في تطور لافت قد يشكل نقطة تحول في الصراع الممتد على الساحة اللبنانية، كشفت وكالة "رويترز" عن مقترح أمريكي قدمته إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكومة اللبنانية، يقضي بنزع سلاح "حزب الله" بشكل كامل قبل نهاية العام الجاري، مقابل وقف العدوان الإسرائيلي علي لبنان وانسحاب قوات الاحتلال من خمسة مواقع جنوبية رئيسية.
تفاصيل المقترح الأمريكي
وبحسب نسخة من جدول أعمال مجلس الوزراء اللبناني، اطلعت عليها "رويترز"، فإن المقترح الذي تقدم به المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، توم باراك، يتضمن:
- نزع سلاح حزب الله بالكامل بحلول ديسمبر 2025، بما في ذلك سحب منظومات الصواريخ الثقيلة والمتوسطة من الجنوب والبقاع.
- إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية.
- انسحاب الجيش الإسرائيلي من خمس نقاط تمركز في جنوب لبنان، لم يكشف عنها بالتحديد بعد.
- بدء ترتيبات أمنية بديلة، يفترض أن تشارك فيها قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
الجدل داخل الحكومة اللبنانية
تمت مناقشة المقترح خلال جلسة لمجلس الوزراء اللبناني صباح الخميس، إلا أن الأجواء سرعان ما توترت مع اعتراض وزراء "حزب الله" وحلفائه من الطائفة الشيعية، ما دفعهم إلى الانسحاب من الجلسة، وفقًا لثلاثة مصادر سياسية تحدثت إلى "رويترز".
وفيما لم تصدر الحكومة اللبنانية أي تعليق رسمي على المقترح حتى لحظة إعداد هذا التقرير، كما لم ترد وزارة الخارجية الأمريكية على طلب للتعليق، فإن مصادر مقربة من رئاسة الحكومة قالت إن النقاش لا يزال في مراحله الأولية، وإن "بيروت تدرس الأبعاد السياسية والأمنية للمبادرة الأمريكية بعناية".
حزب الله: صمت رسمي وغضب ضمني
حتى الآن، لم يصدر عن "حزب الله" أي موقف رسمي، لكن مصادر قريبة من الحزب قالت إن المقترح يمثل "إملاءً مرفوضًا" يتجاهل التوازنات الداخلية اللبنانية ويستهدف دور المقاومة في مواجهة إسرائيل. وأضافت أن الحزب يعتبر هذا الطرح امتدادًا لضغوط خارجية بدأت منذ نهاية حرب 2024، التي خلفت دمارًا واسعًا في الجنوب والبقاع.
خلفيات المشهد: ما بعد الحرب
يأتي هذا التطور بعد عام من الحرب الدامية بين إسرائيل وحزب الله، والتي اندلعت في يونيو 2024 واستمرت أكثر من شهرين، وأسفرت عن مئات القتلى وآلاف المهجرين، بالإضافة إلى تدمير واسع للبنية التحتية في جنوب لبنان.
منذ ذلك الحين، تصاعدت الضغوط الدولية، وخاصة من واشنطن وباريس، لنزع سلاح الحزب، معتبرة أن الوضع الأمني لا يمكن أن يستقر دون دمج قرار السلاح بيد الدولة اللبنانية وحدها.
ردود فعل مرتقبة
يتوقع مراقبون أن تحدث المبادرة الأمريكية شرخًا داخليًا في الساحة السياسية اللبنانية، خاصة في ظل انقسام مواقف الكتل النيابية حول مستقبل سلاح "حزب الله" وسبل التعامل مع الضغوط الإقليمية.
كما ينتظر أن تثير الخطة رد فعل حاد من طهران ودمشق، حليفتي الحزب الإقليميتين، اللتين تعتبران أن المقاومة المسلحة ضد إسرائيل جزء لا يتجزأ من معادلة الردع في المنطقة.
بينما تحاول الولايات المتحدة تقديم نفسها كوسيط لإنهاء المواجهة المتصاعدة بين إسرائيل و"حزب الله"، يبدو أن مقترح نزع السلاح قد يفتح جبهة سياسية جديدة داخل لبنان، تتداخل فيها الاعتبارات الوطنية مع الاستقطابات الإقليمية والدولية.