الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

واقع جديد يتشكل في تونس.. مواقف متباينة للكتل السياسية من عملية اختيار رئيس الحكومة.. معركة التحرر من هيمنة الإخوان على البرلمان والشارع تحقق تقدما

علم تونس
علم تونس

سعيد يمهل الكتل البرلمانية أسبوعا لتقديم مرشحيها لرئاسة الحكومة
تحفظات على طريقة المشاورات الكتابية بين الرئاسة التونسية والأحزاب
الحزب الدستوري الحر يتقدم على النهضة في استطلاعات الشعبية

دعا الرئيس التونسي قيس سعيد أحزاب تونس الممثلة في مجلس نواب الشعب (البرلمان) إلى طرح مرشحيها لمنصب رئيس الوزراء، بعد تقديم إلياس الفخاخ رئيس حكومة تسيير الأعمال استقالته كرئيس للوزراء الأربعاء الماضي.

وبحسب قناة "العربية"، أمهل الرئيس التونسي، قيس سعيد، الأحزاب والكتل النيابية أسبوعًا لتقديم مقترحاتها حول الشخصية الأقدر لتقود المفاوضات لتشكيل الحكومة القادمة، وسط حذر بعض الأطراف السياسية والبرلمانية من طريقة "المشاورات الكتابية" التي أثبتت فشلها في اختيار رئيس الوزراء المستقيل إلياس الفخفاخ، وتوقعات بنشوء تحالفات جديدة في المشهد السياسي التونسي.

وستصدر المواقف الرسمية للأحزاب من المشاورات مع سعيد ومن الأسماء المقترحة تباعًا بعد أن تعود مختلف الأطراف إلى هياكلها الحزبية نهاية الأسبوع الجاري وبداية الأسبوع القادم. وتؤكد التصريحات الإعلامية للقيادات الحزبية وجود تباين في المواقف وتوجه نحو تحالفات جديدة، بحثًا عن أرضية سياسية وبرلمانية واسعة.


وفي هذا الإطار، أكدت "حركة الشعب"، عن طريق أمينها العام زهير المغزاوي، أنها "ستفتح قنوات للتفاوض مع أحزاب التيار الديمقراطي وتحيا تونس وقلب تونس والكتلة الوطنية بهدف الاتفاق حول مرشح أو مرشحين يقدم اسمهما إلى رئيس الجمهورية، ويكون بإمكانهما الحصول على حزامين سياسي وبرلماني متينين"، وفق تصريح للإعلام المحلي أمس الجمعة.

واعتُبر تصريح المغزاوي تطورًا لافتًا في موقف الحركة من حزب "قلب تونس"، الذي كانت إلى وقت قريب تتهمه بالفساد وتصفه بـ"واقي صدمات النهضة". وينتظر التونسيون لمعرفة ما سيقرره مكتب "حركة الشعب" السياسي الذي ينعقد نهاية هذا الأسبوع.

أما "حركة النهضة" فأفادت عن طريق الناطق الرسمي باسمها عماد الخميري، السبت، أنها "حريصة على إجراء مشاورات لاختيار الأسماء مع مكونات المشهد البرلماني وخاصة المكونات التي تمثل الأغلبية والتي وقّعت على عريضة سحب الثقة من الحكومة"، في إشارة إلى حليفيها في البرلمان حزب "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة".

بدروه، عبّر "ائتلاف الكرامة"، وهو تيار متشدد يضم 19 نائبًا، في مراسلة وجّهها إلى سعيد أمس الجمعة عن اعتراضه على ما سمّاها "المشاورات عن بعد وبواسطة الرسائل"، معربًا عن "استعداده للمشاركة في مشاورات حقيقية ومباشرة تجمع على طاولة واحدة أهم الكتل البرلمانية الراغبة في المشاركة في الحكومة القادمة"، وفق بيانها الصادر الجمعة.

إلى ذلك، دعا رئيس حركة "مشروع تونس" محسن مرزوق إلى "تشكيل حكومة كفاءات مستقلة عن الأحزاب تقودها شخصية مستقلة"، وفق تدوينة نشرها على صفحته في موقع "فيسبوك" الجمعة.

