الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قرصان في مغامرة يائسة.. التوسع الاستعماري والتطرف الوطني أدوات أردوغان لإحكام قبضته على الداخل التركي.. سوريا وليبيا مصيدتا سلطان الأوهام.. وشرق المتوسط حلقة نيران تحاصره

الرئيس التركي رجب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

أردوغان بدأ توسعه الاستعماري منذ عهد سياسة صفر مشاكل
محاولة انقلاب 2016 منحت أردوغان فرصة لاحتكار تعريف المصلحة الوطنية
مغامرات أردوغان الخارجية أثقل من طاقة الجيش والاقتصاد التركيين على التحمل
الموقف العسكري التركي في شمال سوريا يزداد هشاشة
مغامرة أردوغان في ليبيا استنفرت تحالفات إقليمية وأوروبية مناهضة له

في تقرير نشره موقع "أحوال" التركي، ذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تبنى سياسة عدوانية توسعية خلال العقد الأخير، وحتى فيما قبل هذا العقد الأخير عندما رفعت السياسة الخارجية التركية شعار "صفر مشاكل مع الجيران"، كان أردوغان يتبنى سياسة إشكالية ترتكز على تصورات إعادة إحياء الخلافة العثمانية وأوهام زعامة العالم الإسلامي، وليست تلك سوى تجليات لمدرسة عتيقة في التفكير الاستعماري.

وأيا كان مدى قبول أو رفض الشعب التركي لسياسات أردوغان، فقد بات موقف البلاد في منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط بوجه عام سيئًا للغاية، ومع ذلك لم يزل أردوغان متمسكًا بمناورات سياسته الخارجية اليائسة، التي تجازف بتفجير مزيد من الصراعات في منطقة ملتهبة أصلًا.

وأضاف الموقع أن تتبع مسار تصاعد نزعة المغامرة المتهورة في السياسة الخارجية التركية ينتهي بنا عند نقطة بداية محددة، هي محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في يوليو 2016، والتي أتاحت فرصة انتظرها أردوغان طويلًا لإحكام قبضته على الداخل التركي.

وفي الواقع، تعمد الحكومة التركية إلى خلق انطباع لدى الشارع بأن سياستها الخارجية ناجحة وقوية من خلال تأسيس خطاب متشدد بشأن المصالح الوطنية، بغرض محاصرة أحزاب المعارضة بالداخل واحتكار ورقة الدفاع عن مصالح الوطن.

ولهذا المفهوم المطاط الضبابي، مصلحة الوطن، تأثير يشل أحزاب وحركات المعارضة التركية، إذ تقف عاجزة عن بلورة خطاب أو رواية مضادة لرواية النظام من دون أن تتعرض وطنيتها للتشكيك والطعن.

وهكذا، عندما أقدم أردوغان على خطوات لتفكيك تحالف تركيا التقليدي مع الغرب منذ تأسيس الجمهورية قبل قرن من الزمان، فقد استطاع أن يفعل ذلك من خلال ترويج هذه الخطوات لدى الشارع التركي باعتبارها سياسة خارجية وطنية جديدة، والحقيقة أنه وجد في مناخ التشنج الوطني الذي أعقب محاولة الانقلاب العسكري الفاشل عام 2016 تربة خصبة صالحة لترويج أفكاره عن "الغرب الذي لطالما استغل تركيا في مخططاته الخبيثة".

ومن هنا أضحى أردوغان وفق تصور الرواية الرسمية التركية البطل المنوط به إحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية البائدة، بيد أن النتيجة كانت اندفاع البلاد إلى سياسة صراعية في شرق المتوسط لا أفق لنجاحها.

وأضاف الموقع أنه بعد تسع سنوات من التورط المتصاعد في الحرب السورية، لا يبدو أن أنقرة قد حققت أيًا من أهداف هذا التدخل، وإنما وضعت نفسها في موقف هش وضعيف ولا يمكن الدفاع عنه أمام الحكومة السورية ودول أخرى بالمنطقة وقوى عظمى معنية بالحرب السورية. ومن الناحية العسكرية البحتة، تزداد صعوبة وحرج موقف تركيا وقواتها داخل الأراضي السورية والجماعات الإرهابية الموالية لها، وخاصة في إدلب.

وفي شرق المتوسط، تواجه تركيا تحالفًا من قوى إقليمية تتصدى لأطماعها في ثروات المنطقة، وفي مقدمتها مصر واليونان، فضلًا عن اصطدامها بمصالح قوى أوروبية لا يستهان بها كفرنسا وإيطاليا، وفي نهاية المطاف لم تصل أيدي أردوغان إلى ما كان يمني نفسه به من ثروة الغاز الهائلة في شرق المتوسط.

ووقعت تركيا مع حكومة الوفاق في طرابلس برئاسة فايز السراج اتفاقية لترسيم الحدود البحرية تسمح لتركيا دون وجه حق باستغلال ثروات لا تملكها في شرق المتوسط، وفوق ذلك أرسلت أنقرة ولا تزال ترسل قوات عسكرية لإسناد ميليشيات حكومة الوفاق في طرابلس ومنع الجيش الوطني الليبي من تحرير العاصمة.

وتابع الموقع أن أي مراقب للأوضاع في ليبيا يمكن أن يدرك بسهولة أن الاصطفاف مع كيان هش مثل حكومة السراج في طرابلس في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، الذي يحظى بتأييد ودعم قوى إقليمية ودولية مؤثرة ويتمتع بتفوق عسكري مؤكد، لن يأتي سوى بنتائج كارثية.

وبعبارة أخرى، فإن مغامرة أردوغان المتهورة في ليبيا كانت محكومة بالفشل من قبل أن تبدأ، وهي لا تمضي الآن إلى أي اتجاه يبشر بأي انتصار.

وخلص الموقع إلى أن أردوغان بات يشكل خطرًا جسيمًا على استقرار المنطقة، وبسبب حرقه لجسوره مع الغرب ومغامراته العسكرية الخارجية اليائسة، يمكن أن يشعل سلسلة من الحروب من شأنها تمزيق منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط.

وفي خضم محاولته لابتلاع شيء أكبر مما يمكنه مضغه، أقحم اردوغان نفسه في مشكلات أكبر من طاقة الجيش والاقتصاد التركيين على تحملها، وعندما تحين لحظة إعلان الفشل المحتومة لن يكون قد حقق أي شيء يخدم المصلحة الوطنية وإنما سيكون قد قوضها عن آخرها، وسيكون على أجيال قادمة من الأتراك دفع ثمن أخطائه الفادحة.

وختم الموقع بأن القادة المجردين من الشعور بالمسئولية مثل أردوغان لا يستطيعون حقًا أن يغيروا موازين القوى في العالم بشكل جذري مهما زعموا العكس، بل لا يستطيعون حتى تحقيق أهداف استعمارية محدودة النطاق كما يوهمون أنصارهم، لكن ما يستطيعونه حقًا هو إشعال شرارات صغيرة تفجر حروبًا لا يقدر العالم على احتمال الدمار الناجم عنها.