كرة القدم ، أصبح ضرورة ملحة، لمعالجة السلبيات التي لحقت بكرة القدم المصرية، بعد تطبيق الاحتراف " الشكلي "الذي يعاني من العديد من السلبيات و لم يحقق النتائج المرجوة من تطبيقه.

وكان من النتائج السلبية لهذا الاحتراف المنقوص ارتفاع أسعار اللاعبين ورواتبهم إلى أرقام فلكية، تخطت القيمة الفعلية للاعبين ، مثلما تخطت عملية الإنفاق على كرة القدم العائدات المادية من الرعاة، والإعلانات ، والبث تلفزيوني . 

وجاء تزامن تدهور نتائج الفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك، مع تصريحات حسام البدري، المدير الفني للمنتخب المصري، بأن الدوري المحلي، لا يفرز لاعبين دوليين، قادرين على المنافسة العالمية، فضلا عن فشل الأهلي في الفوز ببطولة إفريقيا للأندية خلال العامين الأخيرين، وتلقيه هزائم ثقيلة من فرق إفريقية تقل ميزانيتها عن ربع ميزانية النادي الأهلي، جعل من الضروري، بل من الحتمي، أن تسند إدارة الكرة في مصر ، خاصة في الناديبن الكبيرين ، الأهلي ، والزمالك ، لإدارة محترفة، سواء كانت شركة عالمية متخصصة في إدارة وتسويق الفرق الرياضية، أو من خلال عقد اتفاقيات مع إدارات كروية لأندية عالمية، مثل ليفربول، وريال مدريد، وبايرن ميونخ. وهذه الأندية يمكن في حال توليها قيادة الفرق المصرية أن تفتح مجالات لاحتراف المواهب الكروية المصرية بهدف استنساخ العديد من محمد صلاح نجم ليفربول.

فقد أصبح من غير المقبول في زمن الاحتراف حصول اللاعب المصري المحترف على راتب يصل لنحو ١٢ مليون جنيه، في حين يقفز هذا الراتب الى ٢٠ و ٣٠ مليون جنيه للمحترف الأجنبي ، في حين يتعمد اللاعب اللعب بإستهتار ، لو تأخر النادي عن صرف جزء من هذه الرواتب الخيالية ، بسبب ظروف خارجة عن إرادة النادي، نتيجة مشاكل تمويلية من جانب الرعاة، في وقت ، يضمن فيه الإتحاد الدولي" الفيفا " للاعب الحصول على مستحقاته كاملة ، في حال رفض النادي الوفاء بإلتزاماته تجاهه ، و إلا تعرض النادي لعقوبات رادعة، تصل إلى حد الخصم من النقاط على المستوى المحلي، و حرمانه من اللعب على المستويين القاري و الدولي .


