الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أردوغان وليبيا.. حكاية ممتدة


لا يمكن تجاهل ما يحدث في ليبيا، ولا عدم الوقوف أمام مخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ليس فقط لأن ليبيا أمن قومي مصري بالدرجة الأولى ولكن لأن هناك خطة تركية تنفذ على أعلى مستوى لتوطين الأتراك في ليبيا وتحقيق أكبر استفادة اقتصادية وسياسية وعسكرية في البلد الذي تمزقه الفوضى وتدفع به إلى دروب المجهول.

والواقع أن تصور وجود حل سياسي شامل في ليبيا قبل نحو 5 سنوات قادمة على الأقل يعد ضربا من المستحيل، ليس فقط لأن الأزمة تعقدت ولكن لآنه تم تدويلها بشكل مخيف وأصبحت الأطراف التي تتصارع على الأرض الليبية أطرافا دولية بامتياز.

 ولا نضيف جديدا عندما نقول إن ليبيا تحولت فعلا إلى سوريا أخرى وكما استمرت أزمة سوريا 9 سنوات من 2011 وحتى اللحظة حتى بدأت إلى حد ما تتجه الأمور فيها إلى الهدوء.

فالمتوقع أن تأخذ ليبيا هذه المدة من السنوات حتى تتجه الأمور فيها للاستقرار ويتغلب طرف على طرف داخل المعادلة الليبية العويصة.

وإزاء حالة إرهاب وميليشيات وأوراق قطرية وتركية قذرة تنفذ في ليبيا فلا بد من وقفة أمام المخطط التركي داخل ليبيا والقلق المصري والإقليمي والدولي مما يحدث هناك.

البداية تكمن بالسؤال الآتي .. وهو لماذا اختار أردوغان ليبيا لينفذ فيها مخططا للهيمنة والتمدد بهذا الشكل، ورغم المعارضة التركية لأردوغان ومخططاته في ليبيا وخصوصا بعد تساقط العديد من الضباط والمستشارين الأتراك إلا أنه يصر على مواصلة الطريق.

أردوغان يسوق لتواجده في ليبيا مبررات عدة، منها إنها إرث تاريخي وأنه يرعى أحفاد العثمانيين في ليبيا وغيرها من الخزعبلات. لكن المؤكد ان له أطماع عدة اقتصادية وسياسية وعسكرية داخل ليبيا، ووجد في الاقبال الليبي عليه من جانب حكومة الوفاق في طرابلس، ما يحقق له  أغراضه داخل ليبيا.

 لكن ماذا عن هذه الأغراض ومشروعيتها.

الحقيقة أنها كلها مناهضة للمشروعية ولا تقبل منه ولا من جانب نظامه، ويكفي أردوغان عارا واعني الكلمة تماما، سماحه بتصدير المرتزقة السوريين إلى الأرض الليبية.

 فهؤلاء هم العامل الاكثر سوءا أو قذراة بالمعنى السياسي في المشهد الليبي وهؤلاء هم من سيطيلون أمد الحرب ووفق تقارير المرصد السوري فإنهم لا يقلون حتى اللحظة عن 5 آلاف مرتزق.

 وكما كانت سوريا من قبل بيئة خصبة للتطرف وجهاد النكاح وظهور داعش وغيرها من الأباطيل التي ظهرت هناك فإن ليبيا ستتحول إلى مستنقع يفوق سوريا ،وخصوصا أن المال متوفر في ليبيا بعكس سوريا التي كانت تعتمد فقط على إمدادات الخارج والتمويل المشبوه من قطر أو غيرها.

 نعود لأردوغان، فقد ذهب الى ليبيا ليلعب مع أوروبا لعبة قذرة ويتواجد جنوب المتوسط، ومن خلال التهديد بورقة المهاجرين يضغط على أوروبا لكي تقتنع وتساعده، بمنطقة تركية يحتلها و يسميها منطقة آمنة شمال سوريا يأمن فيها هجمات الأكراد ويتواجد للدفاع عن حدوده.

 كما أنه يتواجد في ليبيا لمضايقة مصر، وجعل ليبيا ممرا للارهابيين وموطنا لهم وأيضا لوضع يده على قبلة الغاز العالمي في شرق المتوسط.

وإنقاذ اقتصاده المتدهور، وأمام أهداف كهذه فتح أردوغان مخازن السلاح التركية أمام حكومة الوفاق، وفتح معسكرات تركية لتدريب المرتزقة والقى بكل ثقله وراء حكومة طرابلس في مواجهة الجيش الليبي. فأردوغان يحلم بتغيير الواقع الليبي لصالحه دفعة واحدة، وهو يعلم تماما ان هذا لن يقبله أحد لكن لا مانع من العبث وخلط الأوراق وهو اعتاد على ذلك حتى ولو خسر أحيانا واشنطن باتفاقاته مع روسيا في صقفقة السلاح إس ،400 ولو خسر أحيانا روسيا بتفاهماته مع الإرهابيين في إدلب على حساب النظام السوري ولو خسر الاتحاد الأوروبي بفتح حدوده مع أوروبا والسماح بتدفق المهاجرين السوريين عبر حدوده إلى  اليونان.

أردوغان أصبح هاويا للصدام والعبث، ومشكلته في ليبيا أنه على حدودنا لكن حتما سينتهي ذلك قريبا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط