الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"ليست قصورًا ولا قلاعًا فقط.. التراث المعماري الفاطمي والأيوبي" كتاب يرصد تاريخ العمران في مصر

صدى البلد

مرت علي مصر عصور تاريخية كثيرة، وترك كل عصر بصمته الواضحة علي المنشآت المعمارية خاصة في القاهرة، ولم تكن المنشآت والأبنية مجرد أحجار صماء، بل عكست من خلال طرز البناء والزخارف أحوال البلاد حينها، وشكل الحياة وما فيها.

ويعد أ. د. محمود أحمد درويش أستاذ الآثار الإسلامية بقسم الآثار في كلية الآداب جامعة المنيا من أبرز الذين تناولوا من ما سبق بالدراسة العلمية، حيث يشهد معرض القاهرة الدولي للكتاب المقام حاليًا، طرح كتاب مهم للدكتور درويش بعنوان"التراث المعماري الفاطمي والأيوبي في مصر"، من إصدار مؤسسة الأمة العربية للنشر والتوزيع.

يتناول الكتاب تراث العمارة الإسلامية الفاطمية والأيوبية، والذي يمثل نتاجا لحقبة زمنية مكتظة بالتحولات السياسية والعقائدية الدينية،وكانت لاعبا أساسيا في توجيه العمران بمصر خاصة بالعاصمة،التي ضمت بين جنباتها عواصم ما قبل العصر الفاطمي الفسطاط والعسكر والقطائع، التي انضمت لتكون أحياء من العاصمة الجديدة القاهرة، والتي ظلت على هذا الحال خلال العصر الأيوبي.

ويعرف التراث العمراني بأنه وثيقة تاريخية وفنية وجزء من التراث السياسي والروحي والرمزي وهو الحقيقة الثقافية واستمرارها وتعدد مجالات التراث المعماري وتنقسم إلى المحيط البيئي للملكية، والمبنى، والأثاث والمنقولات الداخلية والخارجية، وهو يشمل الأصول ذات الأهمية الثقافية أو البيئية أو التاريخية وتشمل المباني والأعمال الفنية.

وأيضًا هو كل ما شيده الإنسان من مدن، وقرى، وأحياء، ومبانٍ، وحدائق، ذات قيمة تاريخية أثرية، أو معمارية، أو عمرانية، أو اقتصادية، أو تاريخية، أو علمية، أو ثقافية، أو وظيفية، ويتم تحيدها وتصنيفها وفقًا لثلاثة مصطلحات أساسية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمفهوم التراث العمراني.


المصطلح الأول المباني التراثية وتشمل المباني ذات الأهمية التاريخية والأثرية والفنية والعلمية والاجتماعية، بما فيها الزخارف والأثاث الثابت المرتبط بها والبيئة المرتبطة بها، وتنقسم هذه المباني إلى مبان ذات صفة حربية أو دينية أو مدنية. 

وتعرف المباني التراثية بأنها تلك المباني التي تعطينا الشعور بالإعجاب وتجعلنا بحاجة إلى معرفة المزيد عن الناس الذين سكنوها وعن ثقافتهم، وفيها قيم جمالية، ومعمارية وتاريخية وأثرية واقتصادية واجتماعية وسياسية،وتحظي المباني التاريخية بقبول مجتمعي وتفاعل إيجابي من قبل المجتمع من جهة،وتعبر عن ظاهرة ثقافية واجتماعية معبرة عن ظواهر مادية ومعنوية أو فكرية في حقبة زمنية معينة من جهة أخرى. 


ومناطق التراث العمراني أو المناطق التراثية،وتعرف بأنها تلك المناطق التي تميز بيئة عمرانية متوازية شيدت في عصر تاريخي بحيث تشكل تراث يحفظ جذور الحضارة وسماتها وتعكس أحداث العصر الذي واكبته وتعد هذه البيئة نتاجًا لقيم وأعراف وفلسفة تخطيطية تصل هذه العصور التاريخية بما قبل بتجانس وتكامل واضح.

وتشمل المناطق التراثية المدن والأحياء ذات الأهمية التاريخية والأثرية والفنية والعلمية والاجتماعية بكل مكوناتها من نسيج عمراني وساحات عامة وطرق وأزقة وخدمات تحتية وغيرها، وتتمثل في المدن التي شهدت تطورا عمرانيا اكتظ بالمباني التراثية كمدينة القاهرة على سبيل المثال. 