و من أسوأ سلبيات إحتراف الهواة الذي نطبقه في مصر استغلال وكلاء اللاعبين، عدم خبرة إدارات الأندية في التعامل مع المنظومة الإحترافية الدولية ، ليحققوا مكاسب بالملايين، من خلال صفقات أدت إلى رفع أسعار اللاعبين الى أرقام تخطت في كثير من الأحيان قدراتهم المهارية. كما إستغل البعض الآخر نقص خبرة إدارات الأندية، ليحولوا صفقات شراء بعض اللاعبين لعمليات بيزنيس قائمة في بعض الأحيان على النصب و الخداع ...فعلى سبيل المثال، فقد تبين أن اللاعب خالد بوطيب، مهاجم الزمالك و منتخب المغرب ، يحصل على راتب يقترب من ١٠٠ مليون جنيه في وقت يعاني فيه اللاعب ، من إصابة ، تتطلب التدخل الجراحي ، الأمر الذي لم يمكنه إلا من لعب العب أجزاء من مباريات قليلة مع الزمالك ، دون مردود إيحابي، منذ إنتقاله للزمالك في منتصف الموسم الماضي قادما من تركيا ....ونظرا للإسم الكبير للاعب فقد بادر الزمالك بتسجيل خالد بوطيب في قائمته المحلية ، و الإفريقية ، من دون الخضوع لكشف طبي إحترافي. و أكتفى على ما يبدو من تولى إجراء الكشف الطبي بإختبارات ظاهرية، مثل ، سلامة اللوزتين و المصران الأعور ، و إنتظام ضربات القلب ، لإنهاء الصفقة. و لا يعني ذلك ، أن إدارة الزمالك كانت على علم بعدم جاهزية خالد بوطيب ، لكن رغبة الإدارة في الفوز بالبطولات في مواجهة المنافسة الشرسة مع النادي الأهلي، جعلها تقبل الصفقة، من دون إتخاذ إجراءات علمية ، للتأكد من سلامة اللاعب ....فهل كان من الممكن أن ترفض إدارة الزمالك، خالد بوطيب، نجم هجوم منتخب المغرب ، و أحد أفضل اللاعبين المغاربة في كأس العالم ٢٠١٨ بروسيا ، لا سيما و أنه أحرز هدفا مهما للمغرب في مرمى منتخب أسبانيا في كاس العالم ٢٠١٨ ؟ و نظرا لنحومية خالد بوطيب بادرت إدارة الزمالك بالتضحية بهداف الفريق ، كاسونجو كابونحو الجابوني الجنسية، رغم أنه كان يمثل خط الدفاع الأول للزمالك ، بقوته البدنية الهائلة التي تميزت بالضغط على دفاعات المنافسين. ....لكن لو كان الزمالك سلح نفسه بشركة محترفة متخصصة في إدارة كرة القدم بالنادي تتولى الإشراف الفني و الإداري و التسويقي للفريق ، ما تمكن وكيل خالد بوطيب، من خداع إدارة نادي الزمالك، و لم تكن إتخذت قرار إعارة كابونحو كاسونحو ، الجاهز بدنيا، و هداف الفريق ، لصالح خالد بوطيب المصاب ، ليفقد الزمالك في الموسم الماضي، أسهل دوري، بسبب ضعف التهديف في الدور الثاني ،نتيجة إستبدال لاعب جاهز بدنيا ، بلاعب يعاني من إصابة تتطلب التدخل الجراحي .

.و من ناحية أخرى، فقد الزمت قوانين الإحتراف الدولية لاعب الكرة المحترف، الذي يحصل على الملايين، بالخضوع لمنظومة من الإلتزامات داخل الملعب ، و خارجه، و إلا تعرض للعقوبات، على رأسها ، الخصومات المالية من راتبه .

فمعظم اللاعبين المصريين، لا يلتزمون بقواعد الإحتراف، خاصة ضرورة أخذ قسط وافر من النوم، في حين ، أن معظمهم، إعتاد على السهر خارج المنزل حتى ساعات متأخرة من الليل . كما أن معظم اللاعبين المحترفين، يأكلون ما طاب لهم من مأكولات، بل و يقيمون علاقات مع زوجاتهم في الأوقات التي تروق لهم، و كل هذه الأمور تستوجب أن تخضع لمنظومة إلتزامات صارمة من حانب إدارات الكرة المحترفة .فعلى سبيل المثال ، عندما علم خبير التغذية المكلف بمتابعة النظام الغذائي للنجم ، محمد صلاح، في نادي ليفربول، بأن صلاح يحب أن يأكل "الكشري "، عندما يعود لمصر ، لتلبية إرتباطات المنتخب الوطني ، سأله عن مكونات الكشري ، حتى لا يتسبب ذلك في تراكم الدهون في جسده حرصا على جاهزيته البدنية ، و الجميع اصبح يشاهد بإعجاب ، كيف نجح العلم ،و التكنولوجيا ، في تحويل التكوين الجسماني لمحمد صلاح، من تكوين عادي ، الى تكوين يتميز بعضلات مفتولة ، للمحافظة على قدراته البدنية، لا سيما الحفاظ على أهم مميزاته ، و هي السرعة الفائقة ، التي تدعم مهاراته ، و تسمح له بإستخدام قدمه اليمنى، بمهارة تقترب من مهارة استخدام لقدمه اليسرى، بوصفه لاعب أعسر . و يعد هدف محمد صلاح الأسطوري في مباراة ليفربول أمام فريق سالزبورج النمساوي ، بقدمه اليمنى ، خير دليل على قدر الإلتزام الذي يخضع له محمد صلاح ، بالمواظبة على التمرين ، لمعالجة نقاط الضعف و تحويلها لنقاط قوة .

