الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إيمان وهمان تكتب: جبروت أب

صدى البلد

هدى فتاة قاهرية ولدت فى حى عابدين من أسرة مصرية فوق المتوسطة، أب مهندس وأخ يصغرها بعام وأم من ريف مصر.


كان الأب له توجهات سياسية تتعارض مع حكومة الثورة فى ذلك الحين، يتمتع بشخصيه متسلطة جبارة لا يستطيع أحد أن يرد له كلمة.


كثرت مشاكل الأب مع رؤسائه فى العمل بخلفية توجهه السياسى، وفي يوم علم من صديق له أنه معرض لمشاكل مع النظام، فكر وقرر أن يترك البلد وبالفعل أسرع فى استخراج جوازات السفر له ولأبنائه وتوجه للسفارة الأمريكية للحصول على طلب هجرة، كان ذلك فى بداية الستينات وكانت الهجرة إلى أمريكا سهلة فى ذلك الوقت.


لم يخبر زوجته بما يعتزم، توجه للمأذون وطلقها غيابيا بعد أن حجز تذاكر السفر وسحب رصيده من البنك وباع قطعة أرض كان يمتلكها، لم يتعود ان يشرك زوجته فى أى قرار، أخبرها بأنه سيأخذ الأولاد لزيارة أخته، وبالفعل أخذ الأطفال وكانت هدى فى ذلك الحين ثلاثة أعوام ومجدى أخوها عامين.


كان كل شىء معدا عند أخته، الشنط وكل ما يلزم السفر، توجه بعدها إلى المطار وترك كل شىء خلفه وأقسم ألا يعود مرة أخرى إلى مصر.


سافر إلى ولاية ميتشجن، كان له صديق يعيش هناك ساعده فى استئجار سكن له، وفى أقل من شهر تزوج من أخت صديقه هذا، وكالعادة منع زوجته من الاختلاط بأحد وأخبرها أن عليها أن تكرس حياتها له وأولاده ولا تشرع فى تكوين أى علاقه سواء مع مصريين أو عرب.


مرت الأيام وأنجبت زوجة الأب ابنة أخرى وأصبحوا ثلاثة أطفال، لم تكن هدى تعلم أن هذه السيده ليست أمها، فقد كانت صغيرة ولا تتذكر شيئا عن حياتها السابقة وكانت تناديها بماما.


كان الأب صارما جدا فى حياته الأسرية، ممنوع الاختلاط، ممنوع الخروج إلا للمدرسة فقط، البعد كل البعد عن الأصحاب، ممنوع تكوين صداقات، وبالفعل نشأت هدى فى هذا التناقض بين مجتمع مفتوح وأسرة منغلقة على نفسها.


اعتاد الاب معاقبة أطفاله بالضرب والحبس والحرمان من كل شىء إذا ما أخطأ أحدهم، كبر الأولاد وكبر الخوف بداخلهم، ولكن مجدى كان أكثرهم جرأة وتمردا على كل أوامر والده، وكثرت المشاكل بينهما، وفى أحد الأيام شاهد الأب ابنه يقف مع مجموعة من الشباب صغار السن يدخنون السجائر، انتظره الأب حتى عاد إلى المنزل ونشبت بينهما مشاجرة عنيفة، حاول الأب أن يضرب مجدى لكنه ثار عليه وصارحه بأنه يكرهه ولن يستمر فى العيش معه، وبالفعل جمع ملابسه وخرج من المنزل وهدى تبكى وتتوسل إليه ألا يرحل، لكنه صمم على ذلك وجمع الأب الأسرة وأصدر لهم فرمانا باعتبار مجدى مات.


خرج مجدى ولم يعد، بكت هدى كثيرا لفراقه لأنه كان الأقرب إلى قلبها، كانت تشعر بأن من تظنها أمها تميل إلى أختها الصغرى أكثر منها وتأثرها عليها وعلى أخيها.


مرت الأيام وكانت هدى تقضى أيامها فى المذاكرة والعمل فى الصيف والإجازات بجانب الدراسة، وكانت متفوقة ليس حبا فى العلم ولكن خوفا من عقاب الأب، أنهت المرحلة الثانوية وليس لها صديقة واحدة، بالعكس كان زملاؤها فى المدرسه يتهكمون عليها، حيث إنها لها شارب خفيف وكان الأب لا يسمح لها بالذهاب إلى صالون التجميل، وأطلقوا عليها "أم شنب"، لم تعرهم أى اهتمام، حيث إن والدها دائما ما يقول لها "هؤلاء قوم كفرة ليس لكِ بهم أى صالح، أهم حاجة أن تنهى دراستك بتفوق حتى تحصلى على منحة دراسية، وبالفعل أنهت المرحلة الثانوية بتفوق والتحقت بكلية الطب بعد أن حصلت على منحة تفوق.


استمرت فى دراستها وبالعمل فى مكتبة الجامعة فى وقت الفراغ، وبعدها بثلاثة أعوام التحقت أختها بنفس الكلية وكانت أكثر منها تفوقا وثقة بالنفس، أنهت هدى دراستها الجامعية وقضت ثلاث سنوات امتياز فى أحد المستشفيات، وفى أحد الليالى ناداها والدها وطلب منها أن تبحث عن عمل كطبيبة فى دولة عربية، حيث سيتيح لها العمل أن تتزوج من زوج مصرى مسلم على حد قوله، وكذلك تتعلم اللغة العربية التى تجهلها.


وبالفعل تقدمت للعمل فى إحدى دول الخليج، وبسهولة حصلت على وظيفة طبيبة مقيمة فى مستشفى كبير بمرتب خيالى، كما حصلت على سكن وسيارة مجانا.


كانت الحياة بالنسبة لها غريبة جدا، لم تكن تجيد التعامل مع زملائها فى المستشفى بحكم تربيتها القاسية، وكانت معظم الطبيبات ينتقدنها لأنها لا تجيد فن الحوار أو المجاملات الاجتماعية نتيجة لتربيتها القاسية، كانت زوجة أبيها تطلب منها أن تشترى لها ولأختها حليا وذهبا، وكانت تقوم بتحويل الجزء الأكبر من راتبها إلى والدها للإنفاق على أختها فى الجامعة، على حسب الاتفاق بينها وبينه، وهذا الاتفاق لا يحتمل النقاش.


كان عليها الذهاب أول كل شهر إلى البنك لتقوم بتحويل المرتب إلى والدها، كان موظف البنك شابا مصريا يكبرها بخمسة أعوام، وسيم جدا يتمتع بخفة دم وروح مرحة، حاول أن يجاملها فى إحدى المرات أو يلقى عليها إحدى النكات المصرية، لكنها كانت لا تفهم حديثه وتقابله بتكشيرة حتى هي لا تدرى لها سببا، لكنه الخوف من كل ما هو غريب عنها.


لم ييأس هذا الشاب وحاول معها أكثر من مرة لكنها كانت تصده، وفى أحد الأيام واثناء خروجها من المستشفى رأته أمامها، توجه إليها مباشرة وصافحها وأخطرها بأنه كان فى زيارة لصديق مريض، طبعا لم تكن تلك الحقيقة، طلب منها أن يذهبا إلى أى مكان لتناول القهوة والتعارف لكنها رفضت وأجلت طلبه إلى يوم الإجازة بحجة أنها تحب ان تنام مبكرا لأن لديها عملا فى الصباح الباكر.


وبالفعل تعددت لقاءاتهما، كان هو أول رجل فى حياتها وهى تقترب من الثلاثين من عمرها، وعلى العكس خالد - الشاب الذي تعرفت عليه - حياته مليئة بالتجارب والمغامرات شأن أى شاب مصرى، وكان من السهل عليه جدا أن يجعلها تحبه وتتعلق به، وبسرعة عرض عليها الزواج، فهى بالنسبة له زوجة مثالية، طبيبة ناجحة ذات مركز مرموق مستوى مادى محترم، بالإضافة إلى الجنسية الأمريكية حلم كل شاب.


بدأ ينظم لها كل شئون حياتها، اعترض على المبالغ التى ترسلها لأبيها وأقنعها أن ترسل له جزءا بسيطا وأن تمتنع عن شراء الهدايا الثمينة لأختها وأمها بحجة أنهما مقدمان على تأسيس حياة زوجية ولا بد أن تدخر المال اللازم لذلك، كان دخلها أكثر من أربعة أضعاف راتب خالد، وبالفعل أرسلت لوالدها بأنها ستتزوج من خالد فهى تحبه وتجده مناسبا، عارض الأب بكل شدة هذا الزواج وأرسل يهددها إذا تزوجته فلن تكون له ابنة بعد اليوم.


لم تعبأ بتهديد الأب، فقد كانت تحب خالد جدا، اتفقا على الزواج فى مصر بالرغم من معارضة الأب، وفى أول إجازة لهما توجها إلى القاهرة وتعرفت على عائلته الكبيرة، كانت له أخت كبرى هى بمثابة الأم لهم جميعا، كانت هدى فى أغلب الأحيان لا تفهم ما يدور بين خالد وإخوته من تلميحات، ولكنها ذات يوم سمعت أخته تحدثه عنها بأنها ليست على قدر من الجمال كما أن ملابسها ليست على الموضة.


المهم اشترت هى شقة وبدءا فى تأثيثها وتزوجا وعادا إلى عملهما فى الخليج مرة أخرى، واتفقا على أن يؤجلا الإنجاب حتى تستقر حياتهما.


مرت ثلاث سنوات على الزواج والقطيعة مستمرة بينها وبين والدها، كانت على اتصال بأختها وكانت حزينه بسبب موقف والدها، صارحت خالد بأنها تريد العودة إلى أمريكا وتكمل حياتها هناك، وساعدته فى الحصول على الإقامة القانونية وحصل على الجرين كارد، وبالفعل جمعت ثروة لا بأس بها من عملها فى الخليج، أما هو فلم يكن يدخر شيئا، فراتبه لم يكن بالكثير، كذلك كان يرسل لإخوته الكثير من المال لمساعدة باقى إخوته فى مراحل التعليم.


عادا إلى أمريكا ولكن إلى ولاية أخرى، وبدءا فى شراء منزل صغير وتأثيثه، بدأت هدى بالبحث عن عمل وكان الأمر سهلا بالنسبة لها لكن صعب بالنسبة له، فهو لا يجيد الإنجليزية ولا يملك شهادة تؤهله للعمل فى أمريكا، فبدأ يتجه إلى العمل الحر اعتمادًا على ثروتها.


فى تلك الأثناء حاولت الاتصال بأبيها طلبًا للصفح ولكنه رفض بشدة أن يلقاها، اكتفت هى بالمكالمات بينها وبين أختها ووالدتها على أمل أن تصلح الأيام ما بينها وبين أبيها.


كانت تعمل ساعات طويلة لأنها هى التى تتحمل كل العبء، وكانت تحث زوجها على الذهاب لمدرسة لتعلم اللغة الإنجليزية لكنه كان يرفض، ظلت مشكلة عمل خالد قائمة إلى أن هداه صديق مصرى له إلى فتح محل ملابس، وبالفعل استأجرت له محلا وبدأت تساعده على نجاح المشروع، فعلا بدأ المحل ينجح ببطء وكان معظم زبائنه من البنات والسيدات، مما جعله سعيدا فى عمله.


حان الوقت للتفكير فى الإنجاب بعد خمس سنوات زواجا، وبالفعل رزقا بولد وفى تلك الأثناء علمت بمرض الأب وأنه يريد أن يراها قبل أن يحين أجله، فعزمت على زيارته هى وزوجها والحفيد، وبالفعل توجهت إلى البلد الذى يسكن فيه الأب، وكان لقاءً غريبا باهتا ليس به أى مشاعر حارة، الأب حالته الصحية متأخرة يكاد يكون مرض الموت، طلب منها والدها أن يتحدث معها على انفراد، خرج كل من بالحجرة وجلست على حافة فراش الوالد تستمع له.


أخبرها بالقصة كاملة وأن أمها تعيش فى القاهرة، وأعطى لها شهادة الميلاد المصرية وعنوان الأم وبعض الأقارب حتى تستطيع أن تتواصل معها إذا أحبت ذلك، وبعد عودتها بأيام تلقت مكالمة من أختها بوفاة الأب.


مرت الأيام وبعدها بثلاث سنوات رزقت ببنت، وكانت بدأت تعيد علاقتها بأختها وزوجة أبيها، وكانت أختها أنهت دراستها وبدأت بالعمل فى أحد المستشفيات وتعرفت على شاب مصرى عن طريق الميديا، تم كل شىء سريعا وتزوجا وأحضرت زوجها إلى أمريكا.


صارحت هدى زوجها بأنها تريد البحث عن والدتها الأصلية، وبالفعل بدأ أصحاب مجدى وأهله الذين استعان بهم في البحث عن أمها، وفى ظرف شهور قليلة تمكنوا من العثور على الأم فى نفس الحى والشقة التى كانت تسكن فيها أمها مع أبيها، فرحت هدى بالخبر وفى إجازتها السنوية أخذت أسرتها لزيارة مصر ولقاء أمها.

كان لقاءً غريبا، لم تشعر تجاه الأم بأى عاطفة، كذلك الأم قابلتها باستغراب وبرود شديد، فقد تزوجت الأم وأنجبت وتكاد تكون تناست أن لها أولادا من زواج سابق، سلمت على الأم وأهدتها مبلغا من المال فلم تكن ميسورة الحال وانصرفت، ولم تفكر أن تزورها مرة ثانية.


عادت إلى عملها وبدأت المشاكل بينها وبين زوجها بسبب غيابه المستمر عن المنزل بحجة العمل والمحل، كذلك تحملها أعباء الحياة بالكامل، بالإضافة إلى أنها كانت تشعر بأن زوجها له بعض العلاقات النسائية المشبوهة لكنها كانت ضعيفة جدا أمامه، فهى تحبه جدا وتخشى أن تفقده.


وشاء القدر وعن طريق الميديا استطاعت الوصول إلى أخيها مجدى وبالفعل تم اللقاء بينهما وعلمت أنه بعد أن ترك المنزل التحق بالجيش الأمريكى وتزوج من فتاة من أصل عربى وأنجب منها ابنة، ولكن زوجته مرضت وتوفيت وتركت له الابنة وهو يكرس حياته لعمله ورعايته ابنته.


مرت الأيام هى أغلب وقتها مكرس لعملها، لم يكن لديها الوقت الكافي لرعاية أبنائها، وتركت تلك المهمة للزوج الذى لم يكن يعطى أولاده الوقت والرعاية الكاملة، وصل الابن لمرحلة المراهقة وكثرت المشاكل، فكان أصحابه من المراهقين من أصول لاتينية وكان يتشبه بهم فى اللبس وتسريحة الشعر وطريقة الكلام، وفى كل يوم له مشكلة فى المدرسة ولم يكن ملتزما لا دراسيا ولا أخلاقيا، وبدأ فى تدخين السجائر وبعدها الماريجوانا وهذا كله يحدث وهو لم يتجاوز الثالثة عشر، كان ابنها أكبر مشكلة فى حياتها وبدأ يتمرد عليها ويتطاول عليها وكثرت بينهما المشاكل ولم تستطع أن تحتويه أو تعامله كأم.


ترك المنزل عدة مرات وفى كل مرة يحاول الأب جاهدا إعادته إلى البيت، ظلا على تلك الحال إلى أن وصل الابن إلى المرحلة الثانوية، وكان لا يتردد أن يجهر أمامها بأنه يكرهها، وهدى كانت من داخلها مقتنعة بأنها للأسف أم فاشلة، تجهل فن تربية الأبناء، فهى تفتقد الحنان والدفء الأسرى لأنها لم تتعلمه وبالتالى فشلت فى توصيل تلك المشاعر لأبنائها، وكانت دائما تعبر لهم عن حبها بالهدايا أو المال وكانت تعتقد للأسف أنه كافٍ لكسب ودهم.


كانت فى عملها مثالا للطبيبة المجتهدة، رشحت لحضور مؤتمر فى دولة أوروبية، وبالفعل سافرت لعدة أيام وأخذت تراجع شريط حياتها وأحست أنها غير سعيدة بسبب كثرة المشاكل بينها وبين ابنها من جهة، وبينها وبين زوجها من جهة أخرى، صممت على أن تصلح مسار حياتها وأن تكون أكثر رومانسية معهم، والحقيقة هى كانت دائما حادة الطباع تفتقد الحنية والرومانسية فى التعامل.


أرادت أن تفاجأ زوجها بميعاد وصولها، وبالفعل عادت إلى البيت ظهرا، كانت تعلم أن الأولاد فى المدرسة، والزوج فى المحل، كانت تنوى أن تاخذ قسطا من الراحة لحين عودة الأولاد وتتصل بالزوج وتدعوهم جميعا للخروج للعشاء، دخلت المنزل وصعدت للطابق الأعلى وتوجهت الى حجرة النوم لتفاجأ بزوجها نائما ومعه امرأة أخرى، فقدت أعصابها وثارت فى وجهه وأصرت على أن تطلب البوليس لكنه منعها وتوسل إليها وبكى وأقسم لها بأنها غلطة لن تتكرر وانها المسئولة عنها بسبب انخراطها فى العمل وأسلوبها الجاف، وأنه يحبها، وبالفعل أثناها عن طلب البوليس ولكنها صممت على أن يترك المنزل فترة حتى تهدأ حالتها النفسية.


انفصلا لعدة اشهر كانت فى أسوأ حالاتها فهى تحبه ولكن يصعب عليها أن تغفر له فعلته، وبعد فترة تدخلت الابنة وتوسلت إليها أن يعود الأب إلى البيت، لم تكن تعلم لماذا ترك الأب البيت لكنها كانت مرتبطة بأبيها جدا عكس أخيها، كذلك أحست هدى أنها تحتاج أن يعود خالد إلى البيت من أجل الابن لأنها لا تستطيع أن تتعامل معه ويصعب عليها ترويضه.


عاد خالد إلى البيت وحاول إرضاءها بشتى الطرق لكن شيئا ما انكسر بداخلها، أنهى الابن دراسته الثانوية والتحق بالجامعة لكنه كان له مجموعة أصحاب سيئو السلوك سهر وشرب ومخدرات، وكانت النتيجة الطبيعية رسوبه فى النصف الأول من العام الدراسي، وطبعا ثارت هدى فى وجهه وصرخت فيه وطردته من البيت وأصرت على ذلك برغم معارضة زوجها، لكنها صممت وخرج ابنها مطرودا وكررت ما فعله أباها من سنوات طويلة مضت.


أصبحت الحياة كئيبة، انقطعت أخبار الابن عنهم، كبرت الابنة وأنهت الدراسة الثانوية وصممت على أن تلتحق بالجامعة ولكن فى ولاية أخرى بعيدة عنهم لأنها لم تكن سعيدة بالحياة الأسرية.


كانت تصلهما بين الحين والآخر أخبار عن الابن بأنه يعيش مع مجموعة من الشباب سيئى السمعة، وفى أحد الأيام طرق الباب لتجد أمامها ظابط شرطة يخطرها وزوجها بأن ابنها ومجموعة شباب قاموا بعملية سطو على محل وأثناء مطاردة البوليس لهم كان ابنها يقود السيارة بسرعة فائقة فتعرض لحادث على الطريق السريع واصطدم بسيارة نقل كبيرة وفقد حياته فى الحال.


انهار الأب حين سمع خبر وفاة ابنه على عكس الأم، تجمدت الدموع فى عينيها ولم تنبس بكلمة، حبست نفسها فى حجرتها وأحست أنها المسئولة عن موت ابنها، أصيبت بمرض نفسى ولم تقو على حضور جنازة الابن ومراسم الدفن، حضرت الابنة لتكون بجوار والدها فى تلك اللحظات الصعبة، كذلك حضرت أخت هدى وأخوها وبعض الأصدقاء لمواساة الأسرة.


حاول أخوها أن يتحدث معها وكذلك أختها لكن دون جدوى، وتم إيداعها إحدى المصحات النفسية بناءً على أوامر الأطباء لتكون تحت العلاج والملاحظة.


أحس الأب هو الآخر بالذنب نتيجة لفقد ابنه وأنه يتحمل جزءا كبيرا من المسئولية لاستهتاره وعدم اهتمامه بتربية أولاده وتركهم بين مجتمع مفتوح مختلف فى العادات والتقاليد وأم تفتقر للتربية الأسرية الصحية.. ولا تزال هدى للآن فى المصحة النفسية.