الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد أبو المكارم يكتب: تصريحات أثيوبية للاستهلاك الشعبي.. و3 سيناريوهات مصرية لإدارة الأزمة

صدى البلد

تصريحات أديس أبابا للاستهلاك الشعبي ولا تؤثر على الموقف المصري المتزن في إدارة ملف سد النهضة وفق أسس الدبلوماسية المصرية العريقة التي تعرف جيدا كيف توظف أدوات الضغط الدولي والإقليمي لإرغام إثيوبيا على القبول بشروط مصر في بلورة اتفاق ثلاثي بين مصر والسودان وأثيوبيا حول قواعد ملء خزان السد.


وهنا، لا تمثل تصريحات وزير الخارجية ورئيس الوزراء الأثيوبي حول انتهاء المرحلة الأولى من ملء خزان السد مستفيدا علي حد قوله من موسم الأمطار الغزيرة، علي رؤية مصر حول إدارة ملف سد النهضة من خلال سيناريوهات واضحة ومعلنة، يمكن تفسيرها علي النحو الآتي:

 
من منظور إدارة الأزمات، فإن القيادة المصرية تدير ملف سد النهضة بحكمة سياسية ودبلوماسية مدروسة تعتمد على العديد من الأدوات التي تثبت أننا أصبحنا دولة مؤسسات ولدينا في جعبتنا العديد من الأوراق قبل اللجوء للخيار العسكري.

 
سيناريو الأزمة الزاحفة Creeping Crisis:
مع استمرار تصعيد الموقف المتعنت لإثيوبيا والمناورة بسيولة من التصريحات المتضاربة التي تعلن تباينا وارتباكا إثيوبيا بين موقفها أمام المجتمع الدولي والأفريقي بالتزامها ببنود التفاوض والتصريحات الداخلية من المسؤولين الإثيوبيين بالتقدم في خطوات الموقف الأحادي بملء المرحلة الأولى من خزان السد، تدرك القيادة المصرية أن سيناريو التعامل خلال هذه المرحلة هو من خلال ثلاثة محاور رئيسية للإجراءات:


- مجموعة القوى الإقليمية للضغط على إثيوبيا: من خلال التنسيق القوي مع قادة الدول الأفريقية والاتحاد الإفريقي والاتفاق المشترك على ضرورة التوصل إلى اتفاق ثلاثي والتزام إثيوبيا بعدم اتخاذ أي خطوات أحادية.

- مجموعة القوى الدولية للضغط على أثيوبيا:
حيث نجحت جهود الدبلوماسية الدولية في كسب تأييد قادة دول الغرب وأوروبا، من خلال التوافق في الرؤى بين قادة دول أمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وروسيا على احترام الموقف المصري وحق مصر التاريخي في إرغام إثيوبيا على القبول بالشروط والمطالب المصرية في جدولة مراحل ملء خزان السد.

- التأييد الشعبي المصري والأثيوبي:
فعلى صعيد التأييد الشعبي والسياسي الداخلي في مصر، أصبحت مشروعية تحرك القوات المسلحة المصرية لتأمين مصالح مصر في الداخل والخارج بعد تفويض مجلس الشعب ورقة ضغط كبيرة ترسل رسالة واضحة لإثيوبيا بأن أي مراوغة غير محسوبة في المراحل التالية من التفاوض السياسي سيقابل برد مصري حاسم لتغيير المشهد بالكامل.


وعلى صعيد الشعب الإثيوبي الذي تستميله الإدارة الإثيوبية الحالية وتعتمد المناورة السياسية بشكل يهدد الأمن والسلم الإثيوبي، نتوقع في الفترة المقبلة أن يوجه الرئيس السيسي رسالة إلى الشعب الإثيوبي وشعوب أفريقيا بأن مصر تحترم حق إثيوبيا في التنمية المشروعة دون الإضرار بمصالح مصر وأمنها المائي وفي حال عدم التزام الإدارة الإثيوبية ببنود التفاوض السياسي، فإنها ستكون الطرف الذي أضر بمشروع التنمية الإثيوبي في حال عدم قبولهم بالمطالب المصرية.

 
سيناريو الأزمة المشتعلة تدريجيا Slow-burn crisis :
ويبدأ هذا السيناريو بمجرد فشل المرحلة الأخيرة الحالية للتفاوض السياسي ويستمر إلى فترة تنتهي بانتهاء المرحلة الثانية من ملء خزان السد في حال قررت الإدارة الإثيوبية عدم الاستجابة للمطالب المصرية في الالتزام بقواعد الاتفاق الثلاثي الجاري العمل على بلورته بالتنسيق مع رؤساء دول القرن الأفريقي، وفي هذه الحالة، سوف تتعامل القيادة المصرية وفق إجراءات صارمة تعتمد علي أربعة محاور:


- الحشد الدولي لتأييد قادة ورؤساء دول العالم وأفريقيا على حق مصر في الرد العسكري الحاسم لإرغام إثيوبيا علي القبول بالمطالب المصرية والمتوقع في هذه المرحلة هو إعلان الرئيس المصري للخط الأحمر للأمن المائي لمصر حتى لا تورط الإدارة الإثيوبية شعبها في الدخول في مواجهة مباشرة مع مصر واتخاذ موقف معادٍ رسمي سيؤدي إلى الإضرار بمشروع التنمية الإثيوبي وليس الأمن المائي لمصر لأن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في حال تطور الموقف وتجاوز الخط الأحمر.


- الرسالة الثانية من الرئيس السيسي للشعب الإثيوبي لتأكيد الإخاء بين الشعب المصري والشعب الإثيوبي وإعلان أن المواجهة ستكون بين الإدارة الإثيوبية التي لم تلتزم بالاتفاقيات الدولية وحق مصر في أمنها المائي وأن مناورة القيادة الإثيوبية وعدم التزامها بالقواعد الدولية هما المبرر لأي إجراء قد تتخذه مصر للحفاظ على أمنها الاستراتيجي.

- رسائل قادة الدول الأفريقية والغربية للإدارة الإثيوبية بالتراجع عن موقفها المتعنت والالتزام بقواعد الاتفاق الثلاثي بين مصر والسودان وأثيوبيا.

- التنسيق بين مجموعات القوى والضغط الدولية لتحييد التحالفات المناصرة لإثيوبيا وحصار إثيوبيا سياسيا بعدم قبول الدول التي تقف وراءها بالدخول في مواجهة مع مصر.


سيناريو الأزمة المفاجئة Sudden Crisis:
هذا هو سيناريو ساعة الصفر للمواجهة مع إثيوبيا، ويبدأ بمجرد انتهاء المرحلة الثانية من ملء خزان السد في حال حصول ذلك بدون التزام إثيوبيا بقواعد الاتفاق الثلاثي وإذعانها  للمجتمع الدولي المتوافق مع رؤية مصر بخصوص ملف سد النهضة، وسوف يكون التحرك من خلال مرحلتين:

- إمهال القيادة الإثيوبية الفرصة الأخيرة للتراجع والالتزام بقواعد السياسة الدولية ومن المتوقع ألا تزيد هذه المهلة عن أسبوعين.

- وفي حال عدم الالتزام، سننتقل إلى المرحلة الأخيرة سياسيا والأولى عسكريا للمواجهة مع أثيوبيا وتحويل المشهد بالكامل.
 
هذا هو الموقف الحالي، وتلك هي تحليلات إدارة مصر لأزمة سد النهضة، وللحديث بقية.