الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فى ذكرى إنشائه .. السد العالي مشروع القرن العشرين الذى تبناه جمال عبد الناصر وحاربته الولايات المتحدة

صدى البلد

نحتفل بالذكرى الستين لبناء السد العالى الذى يعتبر من أهم مشروعات القرن العشرين، كما أنه عاد بالفوائد الكثيرة على مصر وكان له أكبر الأثر فى التنمية.


تكوين السد العالى وفوائده
السد العالي هو سد ركامي يقفل مجرى النيل على بعد سبعة كيلو مترات جنوبي أسوان ، مع تحويل المياه إلى مجرى جديد عبارة عن قناة مكشوفة (قناة التحويل ) تتوسطها أنفاق ستة ومداخل الأنفاق مزودة ببوابات حديدية ، للتحكم في كميات المياه التي تمربها ويتفرع كل نفق ، قبيل نهايته، إلى فرعين وتصب الفروع الإثنا عشر، في محطة الكهرباء ،ليغذي كل منها وحدة توليد مائية، قبل أن تخرج المياه الى القناة المكشوفة.


وتقع قناة التحويل على الضفة الشرقية من النيل ، كما يوجد في الضفة الغربية مفيض لصرف المياه الزائدة ، على السعة القصوى لحوض التخزين.

ويبلغ الطول الكلي للسد العالي 3600 متر ، منها 250 مترًا ، بين ضفتي النيل، ويمتد الباقي على هيئة جناحين على جانبي النهر ،ويبلغ طول الجناح الأيمن2325 مترا على الضفة الشرقية، وطول الجناح الأيسر 755 مترا على الضفة الغربية.

يبلغ ارتفاع السد العالي 111مترًا، فوق قاع النيل ، وعرضه عند القاع 980 مترًا، وعند القمة 40 مترًا.

تقع محطة الكهرباء عند مخارج الأنفاق .. وتحتوي علي 12وحدة توليد مائية.. قدرة كل منها 175000 كيلو وات ، أي أن القدرة الإجمالية للمحطة ، تبلغ 1,2مليون كيلو وات ، تنتج طاقة كهربائية سنوية ، تصل إلى 10 مليار كيلو وات ساعة ، ويتم نقل الطاقة الكهربائية المولدة من أسوان إلى القاهرة، بواسطة خطين كهربائيين على ضغط عال قدره 500 كيلو فولت مع إنشاء محطات المحولات وخطوط التوزيع لربط محطة كهرباء السد العالى ، وخطى النقل الرئيسيين بالشبكة الكهربائية العامة للجمهورية .


إصرار الرئيس جمال عبد الناصر على بناء السد العالى
قاد الرئيس جمال عبد الناصر مشروع بناء السد العالى الذى كانت تكلفته فى الستينيات 400 مليون جنيه، وخاض من أجله مواجهات سياسية مع الولايات المتحدة الأمريكية دون أن يترك لها مجالا للمساومة حتى فى ظل ظروف التمويل العصيبة.

لقد وضعت قيادة ثورة يوليو 1952 قضية التنمية على قائمة أولوياتها، حيث تم إنشاء المجلس الدائم للإنتاج كهيئة مستقلة تتبع رئاسة مجلس الوزراء، ليتولى مهمة بحث ودراسة المشاريع الاقتصادية الكبرى، ووضع مخطط وطنى متكامل للتنمية الاقتصادية.

وبدأ المجلس في مجموعة من الدراسات بالاستعانة بعدد من كبار الخبراء المصريين، من أمثال المهندسين محمود يونس وسمير حلمى وعبدالحميد أبوبكر. كما تم الإستعانة بالمهندس اليونانى ادريان دانينوس والمهندس الإيطالى لويجى جاليلو عام 1955، اللذين تقدما بمشروع هندسي للتخزين المستمر على النيل في موقع جنوب أسوان، وهو الموقع الذى تم اختياره لبناء السد العالى بعد ذلك.

وفى يوليو 1956، وبعد سحب تمويل السد العالى من البنك الدولى، تم الاستعانة بأحد الخبراء الروس ويُدعى ماليشيفا (والذى صمم سد وارسو على نهر الفولجا) وتم دراسة جميع الآثار المترتبة على بناء السد العالى، من تعويض السودان بشأن مدينة حلفا أو تهجير أهالى مدينة النوبة.

وبعد الانتهاء من دراسة جميع الجوانب، تم إطلاق إشارة البدء في تشييد السد العالى فى يناير 1960 بحضور الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر، ومجموعة من الرؤساء والملوك العرب، من بينهم الرئيس السورى شكرى القوتلى، والملك محمد الخامس ملك المغرب، والرئيس اليمنى عبدالله السلال.

وتعاقب على وزارات السد العالى منذ إطلاق إشارة البدء وحتى الانتهاء من بنائه في يناير 1971 مجموعة من خيرة مهندسي مصر وهم المهندس موسى عرفة، والدكتور حسن زكى، والمهندس صدقى سليمان، والمهندس حلمى السعيد.


تمويل المشروع واختيار موقع السد 
لما كانت التكاليف المبدئية الإجمالية للمشروع قد قدرت وقتئذ بمبلغ قدره 415 مليونا من الجنيهات، منه 35% من النقد الأجني لاستيراد المعدات اللازمة للسد ولمحطته الكهربائية فقد سبق أن عرض المشروع على البنك الدولى للانشاء والتعمير للمساهمة في تكاليفة من النقد الأجنبي و بعد أن قام خبراء البنك بدراسات عديدة عن المشروع ، أثبتوا فيها سلامته من كافة وجوهه ، وبأهميته الكبيرة لمصر، وافق البنك على التمويل ، وفجأة وفي ۱۹ يوليو عام 1956 وتحت ضغوط استعمارية سحب البنك الدولي عرضه. وإزاء هذا الإنسحاب المفاجىء ، أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في 26 يوليو عام 1956 تأميم شركة قناة السويس العالمية ليكون عائدها وقدره 100 مليون جنيه سنويًا مصدرًا لتمويل المشروع .

وانتهت قصة تمويل السد بتوقيع اتفاقية في ۲۷ ديسمبر عام 1958 بين مصر والاتحاد السوفيتي قدم السوفيت بمقتضاها قرضا بمبلغ قدره 8ر34 مليون جنيه مصري لتمويل المرحلة الأولى لمشروع السد العالى ، وعلى أن يسدد القرض على ۱۲ سنة اعتبارًا من عام 1964 بفائدة سنوية قدرها2,5%.

وفي 27 من أغسطس عام 1960 تم توقيع اتفاقية أخرى بين البلدين قدم الإتحاد السوفيتي فيها قرضًا آخر قدره 78,4 مليون جنيه لاتمام المرحلة الثانية للسد، وعلى أن يسدد القرض الجديد على 12قسطا سنويا اعتبارا من عام 1970 وبنفس الفائدة السنوية سالفة الذكر .


بناء السد وكلمة عبد الناصر التاريخية
واستغرق بناء السد الحالي نحو 10 سنوات، إذ اكتمل المشروع في منتصف يوليو 1970، ثم افتتح رسميا في 15 يناير 1971. وبشهادة المؤسسات الإنشائية الدولية اختير السد العالي كأعظم مشروع هندسي في القرن العشرين متفوقا على 122 مشروعا آخر مثل مطار "شك لاب كوك" في هونغ كونغ، ونفق المانش الذي يربط بريطانيا بفرنسا.

في يوم 9 يناير 1960، ألقى "عبد الناصر" كلمة تأسيس السد العالي، بدأها قائلا: "أيها المواطنون: الحمد لله فهذا هو السد العالى؛ سدكم العالى الذى طال انتظاركم له وعملكم من أجله، هذا هو السد العالى الذى كافحت الأمة العربية كلها على اختلاف شعوبها لتراه يتحقق".

بعد ذلك حيّى "عبد الناصر" الملك محمد الخامس الذي شارك في الاحتفالية، مضيفا أن السد العالي يستحق كل الكفاح الذي بُذل من أجله "لا بسبب قيمته الذاتية فحسب، ولكن بسبب معناه كرمز لتصميم الأمة العربية كلها على أن تسير فى بناء وطنها الكبير المتحرر".

وتابع "ناصر": "إن الذين حاربوا أيها الإخوة ليحققوا الأمل، والذين كافحوا ليحولوا الأمل إلى حقيقة، والذين لم يرهبهم النار والحديد، لم يفعلوا ذلك كله لمجرد استخلاص مليون أو مليونى فدان من براثن الصحراء فحسب، ولا لمجرد الحصول على ١٠ ملايين كيلو وات من الكهرباء فحسب، وإنما فعلوا ذلك تحقيقًا لإرادتهم المستقلة التى انتزعوها انتزاعًا من قبضة الطغيان والاحتلال والاستبداد والسيطرة".

وتابع "وما من شك أيها الإخوة أن الأرض الجديدة التى سنحصل عليها من السد العالى هدف بالغ الأهمية، كذلك ما من شك أن طاقة الكهرباء التى سنحصل عليها من السد العالى هدف آخر بالغ الأهمية، ولكن القيمة الكبرى للسد العالى هى قيمته كعزم وإرادة وتصميم، قيمته الكبرى أنه عزم أصر عليه أصحابه بعد أن استبانوا طريقهم وعرفوه وصمموا عليه، وصمموا على أن تكون العزة والكرامة طريقهم إليه، لا ضعف ولا وهن ولا تخاذل".


تقدم جمال عبدالناصر برفقة الملك المغربي محمد الخامس ليزيح الستار عن اللوحة التأسيسية، ثم يبدأ تفجير الديناميت في الصخور إيذانًا بإطلاق مشروع السد العالى".

وكان هناك 4 أهداف لبناء السد العالى وهى:
-السيطرة على الفيضانات وضخ المياه المحجوزة في موسم الجفاف، وبذلك تصبح الزراعة مستدامة طوال العام، وتقليل التكلفة التي توجبها تلك الكوارث على الدولة والناس.

-إنتاج 53% من احتياج مصر من الكهرباء.

-الحفاظ على مياه النيل من الهدر، وإنشاء مشاريع قومية كالاستزراع بدلًا من تبددها في البحر.

-استصلاح 100 ألف فدان زراعي جديدة في الصحراء.