الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سد النهضة يضع مجلس الأمن أمام مسئولياته!


بعد غد يكتب مجلس الأمن الدولى سطرا جديدا فى دفتر حياة النيل الممتد فى وجدان المصريين عبر ملايين السنين في جلسة طارئة بناء على طلب مصر لبحث مشكلة سد النهضة الأثيوبى!

فبعد 9 سنوات من المفاوضات وإصرار أثيوبيا أخيرا على ملء السد وحجز كميات المياه اعتبارا من يوليو المقبل بصرف النظر عن التوصل لاتفاق بين دولتى المصب مصر والسودان وجدت مصر نفسها مضطرة لتصعيد القضية أمام المجلس المنوط به حفظ السلم بين الدول.

لقد استمعت واستمع معي الملايين لما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ اختاره الشعب فى 30 يونيو 2014 لتولى الحكم، أن التزامه كان واضحا بالإقرار بحق أثيوبيا فى التنمية بما لا يمس حق مصر فى الحياة، فالمياه عندنا قضية لا تقبل المغامرة ولا الملاوعة ومن أجلها حددت مصر بوصلتها تجاه انتمائها لقارتها السمراء، دعما ومساندة فى قضايا التنمية ونالت بجدارة رئاسة الاتحاد الأفريقى فى 2019.. لم أذكر مرة أن تجرأت أى حكومة أثيوبية طوال القرن الماضى منذ توقيع اتفاق عام 1902 بين مصر وأثيوبيا وبريطانيا على المساس بحصة مصر والسودان في مياه النيل، منذ نص الاتفاق صراحة فى مادته الثالثة على: "إن الإمبراطور الإثيوبي منليك الثاني يعد بألا يبني أو يسمح ببناء أي أعمال على النيل الأزرق وبحيرة تانا أو السوباط".

وطوال ما يقرب من مائة سنة لم يستطع أحد التطاول على حق مصر الذى قررته الاتفاقية، إلا أثناء اندلاع أحداث عام 2011 .. حين استغلت إثيوبيا الاضطرابات وكأن الأمور كانت مرتبة مع الإخوان لوضع حجر الأساس لبناء السد ليلة زيارة الرئيس الإخوانى لأديس أبابا.

أقول إنه لم يحدث قبل الحقبة الإخوانية السوداء أن تجرأ أحد على حق مصر أو ادعى أن الاتفاقية ليست لها قوة إلزامية بالنسبة لإثيوبيا، فحق مصر تضمنه مئات الوثائق الدولية أبسطها من وجهة نظرى  الأطلس الذي كان مقررًا على المرحلة الثانوية في المدارس المصرية عام 1913م، ويحمل اسم "أطلس خرط الدنيا" ، ويجد القارئ فى صفحته الخامسة على الحد المصري الإنجليزي مع الحبشة ـ حين كانت مصر والسودان وحدة واحدة تحت الاحتلال الإنجليزى فى مواجهة الحبشة ـ جملة تقول " هذا الحد السياسي الذي بُني عليه اتفاق المياه الموقع فى 15 مايو عام 1902م".

فجميعنا يعرف أن المشكلة ليست وليدة اليوم، لكن الجديد أمام مجلس الأمن غدا وكل يوم هو مكانة مصر فى المجتمع الدولى وأسرتها الأفريقية، ورغم أن المشكلة معقدة وتتدخل فيها أطراف دولية، ألمح في مواقف بعضها حسن النية وفي مواقف أخرى تتجلي سوء النية .. لكن الحق في المشكلة المطروحة أمام المجلس عن مياه النيل واضح والنتائج الخطيرة على عدم إقراره تزداد تعقيدا مع اندفاع العالم وبينه مصر نحو مجاعة مائية تهدد باندلاع  حروب مصير، لأنها حروب على المياه مصدر الحياة.

وهنا تأتى أهمية جلسة مجلس الأمن الذى وضعته الدبلوماسية المصرية أمام اختبار صعب، إجابته من وجهة نظرى ليس فيها اختيارات لأنها إجابة واحدة هي الحرص على السلم والأمن الدوليين فحق المصريين فى الحياة لا يقبل المراوغة أو التسويف أو اللعب بالنار.

وإن شاء الله مصر ستنتصر وتبدأ عهدا جديدا نشعر فيه جميعا بالأمان وبأن حقنا في المياة محفوظ لن يسلبنا إياه أحد .. فمصر في عهد السيسي الرئيس الوطني المخلص قوية وقادرة ولن يضيع حقها ابدا، فهل يستطيع مجلس الأمن أن ينفذ التزاماته وقراراته أم أنه فقد قدرته على إرساء العدل وصون السلم؟!


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط