الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدولة المصرية الجديدة وفلسفة الردع الإيجابي «2/2»


في الجزء الأول من هذا المقال الذي نشر يوم السبت الماضي الموافق الـ20 من يونيو الحالي تحدثت فيه عن تطورات الأحداث بالمنطقة العربية كلها وتأثير ذلك علي التحولات التي يشهدها العالم ومنطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية ومنها بالطبع مصر التي تعتبر رمانة الميزان بالمنطقة العربية والشرق الأوسط، وتنظر إليها القوى الطامعة في خيرات المنطقة العربية علي أنها الدولة التي تفسد أحلام الطغاة وأن التاريخ شاهد علي أن هذه الأحلام تتحطم باستمرار علي أعتاب المصريين وقوتهم المشهود لها .


نعود للوضع في ليبيا ومن يحكمها الآن، حتي نستطيع وضع النقاط فوق الحروف ومعرفة القادم من خلال قراءة واقعية عقلانية متوازنة، فنجد هناك " عقيلة صالح " رئيس البرلمان المنتخب من الشعب الليبي ، وفايز السراج رئيس الحكومة المعين من خلال مؤتمر عقدته الأمم المتحدة بمدينة الصخيرات في المغرب وتم تعيين السراج علي طريقة "البراشوت " المفروض علي الشعب الليبي، والطرف الثالث هو خليفة حفتر  القائد العام للقوات المسلحة والمعين من الدولة والذي يؤيده البرلمان الليبي، وبالتالي فإن هذا الرجل يمتلك شرعية كاملة  ومدعوم من الدولة وبذل مجهودا كبيرا في محاربة الدواعش التي كانت تحتل كامل الأراضي الليبية ، ونجح في تطهير ليبيا بالكامل من دواعش ليبيا – الدواعش الهاربين من سوريا إلي ليبيا – الدواعش الهاربين من العراق – القادمين من بوكو حرام-  القادمين من المغرب ثم  العائدين من أفغانستان بجانب انتشار سلاح القذافي في أيدي الليبيين أنفسهم ونجح حفتر في تطهير البلاد هناك حتي وصل إلي طرابلس وكان يمكن أن يدخلها ولكن وجود المدنيين جعله يتراجع حتي لا يتم تدمير مدينة التاريخ هناك .


 لكن فجأة تغير الموقف العالمي تجاه ليبيا أو الكنز البترولي كما يطلقون عليه وجاءت قرارات من الأمم المتحدة بعد انهيار الأوضاع بهذا الشكل وقررت مراقبة وحظر دفع أي سلاح أو معدات إلي  ليبيا ومصر التزمت به تماما رغم أنها تؤيد حفتر وصدق عليه مؤتمر برلين الذي حضره المستشارة الألمانية ميركل وجونسون من انجلترا - كونتي رئيس وزراء إيطاليا و ماكرون رئيس فرنسا ، الرئيس عبد الفتاح السيسي وأردوغان وصدر قرار بمنع أي أسلحة أو معدات عسكرية إلي ليبيا.


لكن المنطقة العربية تغيرت وأصبحت مطمعا للاستعمار وكيكة عملاقة للأطماع الغربية الأمريكية الروسية وظهرت من خلال التلميحات الأمريكية والتي أطلقت عليها مصطلح شرق المتوسط والتي تعوم علي بحار من الغاز والبترول وتشمل كلا من  ليبيا –  مصر– غزة – إسرائيل – لبنان سوريا – قبرص واليونان  ولم يذكر تركيا من قريب أو من بعيد وبالتالي فإن تركيا أصبحت خارج لعبة البترول والغاز وهو ما كشف عنه أردوغان الذي يسعي إلي الحصول علي جزء من هذه الكيكة العملاقة فبدأ يتحرش بقبرص  فاصطدم بالإتحاد الأوربي لأن قبرص عضو بالاتحاد الأوروبي فسحب معداته وانكمش مرة أخري .


لكن الفرصة جاءت للخليفة العثماني المزعوم علي طبق من فضة مرة أخري ووجد أحلامه التي يبحث عنها مع فايز السراج المفروض من الخارج علي ليبيا أو الرئيس المزيف الذي تم تعيينه الذي يعاني في طرابلس ويحتاج إلي قوات تساعده فعقد معه اتفاقيتين – اتفاقية أمنية  علي أن تقوم تركيا بتأمين السراج في ليبيا واتفاقية ترسيم الحدود البحرية رغم عدم شرعيتها لأنه يجب موافقة البرلمان علي هذه الاتفاقية والتي وافق عليها البرلمان التركي ورفضها البرلمان الليبي تماما فأصبح اتفاق أردوغان –  السراج باطلا لأنها لم يصدق عليها من البرلمان أو الأمم المتحدة .


ولكن لأن المصائب لا تأتي فرادي –  تلقي أردوغان ضربة موجعة من جديد بعد اتفاق ونجاح إيطاليا واليونان بعد صراع استمر أكثر من أربعة عقود، كما أن ليبيا بالنسبة لإيطاليا دولة احتلال قديمة وتراودها أحلام عودة التاريخ من جديد وبالتالي فإن ضربة ترسيم الحدود بين إيطاليا واليونان قضت علي الأطماع التركية .


وعاد اردوغان وطلب من السراج إرسال معدات ومراكب للتنقيب عن البترول أمام الشواطئ الليبية  مقابل أن يقوم أردوغان بإرسال قوات لحماية السراج وبالفعل أرسل 10 آلاف من المرتزقة معظمهم من شمال سوريا منهم أطفال مابين 16 إلي 18 عاما مقابل حصول كل منهم علي 700 دولار، وأربعين عربية مدرعة- أربعين دبابة موديل إم 60 " وهي عبارة عن معدات قديمة وأرسل مؤخرا طائرات مسيرة بدون طيار بجانب إنشاء مركز قيادة عمليات وضباط أتراك – ومركز استخبارات ومعلومات لاتخاذ القرار وبالتالي أصبحت السفن التركية في المياه والطائرات تحتل السماء الليبية في محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع علي الأرض وعودة ما يسمي بالاحتلال العسكري لدول المنطقة من جديد .


لكن الموقف تغير تماما بعد الزخم العسكري الذي حصل عليه أردوغان وبدأ في استعادة مناطق كانت تحت سيطرة حفتر ووصل أردوغان وعصابته إلي مشارف سرت التي تعتبر محور تمركز الهلال النفطي في ليبيا وأهم منطقة بها غاز وأبار بترول وكل خيرات ليبيا، كما أن هذا الهلال النفطي كان حتي وقت قريب جدا تحت سيطرة حفتر وحصل عليه أردوغان حاليا رغم أنه تراجع مؤقتا أربعين كيلو لكنه يسعي للسيطرة الكاملة علي مناطق الهلال النفطي وهو الهدف الكامل لأردوغان من اجل إعادة التوازن الاقتصادي لتركيا .


وعندما أعلنت مصر عن مبادرة القاهرة التي أعادت لمصر مكانتها الإقليمية والدولية علي حد سواء واتفق جميع أطراف المبادرة علي الهدنة ورفضها الحاكم التركي .


واجتمع مؤخرا مجلس الأمن القومي المصري والذي يعتبر أعلي سلطة في الدولة لاتخاذ القرارات المصيرية ويتكون من رئيس الجمهورية – رئيس الوزراء – رئيس مجلس الشعب – وزير الخارجية – وزير الدفاع – وزير الداخلية - وزير المالية ومدير المخابرات العامة  وتمت مناقشة الموقف في ليبيا وموقف التعنت الأثيوبي الخاص بسد النهضة .


كما أن زيارة رئيس أركان القوات المسلحة وتبعه زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للمنطقة الغربية لها مدلولات قوية وتحمل العديد من الرسائل القوية والهامة أهمها الاطمئنان علي استعداد القوات المسلحة وجاهزيتها لمواجهة الأخطار المحتملة وهو الأمر الذي يظهر من خلاله مدي استعدادات الدولة المصرية وجيشها في مواجهة الأخطار المحتملة مستخدما سياسة الردع الإيجابي كما قلت في البداية وكان علي النظام الحاكم أن يعيد تسليح الجيش المصري بشكل يتلاءم مع طبيعة الأخطار المحيطة وتسلم الجيش المصري في سبيل تحقيق الأمن الذي يسعي الي استقرار البلاد الذي أدي الي عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي عدة صفقات مهمة لتسليح الجيش المصري وتعزيز قدرته العسكرية. 


ولم يكتف الرجل برفع القدرة القتالية للأفراد فقط بل أخذ علي عاتقه تسليح الجيش بأحدث المعدات حتي وصل إلي أن يكون من بين أقوي ثمانية جيوش في العالم بحسب تصنيفات الجيوش العسكرية طبقا لموقع " جلوبرفايرباور" الأمريكي المهتم بالشأن العسكري حتي أصبح الجيش المصري الأول علي جيوش المنطقة متفوقا علي جيوش إيران وتركيا وإسرائيل بعد نجاح الرئيس السيسي في عقد عدة صفقات بدأت  بالحصول علي منظومة الدفاع إس 300 الروسية في نوفمبر 2014 مرورا بطائرات الرافال الفرنسية حتي افتتاح أكبر قاعدة عسكرية شاملة تحمل اسم " قاعدة محمد نجيب "   والتي تعد الجيش السابع ليرسخ لقدرات الجيش المصري ويعزز من قوته وقدرته علي سيطرته علي البحر المتوسط وفرض سياسة الردع الإيجابي وإيمانا بأن الأمن والاستقرار، وراءهما جيش قوي يحمي ولا يهدد، وقادر على الدفاع عن أمن مصر القومي داخل وخارج حدود الوطن”.. اللهم احفظ مصر وشعبها وجيشها .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط