EN 
«ابني.. ساعدي الأيمن، وعيني المفقودة، أهبه العمر بدون مقابل، وأهبه نور عيني أيضا دون مّن»، تجسدت هذه الكلمات في مشهد لا يراه المرء إلا صدفة، عامل كفيف استبدل نظره المفقود بعيني ابنه الصغير، متكئا عليه كدليل بشري خلال عمله في حمل مواد البناء.
وتواصل «صدى البلد» مع أيمن سعداوي عامل البناء الكفيف الذي تعاطف معه الآلاف في وقت قصير دون معرفته بأنه أصبح حديث مواقع التواصل الإجتماعي على مدار الساعات الماضية، بعد تداول مقطع فيديو لا يتعدى مدته عدة ثوان وهو يمارس عمله المعتاد.
حياة عم أيمن صاحب الـ 43 عاما، كانت في أجمل صورها قبل عشر سنوات، ويروي لـ «صدى البلد» أنه كان يعمل سائقا (رخصة دولي)، ويعيش مع زوجته وابنائه في بيت سعيد، «ربنا يكفيك شر الطريق» هذه الدعوة المفضلة لأيمن خاصة أنه كان يقضي أكثر من 10 ساعات يوميا في العمل.
كانت رؤية أسرته في منزله بمنطقة «الكُنيسة» هي سعادته اليومية التي حرم منها بسبب حادث أليم تعرض إليه خلال عمله قبل 10 سنوات، رأى الموت بعينيه قبل أن يفقدهما إلى الأبد، "كان حادث صعب نظري راح فيها وبطلت أسوق من ساعتها".
وأصيب عم أيمن بعد الحادث بـ فقدان كلي في إحدى عينيه وفقدان شبكية في العين الأخرى، وعند سؤاله عن احتمالية العلاج قال لـ «صدى البلد»: "معرفش لها علاج ولا لأ،، ومش برضى أكشف عشان أي فلوس ولادي أولى بيها".
سيد، سيف، يسرا، وأدهم، هم كنز عم أيمن من الحياة، وابن خامس يدعى مصطفى توفاه الله، وبعد الحادث ازدادت المسئولية على عم أيمن حتى لا يشعر ابنائه بأنهم أقل من غيرهم، ومنذ 10 سنوات لجأ إلى إيجاد طريقة للعمل وكسب المال الحلال دون اللجوء إلى أي طريقة غير شرعية، "مش عيب إني أكسب رزقي بالحلال".
يهم كل يوم مع شروق الشمس ليشق طريقه مهتديًا بعين أبنه الصغير سيف ذو الثماني أعوام بعد أن حرم من البصر يتوكأ عليه، ليسلكا طريق واحد، يدقان أبواب الرزق سويًا، حتى يرزقان بعمل في حمل الرمال أو الطوب والصعود بهم إلى أدوار عالية، دون أن يضع العامل فقدان بصره عائقًا، فقد تغلب عليه بإرشاد طفله له.
ربما كان تداول مقطع الفيديو لعم أيمن هو المعجزة الذي طالما دعى لتحقيقها، "أملى في ربنا كبير الحال يتحسن"، خاصة وأنه عرف بالصدفة تداول مقطع فيديو له خلال عمله بمنطقة الزمالك مهتديا بابنه الصغير لإرشاده.
