الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ملامح تأسيسية للكولونالية التركية في اليمن


تزايد قلق القاهرة من تعاظم  نفوذ الكولونالية التركية في اليمن، الأمر الذي غذى المخاوف الأمنية  بشأن أمن  البحر الأحمر وقناة السويس.


لعبت الكولونالية التركية دورًا سياسيًا مؤثرا  في المنطقة الجنوبية، والتى تنتشر فيها المذاهب السنية التي مزقتها الحرب في اليمن من خلال فروع  حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين)، والتى  تساعد المؤسسات الخيرية التركية على اكتساب النفوذ والتسلل الى الجمهور العام. 


لعب حزب الإصلاح دورا حاسما فى صياغة الآليات الكولونالية التركية فى اليمن، وظهر ذلك عندما عيّن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، معين عبدالملك سعيد الصبري  15-10-2018،  رئيسًا جديدًا للحكومة، خلفًا لسلفه، أحمد عبيد بن دغر ، والذى أحيل إلى التحقيق نتيجة "الإهمال والعجز". 


اتسم رئيس الحكومة اليمنية الجديد، بحيوية الشباب، وهي المرة الأولى في تاريخ اليمن الحديث، التي يتم فيها تعيين شاب في أوائل الأربعينيات من عمره، ولد الصبري في محافظة تعز، وهو ابن سفير يمني سابق في قطر، حاصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة العمارة الإسلامية من القاهرة، ودخل الحكومة أول مرة بعد تعيينه في العام 2017، وزيرًا للأشغال العامة والطرق، عمل معين أستاذًا مساعدًا، في كلية الهندسة في جامعة ذمار، شمال اليمن، إلا أنه أصبح واحدًا من أعضاء "مؤتمر الحوار الوطني"، المنعقد بين عامي 2013-2014، كأحد قادة الثورة اليمنية، والتى  أطاحت بنظام حكم الراحل علي عبدالله صالح، في 2011،  وكان له دور بارز في صياغة وثيقة مطالب "شباب الثورة اليمنية". 


يرتبط الصبري، بعلاقة وطيدة مع حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن)، وتُرجمت هذه العلاقة بشكل واضح إبان الاحتجاجات التي شهدها اليمن في 2011، على الرغم من تقديمه كشاب مستقل، وبقائه ممثلًا عن الشباب المستقل في الثورة اليمنية، وعلى الرغم – أيضًا – من هناك معلومات تشير إلى انتمائه لحزب التنظيم الوحدوي الناصري، وتقول مصادر يمنية إن رئيس الوزراء الجديد مقرب من جلال هادي نجل الرئيس اليمني. ومقر معين  في مدينة عدن الساحلية الجنوبية الشرقية.


قام المسئولون والوزراء المنتمون إلى جماعة الإخوان برحلات إلى أنقرة للضغط على المسؤولين مع حزب العدالة والتنمية وأردوغان ليكونوا أكثر نشاطًا في اليمن، لا سيما من خلال الاستثمار في قطاعات النقل والموانئ في البلاد، زار نائب وزير الداخلية التركي، إسماعيل تشاتاكلي ، عدن وأجرى محادثات مع سعيد في يناير 2020.  وطلب أردوغان من فريق من المساعدين إعداد تقرير عن الاحتياجات الإنسانية في اليمن. 


فى هذا السياق جاءت رسالة بعثها المندوب التركي الدائم لدى الأمم المتحدة فريدون سنيرلي أوغلو إلى مجلس الأمن الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، هجوما سياسيا على دولة الإمارات العربية كتمهيد  للغزو الكونونالى التركى .


من ناحية  أخرى عبرت القاهرة عن قلقها من الوجود المتزايد  الكولونالية التركية بالقرب من مضيق باب المندب، الذي يتم من خلاله نقل نفط الخليج قبل الوصول إلى قناة السويس، مما يهدد أمن مصر ودول الخليج العربية، ويرتبط هذا بأن مصر على خلاف  استراتيجى مع تركيا بسبب دعم أنقرة للإخوان المسلمين في الخارج، والتنافس على الموارد في شرق البحر الأبيض المتوسط.


ويعتبر نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر "بابا القاعدة وأشارت  صحيفة  "ليبراسيون" عن مايكل هورتون، عضو مؤسسة "جيمس تاون" للبحث والتحليل حول الإرهاب، بأصابع الاتهام إلى علي محسن الأحمر، باعتباره من "سهّل استخدام المسلحين ضد الحوثيين ونشرهم -أيضا- ضد المقاتلين في الجنوب“. قام الاحمر بوضع استراتيجية "الاندماج مع القاعدة“ يعود إلى بداية الحرب في اليمن عام 2015. 


ومن الناحية الأيديولوجية فإن دعم "القاعدة" لحكومة هادي مستمر ، ويقول فرناندو كارفاخال العضو السابق في فريق خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المعني باليمن إن "هناك تعاونا بين القوات المسلحة الحكومية والقاعدة، وفي بعض المقاطعات استفاد مقاتلوها من المعدات والأموال العامة".


فى هذا السياق كثف التيار القطري المتأثر المعروف باسم "تيار الدوحة" داخل الحكومة اليمنية من هجماته الإعلامية والسياسية على التحالف العربي، متهما إياه بفرض وصاية على القرار اليمني، تزامن ذلك مع  تحركات مريبة للقوات من قبل الميليشيات الإسلامية في محافظتي تعز وشبوة بهدف فرض سيطرتهم على المحافظتين وتعزيز تأثير المشروع التركي القطري في اليمن.


وجاء هذا التصعيد مرتبطا بالجهود التي يبذلها التحالف العربي بقيادة السعودية لتصحيح مسار معسكر الحكومة المعترف بها دوليًا ، من خلال السعي إلى الإصلاح المؤسسي والعمل على إنشاء حكومة جديدة وفق أحكام اتفاقية الرياض الموقعة بالرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر 2019.


يخشى "تيار الدوحة" من نجاح المشاورات التي ترعاها الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، لأن هذا النجاح يعني فرض معادلة جديدة تنهي تأثير التيار المناهض للتحالف في الحكومة اليمنية، كما أن الحكومة السعودية ترعى حوارًا واسعًا في العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة جميع القوى والمكونات في المعسكر المناهض للحوثيين، بمن فيهم أعضاء رئاسة مجلس النواب.


بالتزامن مع التصعيد السياسي والإعلامي بقيادة أعضاء جماعة الإخوان المسلمين داخل معسكر "الشرعية"، هناك حملة عسكرية تدعمها قطر، تتحرك في محافظتي شبوة وتعز، وهناك تحركات مشبوهة لميليشيات مسلحة معروفة بتمويلها من قبل النظام القطري من أجل إرباك المشهد اليمني وإحباط جهود التحالف العربي لتنفيذ اتفاق الرياض ومعالجة أوجه القصور السياسي والعسكري داخل "الشرعية". 


في شبوة ، يواصل وزير النقل السابق صالح الجبواني فتح معسكرات التجنيد والتدريب للميليشيات المناهضة للعرب والميليشيات الموالية لتركيا وقطر . ووفق مصادر محلية في مدينة عتق ، كانت المخيمات الأولى للجبواني تم افتتاحها  بالتوازي مع أنشطة مماثلة من قبل ميليشيات الإخوان في محافظة تعز بقيادة حمود سعيد المخلافي. ويعرف أن في تعز أن الإخوان اتخذوا قرارًا بإكمال سيطرتها على المحافظة ونشر المليشيات في منطقة الحجرية جنوب تعز ، حيث هاجمت ميليشيات المخلافي القوات البرية التابعة للواء المدرع 35 اغتال قائدهم العميد عدنان الحمادي بتهمة العمل في التحالف العربي ورفض تمديد المشروع التركي القطري في المحافظة.


هذا الانتشار العسكري في جنوب تعز يهدف إلى فتح خرق في محافظتي لحج وعدن والساحل الغربي وفتح جبهات معارك تستهدف قوات المقاومة الجنوبية وقوات المقاومة اليمنية المشتركة.  علما بأنه لا يزال الحوثيون يسيطرون على أجزاء كبيرة من مدينة تعز ، وسط المحافظة ، في ضوء هدنة غير معلنة بينهم وبين الإخوان المسلمين في المنطقة. تزامن الانتشار العسكري ، دون موافقة محافظ تعز نبيل شمسان، مع تظاهرات لجماعة الإخوان المسلمين في تعز لمهاجمة التحالف العربي ورفع شعارات تطالب بالتدخل التركي في اليمن. 


إن المشروع التركي القطري في اليمن وجد بيئة مناسبة في محافظة تعز التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون، في الوقت الذي تقاوم فيه هذا المشروع القبائل اليمنية في محافظة مأرب، ويتقدم ببطء في شبوة. تعلق جماعة الإخوان المسلمين آمالا كبيرة على محافظة شبوة بسبب موقعها الجغرافي على بحر العرب.


بصفته وزيرًا للنقل ، عُرف الجبواني بموقفه ضد التحالف العربي ، وتولى على عاتقه التوقيع على اتفاقية ثنائية بين وزارته والحكومة التركية رفضتها الحكومة اليمنية فيما بعد. وظهر وجود تنسيق بين الجابوني والمخلافي من جهة ، ووزير الداخلية أحمد الميسري من جهة أخرى. يتمثل دور الميساري في تجنيد "خريجي" مخيمات الجابواني والمخلافي وتسجيلهم في قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية ، أو إنشاء وحدات وألوية جديدة لهم فقط.  وتم الكشف عن الإجراءات التي يتخذها القادة السياسيون والعسكريون والقبليون اليمنيون المرتبطون بقطر لإذكاء الصراعات والتنافسات بين مكونات المعسكر المناهض للحوثيين ، وقتل اتفاق الرياض وتمويل المواجهات في أبين بشكل مباشر تحت إشراف الميسري ، الذي أنشأ غرفة عمليات في محافظة المهرة لهذا الغرض فقط.


هذا وقد نفت  اليمن  وجود صفقة مع تركيا لإدارة الموانئ والمطارات الى تسيطر الحكومة المعترف بها دوليًا في عدن على جميع الموانئ الرئيسية في البلاد على البحر الأحمر وبحر العرب. جاء هذا النفي ردا على تصريحات أدلى بها وزير النقل اليمني صالح الجابوني في زيارة أخيرة لإسطنبول. ثم قال الجبواني إنه يتفق مع نظيره التركي على أنه ينبغي على البلدين تشكيل لجنة مشتركة مكلفة بتطوير البنية التحتية للنقل في اليمن - بما في ذلك الموانئ والمطارات.تسيطر الحكومة المعترف بها دوليًا في عدن على جميع موانئ البلاد الرئيسية على البحر الأحمر وبحر العرب ، باستثناء الحديدة ، التي تخضع حاليًا لسيطرة ميليشيا الحوثيين المدعومة من الكولونالية الإيرانية، كما تدير الحكومة مطارات عاملة في حضرموت وعدن، وهناك صراع كبير بين وكلاء الولونالية التركية والحكومة الشرعية فى اليمن.


ويلوح فى الأفق صراع بين  الكولونالية التركية والكولونالية الروسية حول تقاسم أرباح الغاز ، وممارسة النفوذ السياسي مع أي فصائل تهيمن على المجال، والاحتفاظ بالوصول إلى الممرات المائية الاستراتيجية.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط