الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

1917.. عندما يبكي الرجال!


لا يمر عام إلا ويكون هناك فيلم دراما حربي ينافس على أهم الجوائز العالمية جولدن جلوب والأوسكار بسبب جودة صناعته.
هذا العام يأتي فيلم 1917 والحائز مؤخرا على جائزتي جولدن جلوب أفضل فيلم وإخراج، وتم ترشيحه مؤخرا لـ10 جوائز أوسكار، لن أجاوز الحقيقة إذا قلت هو بالفعل من أفضل الأفلام الحربية والدرامية في السنوات الأخيرة، ما هذه الواقعية التي جعلنا نعيشها بكل مشاعرنا المخرج سام منديز، هو بطل الفيلم بجدارة منذ المشهد الأول الافتتاحي العبقري one shot لعدة دقائق مع الكاميرا وهي تسير مع جنديان من أرض المعركة إلى الخندق وإستعراض حالة المكان والأشخاص بسلاسة، فتجد نفسك ذهبت معهم إلى أجواء تلك الحرب بتفاصيل "دقيقة مذهلة" للمكان وسريعا تعيش في حالة ترقب حتى نهاية الفيلم لمتابعة تلك المهمة الانتحارية.
جنديان في "سباق مع الزمن" حيث يستعد 1600 جندي بريطاني لمهاجمة الجنود الألمان المفترض أنهم تراجعوا، لكن الألمان لا يتراجعون! حيث يكتشف الإنجليز إنه فخ لاستدراجهم ، وبسبب عدم وجود وسيلة اتصال يجب على الجنديان شوفيلد وبليك المرور عبر منطقة القتال للوصول الى الريف الفرنسي للتواصل مع رفاقهم في الفرقة العسكرية هناك ومنع هجومهم وليس لديهم سوى 48 ساعة فقط للقيام بذلك!.
الصورة تتحرك بسلاسة ومتعة منذ بداية رحلتهما من الخندق إلى برك المياه وصولا لمظاهر حياة باقية من الحرب مع ألوان الزهور! أكثر من مشهد ستظل تتذكرهم مثل مشهد مطاردة الجنود الألمان للجندي الانجليزي في بقايا مدينة مدمرة "تشعر انه لوحة" واحد من أفضل المشاهد التي يمكن أن تشاهدها في السنوات الأخيرة مشهد فنيا رائعا في الإخراج والتصوير والإضاءة والموسيقى لتوماس نيومان.
الأحداث كلها صورها المخرج من خلال سلسلة من اللقطات الطويلة مع المصور الحائز على الأوسكار "روجر ديكنز" تقريبا لا تشعر بقطاعات قام بها! وكأن الكاميرا تسير دون توقف في رحلتها مع الجنود طوال الفيلم ، المخرج يعرف كيف يروي فيلمه بشكل مبهر، ومتى يثير مشاعرك ربما لحد البكاء، هي قصة حقيقية تروي وتخلد ذكرى ما قام به الجنود من مهام تبدو انتحارية أثناء الحرب العالمية الأولى، الأحداث كلها تدور فوق جبهات القتال ولذلك هذا ما ذكرته أثناء مقالي عن فيلم "الممر" لماذا إقحام اجزاء من الحياة المدنية لم يكن لها داعي. 
الفيلم به مشاعر وطنية كبيرة وكيف يظل الجندي يتحمل صعوبات تفوق طاقته الإنسانية ومشاعره ولكن في لحظة ما لابد أن "يبكي" ليخرج ما بداخله من مشاعر مكبوتة مشهد بلايك أثناء وفاته وهو يتحدث عن أمه ومشهد شوفيلد وهو يصل الى الشاطئ الفرنسي بعد أن يمر على بعض الجثث فيجلس باكيا وحيدا بعد أن وصل لمحطته الأخيرة قبل أن يلملم نفسه مرة أخرى ! لينجز مهمته الوطنية.
فاصل من التوتر والقلق تعيشه مع واحد من أفضل الأفلام الحربية على الإطلاق في السنوات الأخيرة. 
الممثل جورج ماكاي تألق بشكل لافت في دوره وخاصة مشهده في نهاية الفيلم وهو يعدو سريعا وراء الكاميرا بناء على طلب المخرج ولكنه سقط مرتين وظل يستكمل التصوير بعد أن وجد التصوير مستمرا وهو ما زاد من واقعية المشهد وأيضا جميع الممثلين كانوا جيدين حتى من قدم مشهدا واحدا.
نجح المخرج سام منديز في أن يأخذنا في أعماق النفس البشرية المكسورة مع هؤلاء الجنود المرابطين فوق جبهة القتال ينامون في الخنادق ينتظرون الموت أو المواجهة أسابيع او شهور في نفس المكان لدرجة أن أحد الضباط يسأل جنوده لا أعرف في أي يوم نحن! 
تحية الى روح كل جندي دافع عن وطنه.
أتمنى أن نستمر في إنتاج الأفلام الحربية ولدينا قصص كثيرة خلال حرب الاستنزاف تستحق أن تروى ولكن كيف تروى على الشاشة ويتم نقل مشاعر الشخصيات ذاك هو الأهم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط