قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

د. خالدعبدالعال أحمد يكتب: إدخال السرور على الناس


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين، وبعد؛

فإن الإسلام دين الفرح والسرور ، ويكره الحزن والتشاؤم ولذلك لم يرد الحزن في القرآن الكريم إلا منهيا عنه ، ومن أحب الأعمال إلى الله تعالى وأكثرها أجرا بعد أداء الفرائض إدخال السرور على الناس وتفريج همومهم وتخفيف آلامهم.

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : (إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن وأن يفرِّج عنه غمًا أو يقضي عنه دينًا أو يطعمه من جوع).([1])

وعند الطبراني:(إن أحب الاعمال إلى الله تعالى بعد الفرائض : إدخال السرور على المسلم، كسوت عورته ، أو أشبعت جوعته ، أو قضيت حاجته)([2])، وكان صلى الله عليه وسلم - دائم البشر كثير التبسم في وجوه أصحابه، قال جرير بن عبدالله - رضي الله عنه –(ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلا تبسم في وجهي).([3])

فإدخال السرور على الناس من أحب الأعمال إلى الله، وهو عمل يسير غفل عنه كثير من الناس مع أنه لا يكلفهم شيئا.

وقد حث صلى الله عليه وسلم - أمته على التسابق في إدخال السرور على الناس،فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من أدخل على أهل بيت من المسلمين سرورا لم يرض الله ثوابا له دون الجنة)([4]) وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(مَن لَقيَ أخاهُ المُسلِمَ بِما يُحِبّ لِيَسُرَّهُ بِذلك ، سَرّهُ اللّهُ عزّ وجَلّ يومَ القِيامةِ).([5])

فما أعظم الثواب والأجر على إدخال السرور على الناس ، كل الناس أي كان دينهم.

يقول سيدنا عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما –(من أدخل السرور على قلب أخيه خلق الله تعالى من ذلك السرور خلقا يستغفر له ويدعو له)، وقد سُئِلَ الإمام مالك - رضي الله عنه - "أي الأعمال تحب ؟" فقال: "إدخال السرور على المسلمين، وأنا نَذَرتُ نفسي أُفرِج كُرُبات المسلمين"

فما أعظم الأجر في إدخال السرور على الناس وتفريج كربهم وتخفيف آلامهم وإطعام جائعهم ومداوة مرضاهم وتفقد أحوالهم وحل مشكلاتهم.

وإدخال السرور على الناس له صور متعددة منها:

١ - التبسم في وجوههم، وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - البسمة في وجوه الناس عملا يؤجر الإنسان ويثاب عليه فقال عليه الصلاة والسلام:(وتبسمك في وجه أخيك صدقة)([6]) فكان عليه الصلاة والسلام - أكثر الناس تبسما رغم عظم مسؤولياته.

٢ - السماحة واللين في التعامل معهم :

يقول عليه الصلاة والسلام –(رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشتري وإذا اقتضى).([7])

٣ - قضاء حوائجهم والسعي فيها :

فهذا يفرح الناس ويسعدهم، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على راحلة له فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (من كان معه فضلُ ظهر فليعُد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له)،فذكرمنأصنافالمالماذكرحتىرأيناأنهلاحقلأحدٍمنافيفضل.([8])

و قَالَ عليه الصلاة والسلام -: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ».([9])

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ النَّاسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعْمالِ إلى الله عزَّ وجلَّ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ على مُسْلِمٍ، تَكْشِفُ عنه كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأَنْ أَمْشي مَعَ أخٍ في حَاجَة؛ أحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ أعْتَكِفَ في هذا المسجد شهرا».([10])

٤ - التسابق في تبشير الناس بالخير لإدخال السرور عليهم:

ولقد ضرب الصحابي الجليل طلحه بن عبيدالله - رضي الله عنه - أروع الأمثلة في ذلك، حيث أسرع ليبشر الثَّلاثَةَ الَّذِينَ خُلِّفُوا بِعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُمْ، وَصَدْرُهُ يفيض حبا وفرح وسعادة وَسُرُورًا، حَتَّى إِنَّه من شدة فرحه لم ينتظر حتي يصِلَ إِلَيْهِمْ، فأخذ ينادي عليهم من بَعيدٍ بِأعْلَى صَوته: يا كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ. يَقُولُ كَعْبٌ : (فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْنَا". يَقُولُ كَعْبٌ:"فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ قَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ)([11]) موقف منه يدل على شدة فرحه وسرعة فعله بإدخال السرور على قلوب الناس.

فإدخال السرور على الناس قد يكون في كلمة طيبة أو ابتسامة في وجوهم أو إطعام جائعهم أوتفريج همومهم أو قضاء حوائجهم أو بث الطمأنينة في قلوبهم، خاصة وقت الشدة والأزمة والابتلاء والمحن.

فما أحوجنا الآن إلى هذه القيمة العظيمة التي دعا إليها الإسلام وحث عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتي غابت عن كثير من الناس فأصبح يسيطر عليهم الحزن والقلق ويخيم عليهم التشاؤم والهلع.

فاللهم أسعد قلوبنا،وبشرنا بما يفتح مداخل الرضا والسعادة في قلوبنا ، واصرف عنا المحن والبلاء .



([1]) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان برقم 7274.

([2]) أخرجه الطبراني في الأوسط برقم 7911.

([3]) أخرجه البخاري في صحيحه، برقم 3035، ومسلم في صحيحه برقم 2475.

([4]) أخرجه الطبراني في الأوسط برقم 7519.

([5]) أخرجه الطبراني في الصغير، برقم 1178.

([6]) أخرجه الترمذي في سننه برقم 1956.

([7]) أخرجه البخاري في صحيحه، برقم 2076.

([8]) أخرجه مسلم في صحيحه، برقم 1728.

([9]) أخرجه البخاري في صحيحه، برقم 2442، ومسلم في صحيحه برقم 2580.

([10]) أخرجه الطبراني في الأوسط، برقم 6026.

([11]) أخرجه البخاري في صحيحه، برقم 4418.