و يؤكد محمد صلاح، أن العلم الحديث، يحدد للاعب ، من خلال تحليل الحامض النووي ، كميات الطعام التي ينبغي أن يتناولها، و كذلك نوعية الطعام التي تناسب أجهزة جسمه ، لكي يصل إلى قمة مستواه الكروي . و كشف صلاح عن أن ميكانيزم جسم الرياضي، يختلف من رياضي لآخر ، فهناك رياضيون تختزن أجسامهم الدهون ، فيستوجب عليهم الإمتناع عن تناول أطعمة تساهم في تراكم الدهون في أجسامهم. و في إطار إرتباط التطور العلمي و التكنولوجي بالرياضة بصفة عامة، و بكرة القدم بصفة خاصة، فقد كشف كريستيانو رونالدو، نجم نادي اليوفنتوس الإيطالي ، و منتخب البرتغال، و هو يقترب من عامه الخامس و الثلاثون ، و لا يزال يركض و يقفز مثل شاب في بداية العشرينات ، أن معظم طعامه يعتمد على الأسماك، و لا يأكل اللحوم الحمراء إلا نادرا، و إذا أكلها تكون لحوم مشوية، و ليست مطبوخة ....كما كشف رونالدو ، عن أنه لا يقترب من زوجته قبل المباريات ، إلا بعد أن يستفسر من طبيب الفريق ، و طبيبه الخاص ، عن المدة التي ينبغي أن تفصل بين إقامة العلاقة الزوجية، و بين توقيت لعب مباراة كرة القدم ، في وقت تشدد فيه الدراسات الطبية ، على ضرورة إمتناع لاعب الكرة عن العلاقة الزوجية قبل المباريات بثماني و أربعين ساعة . 

و من ناحية أخرى كان سيناريو هروب، اللاعب عبد الله السعيد ، من النادي الأهلي ، إلى نادي كوبيون بالوسيورا، الفنلندي، و منه إلى أهلي جدة، قبل الإنتقال لنادي بيراميدز ، من أجل ٤٠ مليون جنيه، حصل عليهم من المستشار تركي آل الشيخ ، صاحب نادي بيراميدز السابق ، خلال فترة خلافه مع مجلس إدارة النادي الأهلي ، و إنتهاج محمود كهربا لاعب الزمالك لنفس أسلوب عبد الله السعيد الإلتفافي ، متخذا من نادي نمساوي "محلل " ، للإنتقال للنادي الأهلي كشف عن عوار كبير في إدارة الكرة المصرية ، ناتج عن عدم معرفة إدارات الأندية المصرية، لدهاليز الإلتفاف على قوانين كرة القدم الدولية، و سبل مواجهتها ، سواء كان من يدير الكرة هو الكابتن ، محمود الخطيب ، 

احد أمهر لاعبي كرة القدم المصريين، أو كان المستشار ، مرتضى منصور، رجل القانون ، الذي لم يمارس في حياته لعبة كرة القدم .فلم نسمع على سبيل المثال، أن ليونيل ميسي، تمكن من الهروب من برشلونة بطرق ملتوية ، للعب لريال مدريد ، كما لم نسمع ان كريستيانو رونالدو إتخذ طرقا ملتوية ، للإنتقال من ريال مدريد الاسباني ، لليوفينتوس الإيطالي . فعندما أراد رونالدو الإنتقال لليوفنتوس ، لم ينتقل لنادي محلل في آسيا، أو أمريكا الجنوبية ، لترك ريال مدريد، بل إتفقت الإدارتان على إنتقال رونالدو لليوفنتوس، بعد مسيرة تاريخية لرونالدو مع ريال مدريد ، مقابل ١١٨ مليون يورو .

و لا أفضل مما كشف عنه الكابتن محمد حلمي ، المدير الفني السابق لنادي الزمالك، للإستدلال على قدر الإستهتار بقوانين الإحتراف الصارمة ، من جانب بعض لاعبي كرة القدم المصريين ... فقد كشف الكابتن محمد حلمي، أنه طلب من شيكابالا ، كابتن الزمالك، عندما كان يتولى قيادة الزمالك،؛ خلال مباراة للزمالك أمام الأهلي في الدوري، بالإستعداد لبدء المباراة بدلا من لاعب إفريقي محترف ، تعرض للإصابة خلال التسخين الذي سبق المباراة، إلا أنه فوجيء بشيكابالا يرفض اللعب ، بحجة أن تاريخه لا يسمح له بالجلوس على مقاعد البدلاء . و أضاف حلمي ، أن شيكابالا، ظل بعد ذلك متغيبا عن النادي لمدة شهرين كاملين ، لم يشارك خلالهما في التدريبات ، ثم عاد شيكابالا و تدرب لمدة أسبوع واحد فقط قبل مباراة للزملك أمام الأهلي في السوبر المصري التي جرت في الإمارات ثم طالب بإلحاح بلعب مباراة السوبر مستغلا شعبيته لدى جماهير الزمالك للضغط عليه، لكنه رفض طلب شيكابالا ، ليفوز الزمالك بالسوبر المصري ، بعد هزيمته من الأهلي في الدوري المحلي ٢/ صفر . أما أخطر ما يواجه المنظومة الإحترافية للكرة المصرية في الوقت الحالي، فهي الأرقام الفلكية لإنتقالات اللاعبين، و الرواتب المبالغ فيها للاعبين لا يخضعون لقوانين الإحتراف الصارمة، فضلا عن توقيع الأندية لعقود رعاية مع شركات نظير مبالغ تزيد بكثير عن القيمة التسويقية لهذه الأندية ، الأمر الذي اجبر الشركات الراعية على الإخلال بإلتزاماتها تجاه الأندية ، التي من جانبها إضطرت لتأخير تسديد إلتزاماتها تجاه اللاعبين، الذين عبروا عن إستيائهم، سواء بالإلحاح في المطالبة بمستحقاتهم المبالغ فيها، أو باللعب بإستهتار ، كما حدث من خلال طريقة لعب بعض اللاعبين المصريين و الأجانب في مباريات الزمالك الأخيرة .

و تقديري أن كل هذه السلبيات ، كان من الممكن تفاديها، لو أسندت إدارة الكرة في الأندية، لإدارة أجنبية محترفة على أعلى مستوى ..فمن الواضح أن مستوى لاعبينا لم يطرأ عليه التطور المطلوب و هم يحصلون على الملايين، بالقياس بأجيال سابقة، مثل جيل حسن شحاتة، و الخطيب، الذين كانا يحصلان على الملاليم . 

كما أن إستمرار إرتباط إدارة الكرة بإدارة الجانب الإجتماعي للأندية ساهم في تدخل شخصيات خارجية في سير العملية الإنتخابية لبعض الأندية بهدف فرض النفوذ عليها في وقت تعد فيه الأندية المصرية خاصة الأهلي و الزمالك أمن قومي لا سيما و أن ثورة ٢٥ يناير كشفت عن أن روابط الأندية لا سيما الألتراس بكل إنتماءاته يمكن بسهولة اللعب في عقول بعض أعضائه للإضرار بالأمن القومي المصري .

و من ناحية أخرى، فقد تمكن بعض رؤساء الأندية، من تحقيق نجاحات هائلة على المستوى الإجتماعي، و حولوا أنديتهم إلى أندية إجتماعية عالمية لكنهم لم يحققوا نفس النجاح في إدارة كرة القدم بعد أن اصبحت صناعة تقوم على العلم، و التكنولوجيا، و التسويق الجيد للفريق و نجومه ، و حسن إختيار اللاعبين المنضمين للفريق و مدى إحتياج الفريق لمركزهم . 

و نهاية لماذا لا يكون لنا عبرة في الدولة ، فقد أسندت الحكومة إدارة مدينة العالمين الجديدة، لشركة أجنبية محترفة في مجال الإدارة و التسويق. و لذلك ، ينبغي ايضا أن تسند إدارة الأندية المصرية ، خاصة الأهلي، و الزمالك، لإدارات كروية محترفة، من خلال فصل إدارة النادي ، إجتماعيا، عن منظومة كرة القدم .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط