الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عمل يجهله الكثيرون في رمضان سبب في دخول الجنة واستجابة الدعوات.. علي جمعة يوضحه

الدكتور على جمعة،
الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إن كثيرا منا قد يطعم الطعام ويفشى السلام ويصل الأرحام إلا أن الصفة التي تحتاج منا إلى تأكيد لإنتهاز نفحات رمضان هو أن نقوم بالليل والناس نيام. 

وأضاف «جمعة» خلال برنامجه « رمضان يحمينا» بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان، أن مما يدل على فضل القيام بالليل والناس نيام ما رواه عبد الله بن سلام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: « أيها الناسُ أفشوا السلامَ وأَطْعِمُوا الطعامَ وصِلُوا الأرحامَ وصَلُّوا بالليلِ والناسُ نِيَامٌ تدخلون الجنةَ بسلامٍ»، إسناده حسن. 


وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن الله -سبحانه وتعالى- ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الأخير فيقول - سبحانه- كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضى الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- « هل من سائلٍ فأُعطيَه هل من داعي فأستجيبَ له هل من تائبٍ فأتوبَ عليه هل من مستغفِرٍ فأغفرَ له حتى يَطْلُعَ الفجرَ». 

ولفت المفتى السابق إلى أن لفظي: « اعطيه واستغفر له» بالفتح  تعني: أي لا يرتب العطاء على السؤال، وهذا من كمال عطائه علينا، ولا يرتب المغفرة على الاستغفار، وهذا من كمال حبه لنا، مشيرًا: إننا صنعته وهو يحب صنعته؛ لذا يجب علينا أن نسعى إليه بهذه العبادات السهلة اليسيرة التي لها مردود كبير على حياتنا. 

وأكد الدكتور على جمعة أن ثلث الليل الأخير محل لاستجابة الدعاء، ويكون وقته ما بين المغرب والفجر، فنقسم عدد الساعات بينهم على العدد 3 يتبين لنا ثلث الليل الأخير، فقد يبدأ في بعض الأيام الساعة الوحدة وفي البعض الآخر الساعة الثانية، منبهًا: فندوعوه بما شئنا من رفع للوباء والغلاء والشدة التي فيها مع أخذنا بالأسباب. 


أولى خطوات التقرب إلى الله

وأفاد الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هئية كبار العلماء، أن أولى خطوات التقرب إلى الله والسير إليه – تعالى- التوبة، ومعناها أن ينخلع من المعاصي، وأن يعاهد نفسه علي أن يترك المعاصي، وأن يعطل ملك السيئات - أي يجعل ملك السيئات لا يكتب عليه شيئًا-. 

وبين « جمعة » في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي «فيس بوك» أن هذا الانخلاع له درجات، أولها: انخلاع من المعصية، وهي التي يقول عنها الشرع: إن هذا حرام؛ فالانسان قرر مع نفسه ألا يفعل هذا الحرام. 

وتابع عضو هيئة كبار العلماء أن ثاني درجات الانخلاع عن المعاصي والرجوع إلى الله : هو البعد عن كل ما يشغل البال أو القلب عن الله من ولد أو المال أو  حب للأكوان وللسلطة وللجاه وللشهوات.

ونبّه المفتي السابق أن الإنسان هنا لم يرتكب حراما لكي يتوب منه، فهو قد تركه، لكنه الآن يتوب من شيء آخر، يتوب من الانشغال عن الله! وكأن الانشغال عن الله- وهو أمر يقع فيه جل البشر- ، وهو ليس معصية، لكن كأنه معصية! وهو لعلو همته يعتبره في حقه معصية؛ فيخلي قلبه من شواغل الدنيا ومشاغلها.


وأشار الدكتور على جمعة أن لفظ « يخلى قلبه» كلمة وقف عندها الصوفية كثيرا، عند التخلية من القبيح، ويأتي بعدها عندهم معني آخر، وهو: أن يحلي قلبه بكل صحيح، وهذه هي التحلية.

وأكمل عضو هيئة كبار العلماء أن التخلية تفريغ القلب من الشواغل والمشاغل، والتحلية هي تجميل القلب بهذه الصفات العالية من التوكل ومن الحب في الله والاعتماد عليه – تعالى- ومن الثقة بما في يده.. الخ.

وواصل المفتي السابق أن السالك إلي الله لا يزال إلي الآن في المرحلة الأولي من الطريق والتوبة؛ فإنه خلي قلبه من القبيح، وحلي قلبه بالصحيح، لكن تأتي توبة أخري بعد ذلك في مرحلة ثانية يتشوق فيها قلب هذا التقي النقي الذي خلي قلبه من الشواغل والمشاغل، وخلي نفسه وجوارحه من المعصية، ثم خلي قلبه من الشوائب. ثم حلي قلبه بتلك المعاني الفائقة الرائقة، وهو في كل ذلك يريد من الله أن يتجلي عليه.ونبه الدكتور على جمعة أن التجلي يأتي بعد التخلي والتحلي، ومعناه- كما قالت الصوفية: التخلق بأخلاق الله: فالله تعالي رحيم؛ فلابد من أن نكون رحماء، والله تعالي رءوف فلابد من أن نكون كذلك، والله تعالي غفور فلابد أن نكون متسامحين. نغفر للآخرين، ويصبح الإنسان في رضا عن الله،عنده تسليم تام بقدر الله. 


وأفاد أن الرضا و التسليم يدخل القلب علي ثلاث مراحل: الأولي: هي مرحلة يسلم فيها بأمر الله، ويقاوم نفسه من الاعتراض و الحزن؛ فهو يحزن لكنه يمنع نفسه من أن يعترض علي أمر الله، وهو أيضا يبكي ليل نهار علي فقدان الولد مثلا، لكنه ساكن القلب إلي حكمة الله تعالي.
وأبان أن المرحلة الثانية: لا يحزن؛ فلو مات له ابن أو اصابته مصيبة فانه يضحك. والسبب اليقين في لطف الله وحكمته ، والثالثة: يبكي؛ لأنه يستحضر في نفسه أن الله قد أفقده هذا العزيز لديه الآن من أجل أن يبكي، فهو لا يبكي حزنا انما هو يبكي الله. وهذا هو الذي كان عليه مقام النبوة وأكابر الأولياء. 

وأردف: لما فقد النبي ﷺ ابنه إبراهيم بكي، وفي حديث آخر أنه قد أرسلت ابنة النبي ﷺ إليه أن ابنا لي قبض، فائتنا، فأرسل يقريء السلام ويقول: إن لله ما أخذ،، وله ما أعطي، وكل عنده بأجل مسمي، فلتصبر ولتحتسب، فأرسلت إليه تقسم عليه ليأتينها، فقام ومعه جماعة من أصحابه؛ فرفع إلي رسول الله ﷺ الصبي وهو في النزع ففاضت عيناه ﷺ، فقال سعد: يا رسول الله!! ما هذا؟! فقال: "هذه رحمة" جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء".


واسترسل أن  النبي ﷺ يبكي علي إبراهيم، ولكنه يبكي لأن الله قد قدر لمن أصيب بمصيبة أن يبكي، فالأول يبكي حزنا، والثاني يضحك رضا، والثالث يبكي مرة ثانية قهرا تحت سلطان الله سبحانه وتعالي، واستجابة لمقتضي ما أجراه الحق في هذا الوقت المخصوص من أحوال، وكأن الله أرادني الآن أن أحزن فأنا أحزن لذلك.

ونوه الدكتور على جمعة أن التوبة إذن أول الطريق، وهي مراحل: أولها: توبة من المعصية، ثم توبة من الأكوان بالتخلية والتحلية، ثم بعد ذلك توبة من كل شيء سوي الله، لافتًا: من تاب عما سوي الله تجلي الله عليه بصفاته؛ فكان عبدا ربانيا. 


واختتم: يدعو الله ويقول: يارب.. فيستجيب الله له، وكان عبدا ربانيا في رضاه بالله، وفي تسليمه لأمر الله، لا مزيد علي ذلك عليه، ويكون بذلك قد فعل هذا الشيء الذي يسمي التوبة ، وهي : أولا: أن أتوب عن المعاصي، ثانيًا: التحلية والتخلية، ثالثا: مرحلة التجلي والرضا التام تحت قهر الله.



-