ومواقع التراث العمراني، وتشمل المباني المرتبطة ببيئة طبيعية متميزة على طبيعتها أو من صنع الإنسان، ويتم استخدام مصطلح مواقع التراث العمراني ليشمل كافة المواقع الأثرية وبغض النظر عن حالتها الخدمية. ولأن تعريف مواقع التراث العمراني واسع وغير مفهوم بدقة، فإن تعريف وتقييم مثل هذه الممتلكات يجب أن يتم بعناية فائقة، وبالاعتماد على مستو عالٍ من الأبحاث والتحاليل الموقعية.
 ‏
ويكشف الكتاب تاريخ التراث العمراني القائم حاليا في مصر خلال العصرين الفاطمي والأيوبي بما يشمله من عمارة حربية ومدنية ودينية، ويبرز لنا صورة متكاملة عن العمارة الإسلامية، بكل ما تحوية من حلول تصميمية منسجمة مع احتياج الفرد والمجتمع من حيث العادات والتقاليد الضاربة في أعماق هذا الوطن.

ولأهمية التراث العمراني وتنوعه في مصر خلال العصرين الفاطمي والأيوبي، باعتبار أن العمارة هي جزء رئيس في التراث المادي للأمم، وهي أهم محاور العمران عبر العصور ولأهمية تراث العمارة الإسلامية في عصورها التاريخية، فقد كان هذا الكتاب بعنوان "التراث المعماري الفاطمي والأيوبي في مصر".  


ويتناول الكتاب تراث العمارة الإسلامية في مصر في العصرين الفاطمي والأيوبي،ويرصد التراث المعماري الحربي المكون من الأسوار والبوابات الباقية بمدينة القاهرة وهي النصر والفتوح وزويلة، إلى جانب التراث المعماري للقصور والدور بمدينتي القاهرة والفسطاط، والتراث المعماري الديني ويشمل المساجد الجامعة كالجامع الأزهر وجامع الحاكم بأمر الله، والمساجد التي تشمل: مسجد ومرقب الجيوشي والجامع الأقمر ومسجد الصالح طلائع والمسجد الفاطمي بدير سانت كاترين.

كما يشمل المشاهد والقباب الفاطمية بالقاهرة كمشهد السيدة رقية ومشهدا عاتكة والجعفري ومشهد يحيى الشبيه ومشهد السيدة كلثم ومشهد أبو القاسم الطيب ومشهد السيدة نفيسة وضريح القباب السبع أو قباب السبع بنات وقبة أبو الغضنفر ومشهد أخوة يوسف وقبة الشيخ يونس وباب المشهد الحسيني وقبة الحصواتي. 
كما يتناول مميزات الطراز الفاطمي في العمارة والتخطيط الثلاثي والعناصر المعمارية بالعمائر الفاطمية.

و التراث المعماري الحربي الذي يشمل دراسة معمارية لقلعة صلاح الدين بالقاهرة في العصر الأيوبي وتخطيطها المعماري، وكذلك أسوار صلاح الدين الأيوبي لمدينتي القاهرة والإسكندرية وقلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بسيناء وقلعة الجندي شرق السويس.

والتراث المعماري الديني الذي يشمل المدارس الأيوبية التي تمثلها مدرسة السادات الثعالبة والمدرستين الكاملية والصالحية. وتناول دراسة التراث المعماري للقباب واتشمل قبة الإمام الشافعي وتربة الخلفاء العباسيين وتربة شجر الدر وقبة الصالح نجم الدين أيوب، إلى جانب الخانقاوات ومنها خانقاه سعيد السعداء.

ويلقي الكتاب الضوء علي قضايا التراث العمراني،وهو المفهوم الحديث نسبيًا بالمقارنة مع أنواع أخرى من التراث،خاصة أنه هناك فهم خاطئ لمفهوم التراث العمراني ،يتمثل في قصر المفهوم على المباني الدينية والتاريخية والقصور والقلاع والحصون والأسوار التاريخية والبوابات والأنواع الأخرى للمباني التاريخية دون غيرها.

وهذا الفهم في كثير من الأحيان لا يشمل المناطق السكنية التاريخية ومراكز المدن التاريخية التي تمثل تراثًا عمرانيًا، بالإضافة إلى ذلك، قد يكون هناك عناصر غير ملموسة من التراث العمراني مثل العادات والمعتقدات والتي تؤدي دورًا أساسيًا لتوضيح استخدام الفضاء والبيئة العمرانية.


ويؤكد الكتاب علي قضية مهمة،حيث يعد التراث العمراني أحد الرموز الأساسية لتطور الإنسان عبر التاريخ، ويعبر عن القدرات التي وصل إليها الإنسان في التغلب على بيئته المحيطة، والتراث يعني توريث حضارات السلف للخلف ولا يقتصر ذلك على اللغة أو الأدب والفكر فقط، بل يعم جميع العناصر المادية والوجدانية للمجتمع من فكر وفلسفة ودين وعلم وفن وعمران.