قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الجماعة المنبوذة.. لماذا يكرهها العالم؟


عندما تعرضت أمريكا لهجمات 11 سبتمبر عام 2001م، طرح المجتمع هناك عبر مفكريه وكتّابه تساؤلا صريحا واجهوا به أنفسهم وإدارتهم الحاكمة: "لماذا يكرهوننا؟".
لم يتحرّج الأمريكان آنذاك من طرح السؤال كنوع من مواجهة الحقيقة، وتأكيدا على عمق وعيهم ورصدهم للواقع، من أجل معالجته والتعامل معه، وليس الهروب من المرايا، ودفن الرؤوس في الرمال.
هذا السؤال الهام، من الواضح أن جماعة الأخوان ترفض طرحه على نفسها، ومن المؤكد أن أتباعها لن يطرحوه بالتالي، لأنهم لو طرحوه ما بقوا في الجماعة، ليس فقط لقسوة الإجابة، ولكن لأنهم لا يسألون إلا ما يسأله مكتب الإرشاد، أو كما قال فرعون "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".
وفي الحقيقة أن هذا السؤال يجب علينا أيضا أن نطرحه على أنفسنا وعلى تلك الجماعة الخارجة عن القانون، بل وعلينا أن نبحث عن إجابات توضح لنا جانبا من الحقائق.. فلماذا تلك الجماعة مكروهة ليست في مصر فقط، وإنما في كل مكان في الأرض ظهرت فيه عبر تاريخها الطويل؟ ولماذا تحاصرها كل الحكومات، وتعتبرها خطرا على دولها وشعوبها؟
ظلت تلك الجماعة لعشرات السنين ترفع شعارات إسلامية كاذبة لاستقطاب الناس من خلالها، بينما الحكومات -لكونها ترى الحقائق- كانت تتخذ إجراءات أخرى لعزلهم عن الشعوب قدر المستطاع، لما يشكلونه من خطر على الأوطان.
فالجماعة تدّعي منذ نشأتها أنها جماعة دعوية، بينما واقع الأمر أنها جماعة دعائية، تروج لنفسها باسم الدين، وتظهر ببعض مظاهره من أجل استقطاب الناس، بينما باطنيا تعمل لصالح مشروع يناقض مصالح الدول وشعوبها، وهو ما قد يبرر منعها ومحاصرتها من قبل كافة الأنظمة في كافة الدول، بكل تبايناتها واختلافاتها وتناقضاتها وتوجهاتها.. فهل من الممكن أن يجتمع كل هؤلاء عبر كل هذا الزمن الطويل ضد مشروع تلك الجماعة، دون أن يكون وجودها خطرا حقيقيا على الأوطان والشعوب؟
فمنذ تأسست تلك الجماعة في مصر، وبدأت في خلق كيان منظم، يؤدي أدوارا تتعدى أنشطتها المعلنة، بدأت حكومات مصر وأنظمتها المتعاقبة منذ عام 1928 وحتى عهد مبارك، تحاصر تلك الجماعة وتردعها وتحذر منها، لتمنع خطرا ما تعرفه الأنظمة عن حقيقة عملها.
ولم تكن تلك الحالة في مصر وحدها، بل أن كافة الدول والحكومات والأنظمة في سائر دول العالم الإسلامي وغير الإسلامي، تعتبر تلك الجماعة محظورة وخارجة على القانون ومهددة للأمن القومي والسلم الاجتماعي لدولها.
ومع ترويج الجماعة وأتباعها لأكذوبة أنها مضطهدة بسبب دعوتها للإسلام، فقد صدّق كثير من الناس ذلك الادعاء، كون طبيعة المجتمعات العربية والإسلامية لا تثق فيما يقوله حكامها. بينما الآن، بعد أن ظهرت على سطح الحياة في مصر، وعرف الناس حقيقة ادعاءاتها، ومتاجرتها بالشعارات الإسلامية، بدأ يظهر إدراك جديد عند كثير من ذوي الوعي في المجتمع بأنه لا تجتمع كافة الحكومات والأنظمة عبر قرن من الزمان على ضلالة، وأن تلك الجماعة الخارجة على القانون تمثل خطرا كبيرا على الأوطان والشعوب والسلم الاجتماعي فيها.
فتلك الجماعة التي سميت "المحظورة" لسنوات طويلة، هي في الواقع "منبوذة" في كافة دول العالم، حتى التي لا تتواجد فيها، فروسيا تعتبرها جماعة إرهابية، وأوروبا تعتبرها جماعة يمينية متطرفة تحمي الإرهاب، وليس هذا في الغرب فقط، بل في كافة الدول الإسلامية، وأكثرها تشددا أيضا، وهي المملكة السعودية، والتي كانت على علاقة وثيقة بتلك الجماعة، وأوت العديد من أفرادها وقياداتها لسنوات طويلة، بل وجنّست الكثير منهم، حتى استفاقت على حقيقتهم، فقال عنهم وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز نصًا: "بعد بقائهم لسنوات بين ظهرانينا، ووفّرنا لهم سبل العمل، ففيهم مدرسون وعمداء، فتحنا أمامهم أبواب المدارس، وفتحنا لهم الجامعات، ولكن للأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة، فاخذوا يجندون الناس، وينشئون التيارات، وأصبحوا يعملون ضد المملكة"، ثم قال: "حزب الأخوان المسلمين يدمر العالم العربي".