وأعلن رئيس كتلة الديمقراطية في البرلمان التونسي هشام العجبوني، أمس الخميس، أن لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، أودعت في البرلمان.

وتم إيداع لائحة سحب الثقة من الغنوشي بمكتب الضبط في البرلمان التونسي أمس الخميس بعد بلوغها النصاب القانوني (73 صوتا).

وذكرت قناة "سكاي نيوز" أن الحزب الدستوري الحر تصدر نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية بنسبة 29 في المئة متقدما على حركة النهضة وحزب قلب تونس وفق ما أظهرته آخر استطلاعات رأي لمؤسسة "سيجما كونساي" أنجزت بين الثامن والعاشر من يوليو الجاري.

واحتل الحزب الدستوري الحر المرتبة الأولى في نوايا التصويت للانتخابات التشريعية بـ29 بالمائة، فيما جاءت حركة النهضة في المرتبة الثانية بـ 24.1 بالمائة، يليها حزب قلب تونس بـ11 بالمائة، ثم التيار الديمقراطي في المرتبة الرابعة بـ7 بالمائة وائتلاف الكرامة بـ6.7 بالمائة.

وتبدو فرضية المرور لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها ضعيفة جدا في هذه المرحلة غير أن هذه المؤشرات الإحصائية فضلا عن المعطيات القادمة من مجلس النواب المتعلقة بلائحة سحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي، وما يروج حول خلافات غير معلنة مع الرئيس قيس سعيد تشي جميعها بأزمة تعيشها حركة النهضة في علاقة برصيدها الانتخابي داخل الشارع التونسي والذي يحملها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع السياسية وحتى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن سعيد لم يقصد بطلبه من الفخفاخ تقديم استقالته إعلان انتهاء ثقته في رئيس الوزراء الذي اختاره بنفسه، وإنما قصد سعيد استباق تحرك حركة النهضة بزعامة رئيس البرلمان راشد الغنوشي لسحب الثقة من حكومة الفخفاخ في البرلمان، فلو أفلح تحرك النهضة لكان يحق لها قانونًا تعيين رئيس حكومة جديد خلفًا للفخفاخ.

وأوضحت الصحيفة أن حركة النهضة الإخوانية لم تكن على وفاق مع الفخفاخ، وشنت حملتها الأخيرة لسحب الثقة منه بحجة امتلاكه أسهمًا في شركات تنفذ عقود أشغال عامة لصالح الحكومة، ما قد ينشأ عنه تضارب في المصالح.

وأضافت الصحيفة أن تحرك النهضة لسحب الثقة من حكومة الفخفاخ في البرلمان اعتمد على تحالفها مع أحزاب برلمانية مثيرة للجدل، مثل حزب قلب تونس بزعامة نبيل القروي، رجل الأعمال والإعلام المتهم بغسل الأموال والتهرب الضريبي، وائتلاف الكرامة بقيادة سيف الدين مخلوف، المحامي المدافع عن مدبري هجمات إرهابية في تونس.

وتابعت الصحيفة أن تحالف حركة النهضة مع قوى كهذه يجعل منها قوة معزولة عن بقية تيارات السياسة التونسية، وبالرغم من تمتعها بأغلبية نسبية في البرلمان مقارنة ببقية الكتل والأحزاب، فإنها لم تستطع تأمين أغلبية أصوات النواب لمرشحها لرئاسة الحكومة الحبيب الجملي.

ونقلت الصحيفة عن رئيس كتلة التيار الديمقراطي بالبرلمان التونسي هشام عجبوني أن "حركة النهضة سعت لإسقاط الحكومة منذ اليوم الأول لتشكيلها، بعدما فشلت في تنصيب رجالها.

وحذرت الصحيفة من أن الأزمة السياسية التي خلقتها حركة النهضة تأتي في أسوأ توقيت بالنسبة للاقتصاد التونسي، فالتوقعات ترجح تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6% خلال العام الحالي، والديون تتراكم على نحو ينذر بالخطر، فيما يعاني قطاع السياحة – الذي يعد مصدرًا حيويًا للعملة الصعبة والوظائف – من ركود مستمر نتيجة أزمة فيروس كورونا.