الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

البراموس في وادي النطرون.. حكاية دير أثري أسماه المقريزي أبي موسي الأسود

صدى البلد

واصل الدكتور د.محمد عبد اللطيف الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق حكاياته مع صدي البلد عن الكنوز الأثرية والتاريخية القبطية، ومنها أحد الأديرة المهمة وذات التاريخ في وادي النطرون وهو ديـر البرامـوس.

قال عبد اللطيف لصدي البلد: يقع هذا الدير فى الطرف الشمالى الغربى لوادى النطرون غربى الملاحات وتبلغ مساحته حوالى فدانين وأربعة قراريط، وكلمة "براموس" فى الأصل يونانية وتفسيرها من اللغة القبطية Pa-Romeos بمعنى "الذى للروم أو التابع للروم".

والدير معروف أيضًا بدير الروم نسبة إلى الأميرين الأخوين مكسيموس ودوماديوس ابنى ملك الروم لانديوس، الذين حضرا من سوريا إلى الأنبا مكاريوس الكبير فى برية الأسقيط بقصد الترهب عنده، فلما وافتهما المنية وكان ذلك فى حياة مقار الكبير دفن رفاتهما فى نفس المكان، حيث بنى دير براموس وسماه القديس مقار على أسميهما، وقد أطلق عليه بعض المؤرخين ومنهم "تقى الدين المقريزى" دير أبى موسى الأسود ، لأن الأنبا موسى هذا كان رئيسًا لذلك الدير وكان جسده مدفونًا به.

ويحيط بالدير السور الذى يضم مبانيه ومنها الفصر القديم والمعروف بالحصن أو الجوسق"،وهناك 4 كنائس أولها كنيسة العذراء وهى قديمة أثرية، وظاهر أن معظم الأديرة تحوى كنيسة باسم العذراء دليل على شدة الاعتقاد بأن السيدة العذراء قد باركت تلك الأماكن عند قدومها إلى مصر،وهذه الكنيسة متسعة وتبلغ مساحتها 1200 مترًا مربعًا ويغطى صحنها قبو من الطوب.

وهياكلها تقع فى الناحية الشرقية وتليها القباب ويفصل صحن الكنيسة عن جناحيها القبلى والبحرى صفان من الأعمدة الرخامية، وفى صحن الكنيسة يوجد "اللقان" وهو الحوض الذى يملأ بالماء يوم خميس العهد من كل عام، ويغسل منه الكاهن أرجل بعض أفراد الشعب اقتداء بما فعل السيد المسيح حينما غسل أرجل تلاميذه.

والحوض المذكور مربع الشكل وهو من الحجر، ويوجد فى هذه الكنيسة عمود أثرى يعرف باسم عمود "أرسانيوس" لوجود نقوش عليه من عمل القديس المذكور، وجاء فى سيرته: "أنا ذهبت إلى دير براموس وعملت نقوشًا على عمود لى هناك تذكارًا لى"، وكان أرسانيوس معاصرا للقديس مكاريوس الكبير وكانت له قلاية بمغارة بجوار ذلك العمود ، وتقام الصلاة طوال مدة الصيام الكبير فى هذه الكنيسة.

وكنيسة الشهيد مارجرجس وتقع داخل كنيسة العذراء من الشمال الغربى وتبلغ مساحتها خمسة وعشرين مترًا مربعًا، وكنيسة الأمير تادرس وتقع داخل كنيسة العذراء كذلك ومن ناحية الشمال وتبلغ مساحتها 25 مترًا مربعًا أيضًا وتوجد بها رفاة الأنبا موسى الأسود، وكنيسة الملاك ميخائيل التي يحتفل فيها بعيد الملاك ميخائيل حيث تقام الصلاة فيها ليلة العيد حتى صباح اليوم التالي بدون انقطاع.

وهناك المنجلية والمائدة وتوجدان فى داخل كنيسة مارجرجس ، أما المنجلية وهى كلمة قبطية ومعناها "مكان القراءة أو المقرأة" وهى منحوتة من حجر أبيض طولها 127 سم وعرضها 47 سم ، وكل استعمالها للقراءة أثناء تناول الطعام ، وكان من يقوم بالقراءة فيها هو "الربيتة".

والمائدة مستطيلة الشكل وتبلغ 14 مترًا فى الطول ومترًا واحدا فى العرض وهى مقسمة إلى ثلاثة أقسام يفصل بين كل قسم وآخر مجرى محفور،وكان القسم الأول من جهة الشرق معدا لجلوس الرؤساء والشيوخ ، والثانى للكهنة والقساوسة ومن فى مرتبتهم ، والثالث للرهبان ، ولم يعد استعمالها لهذا الغرض الآن لأن كل راهب يتناول طعامه فى قلايته بمفرده ، وقد اكتفى بوضع الخبز عليها ليتناول كل راهب ما يكفيه منه عند الحاجة.

كذلك حجرة الملح فى نهاية المائدة وعن يمينها تقع حجرة الأباركة ، وتوجد فيها معصرتان وتستعمل إحداها الآن ومجهزة بكل أجزائها اللازمة لعصر الزبيب واستخراج الأباركة لاستخدام عصيرها فى القداس ، ويقوم بعملها رهبان الدير بأنفسهم بطريقتهم البدائية القديمة كما يحفظونها بداخل قدورها المعتادة القديمة. ومن مبانى الدير القديمة أيضًا حجرة القربان ولكنها توجد خارج كنيسة مارجرجس.

وتوجد بالدير أيضا كنيسة يوحنا المعمدان وتقع بين الحديقتين البحرية والقبلية ، وقد بنيت على أنقاض كنيسة أنبا أبولو وأنبا أبيب عام 1884م. وهذا التاريخ مدون على بابها البحرى وقد حدث بها إصلاح وتجديد بدليل ما كتب على حجابها الجديد "شيدت فى عهد البابا كيرلس مطران البحيرة والمنوفية ووكيل الكرازة المرقسية فى عهد رئاسة القمص يوحنا وهو الأنبا يؤانس التاسع عشر. وقد بناها على نفقته الخاصة عام 1910م وتقام الصلاة طول العام فى هذه الكنيسة ما عدا أيام الصوم الكبير.

وهناك القصر الجديد شيد عام 1911 م وذلك لاستقبال الضيوف والزائرين الذين يفدون لزيارة الأماكن المقدسة للعمل على راحتهم،كما يحتوي الدير علي حديقتين واحدة بحرية والأخرى قبلية ويتعهد الرهبان بالعناية بها،والإكثار من زراعة أشجار الفاكهة بأنواعها والخضروات،وقد استحضر القمص برنابا رئيس الدير السابق ماكينة للحديقة البحرية لرفع المياه،كما استعملت أيضًا لطحن الغلال ولتوليد الكهرباء التى أدخلت فى الكنيستين الشرقية والغربية والقصر الجديد للضيافة كذلك ، وتم ذلك على نفقة الأنبا يؤانس عام 1931م.