وفي الإمارات قال عنهم الشيخ زايد رحمه الله: "إنهم فسقة ويجب تعريتهم، ولا حوار معهم، فهم أصحاب تُقية وعندهم أجندات، ومن يرغب منهم بالحوار فعليه أن يسلم كل ما لديه، ويفصح من هو خلفه ويدعمه، ويجب وضع الأعين عليهم ومتابعتهم".
وفي الكويت، التي سمحت لهم بالعمل وعضوية مجلس الأمة منذ سنوات طويلة، راحوا يحاولون بكل السبل تعطيل الدولة وهز أركانها من خلال عملهم السياسي الذي وصفه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد قائلا: "ما يجري إسفاف مقيت في لغة الخطاب، وانحدار مشين في أخلاقيات التعامل والعمل العام، وخروج صارخ على القيم الموروثة والآداب المعهودة، وفجور في الخصومة، ورفضٌ لحقِّ الاختلاف، وعدم احترام الرأي الآخر، وتشنج في المواقف، وغلو في التطرف، واستمراء لنهج الفوضى والشغب، من أناس يفترض أن يكونوا قدوة حسنة لمن سواهم".
وفي سوريا أسماهم حافظ الأسد "أخوة الشياطين"، بعد أن أبادهم في حماة في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، عقب محاولتهم قلب نظام الحكم، والقيام بعمليات اغتيالات سياسية واسعة بين قيادات السلطة والجيش.. وفي الأردن قال عنهم الملك حسين في نفس الفترة بعد أحداث سوريا نفسها: "فجأة انكشفت الحقيقة، وتبين ما كنا نجهله من أمر، ويظهر لنا أنّ البعض ممن كانت لهم صلة بما كان يحدث في سوريا من أعمال دموية يتواجدون في ديرتنا".
ولم تكن الأنظمة فقط هي التي تكتشف خطر تلك الجماعة المنبوذة فتحاصرها، بل أن الجماعات الجهادية والسلفية في كل أنحاء العالم، اكتشفت ذلك أيضا، وقالت فيها أكثر مما قاله مالك في الخمر، حيث تآمروا ضدهم في مكان، في أفغانستان، والصومال، وباكستان، وقاتلوهم إلى جانب القوات الأمريكية والميليشيات الشيعية في العراق، حتى أسمتهم جماعة الدعوة السلفية هناك "الأخوان المفلسين"، وقالوا عنهم بعد اكتشافهم التواطؤ ضدهم مع إيران: "إن الإخوان جهال ومعاندون في أصول الدين، ولا يعرفون من أصول الدين إلا القوالب السياسية الجاهزة. وكل من انضم معهم في هذه القوالب فهو منهم وإن كان رافضيا وإن كان نصرانيا".
ووصفهم أحد المجاهدين العرب العائدين من أفغانستان، وهو عطية الله عبدالرحمن، الملقب بـ"عطية الله الليبي" قائلا: "الفرق بين التيار الجهادي والإخوان أن الأول يريد شريعة الله أن تسود، والإخوان يريدون أن يسودوا هم.. وهم جماعة غير مأمونة على الجهاد، وقد تحصّل رأينا وقناعتنا هذه من مجموع أمرين: أولهما معرفة فكر هذه الجماعة ومنهجهم وما يتربّون عليه، والمنظومة الثقافية التي تحكمهم، وكذلك التجارب مع هذه الجماعة في بقاع متعددة من العالم".
وقال عنهم الدكتور فلاح مندكار الداعية السعودي السلفي المعروف: إن دور الأخوان في كل مكان في العالم هو صد الشباب المسلمين عن المنهج السلفي، وتحدث عن علاقتهم منذ حسن البنا مع عباس القمي الشيعي لتأسيس دار باسم التقريب بين المذاهب. وقال أن حسن البنا كان يتلقى أموالا لنشر المذهب الجعفري في الأزهر الشريف.
ومن المعروف أن جماعة الإخوان قامت في طهران في نفس السنة التي قامت بها الثورة الإيرانية، ولهم مكاتب رسمية بعناية الجعافرة في طهران في الوقت الذي يعذب فيه بقية أهل السنة في إيران.
هكذا نعرف لماذا أصبحت تلك الجماعة الخارجة عن القانون منبوذة ومحظورة في كل بقاع الأرض، ليس فقط من الأنظمة والحكومات، بل من كافة التيارات الإسلامية التي عملت معها واقتربت منها في كثير من الأماكن والميادين.. وهو ما قد يوضح لنا سر انتفاضة الجسد المصري للفظهم منذ أن كشفوا عن وجههم الحقيقي، وعرفهم أولوا الألباب من الشعب، من خلال عملهم الممنهج في خداع الناس وتفرقتهم وإشاعة الكراهية في المجتمع، وخلخلة الدولة، وهدم مؤسساتها، سعيا لتثبيت وجودهم بالقوة كمسمار في ظهر الوطن.