الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سليمان صويلو.. جزار تركيا وأحد مؤسسي الدولة العميقة ينافس صهر أردوغان على منصب الرئيس الجديد.. تقارير تؤكد تزايد شعبيته داخل أروقة العدالة والتنمية والحركة القومية.. وتكهنات بتعديل وزاري للإطاحة به

صدى البلد

اشتعال الخلاف بين أنصار صهر أردوغان ووزير داخليته داخل أروقة حزب العدالة والتنمية
تصاعد نفوذ سليمان صويلو جزار أردوغان ومسئول الدولة العميقة داخل الشارع التركي يرشحه لمنصب الرئيس الجديد
تكهنات إعلامية تشير إلى أن أردوغان يفضل صهره ويعتزم الإطاحه بصويلو



يوم الخميس الماضي، عقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اجتماعًا أمنيًا عالي المستوى لمجلس الشورى العسكري الأعلى، خرج بعده بقرارات أطاحت بجنرالات وقيادات كبيرة في الجيش التركي، بلغ عددهم 30 جنرال وأدميرال، فيما بلغ إجمالي التغييرات العسكرية التركية 447 قيادة. 



كان من ضمن الذين حضروا الاجتماع المغلق الذي استمر 45 دقيقة، نائب أردوغان، فؤاد الدين أقطاي، ووزير الدفاع خلوصي آكار، والعدل عبد الحميد غول، والخارجية مولود جاويش أوغلو، والخزانة والمالية بيرات ألبيرق. 


لكن أحد أهم الذين حضروا الاجتماع هو وزير الداخلية، سليمان صويلو، الذي أعلن في أبريل الماضي استقالته ورفضه أردوغان، والذي يعتبر أحد الأذرع الحديدية للرئيس في حملة القمع التي طالت الشعب التركي والمعارضين في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.  



آنذاك، فتحت استقالة صويلو بابًا واسعًا من التساؤلات والتكهنات عن الأسباب والدوافع الحقيقية وراء الاستقالة، فضلًا عن صعود نفوذه داخل المشهد السياسي التركي، لا سيمًا داخل أروقة حزب العدالة والتنمية الحاكم، واستدعى المحللون خلافه القديم مع صهر أردوغان بيرات البيرق، وتأثير مناورة الاستقالة على موازين القوى المستقبلية داخل الحزب.


تزايدت شعبية صويلو داخل تركيا بعد حصوله على ثقة أردوغان إثر نجاحه في قمع العديد من الأصوات المعارضة للنظام التركي، فضلًا عن أنه يتمتع بكاريزما قيادية داخل الحزب الحاكم وبات أحد أبرز ثلاثة أقطاب داخل الحزب تتنافس على النفوذ داخله، ووصل الأمر للحديث عن منافسته على رئاسة الحزب مستقبلًا في حال تخلى الرئيس أردوغان عن رئاسته.


وبات شائعًا في أروقة الحزب مصطلح "صويلوجولار" في إشارة إلى معسكر صويلو، و"بيراتشيلار" في إشارة إلى معسكر بيرات البيرق، حيث يقود الرجلان ولو بشكل غير معلن اصطفافًا كبيرًا داخل الحزب.


نشرت مجلة "أحوال" التركية، اليوم الأثنين، تقريرًا قالت فيه إن صويلو يعتبر أحد  المرشحين البارزين المحتمل أن يخلف أردوغان، فقد حافظ  على عدم لفت الأنظار إليه على المستوى الدولي.


يقول التقرير إن صويلو عام  1995 وحينما كان يبلغ من العمر 25 عامًا، أصبح أصغر رئيس مقاطعة في التاريخ التركي، وكان يمثل حزب المسار الصحيح، والذي تميز بخطابه القومي والديني المتطرف، حيث كان يدعم الاستخدام المفرط للقوة العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني المحظور.  وتشير التقديرات إلى أنه خلال تلك الفترة، تم استخدام حوالي 20 بالمئة من الميزانية الوطنية التركية لمحاربة حزب العمال الكردستاني، وشارك 300 ألفًا من أفراد الأمن في هذا الصراع.


كما زُعم أن  تانسو تشيلر، رئيسة الحزب وأول رئيسة وزراء لتركيا، كانت مرتبطة بما يسمى "الدولة العميقة"، وهي جهاز دولة غير رسمي يضم سياسيين، وعملاء سريين، وتجار مخدرات، وقوات الأمن، وجماعات مسلحة تركية متطرفة تسعى إلى تحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية من خلال قتال الدولة ضد الأكراد والمنظمات المسلحة اليسارية.


كان هذا الجهاز غير الرسمي نشطًا بشكل خاص خلال التسعينات، ونشأ صويلو سياسيًا في هذه الأجواء. وبعد قضائه بعض الوقت في المجال السياسي، قفز صويلو إلى عربة أردوغان السياسية وانضم إلى حزب العدالة والتنمية في عام 2012.


وقبل انضمامه إلى حزب العدالة والتنمية، سخر صويلو علنًا من أردوغان بعد أن سقط من حصان - متهمًا إياه بعدم القدرة على ركوب الخيل أو حكم تركيا. ولكن على أي حال، لم تكن هذه الانتقادات مشكلة بالنسبة لصويلو، لأنه بعد انضمامه إلى حزب العدالة والتنمية، تعهد بالولاء لأردوغان.


وبعد انتخابه كعضو في البرلمان التركي في عام 2015، تم تعيين صويلو وزيرا للعمل والضمان الاجتماعي في حكومة رئيس الوزراء آنذاك أحمد داود أوغلو، ثم جاء صعوده السريع في صفوف الحزب بينما كان أردوغان وحزب العدالة والتنمية يغيران مسار السياسة التركية.


وخلال تلك الفترة، كان حزب العدالة والتنمية يقاتل حليفه السياسي السابق، حركة غولن، وهي مجموعة دينية دعمت توطيد حزب العدالة والتنمية للسلطة خلال العقد السابق لكنها كانت في وقت لاحق على خلاف مع الحزب وقد أجبر هذا التغيير السياسي أردوغان على إيجاد حلفاء سياسيين جدد، وأصبح حزب الحركة القومية المتطرف منقذه الجديد - وهو تغيير في التحالف تزامن تقريبًا مع انهيار وقف إطلاق النار مع حزب العمال الكردستاني في عام 2015 واتباع حزب العدالة والتنمية لخطاب سياسي أكثر قومية.


وأشار تقرير "أحوال" إلى أن هذا الأمر قد ساعد في جذب دعم دولت بهجلي، زعيم حزب الحركة القومية، ومن المرجح أن يكون تعيين صويلو الوزاري مرتبطًا بهذا التحالف السياسي، فقد  عززت المعركة ضد حركة غولن، التي أعلنتها الحكومة التركية رسميًا في مايو 2016- إلى جانب القتال ضد حزب العمال الكردستاني والجماعات الكردية المسلحة الأخرى في تركيا وسوريا - دور صويلو المتشدد.


وفي التعديل الوزاري بعد الانقلاب الفاشل في 15 يوليو 2016، بقيادة حركة غولن، تم تعيين صويلو وزيرًا للداخلية، وهو منصب لا يزال يشغله حتى الآن، حيث أشرف على عمليات التطهير الضخمة بعد الانقلاب الفاشل. وخلال تلك الفترة، ذهب صويلو إلى حد اتهام الولايات المتحدة بالوقوف وراء الانقلاب العسكري الفاشل ووصف حركة غولن بأنها طاعون يجب القضاء عليه.


كما كان صويلو أحد السياسيين الرئيسيين في حزب العدالة والتنمية الذين يهددون "بإرسال" آلاف اللاجئين الذين يعيشون حاليًا في تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، كما طور دورًا محددًا لسياسيي "القبضة الحديدية"، والذي يمثل أقسى وجه للحكومة عند محاربة حزب العمال الكردستاني وحركة غولن.


وقد أدت هذه المعارك إلى مقتل الآلاف وتشريد داخلي في مقاطعات جنوب شرق تركيا، إلى جانب ازدياد معدلات الاعتقالات مما أدى إلى تكرار اتهام تركيا بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وكنتيجة لذلك تدهورت الديمقراطية التركية الهشة بالفعل.


لكن سياسة صويلو المتشددة عززت صورته السياسية على المستوى الوطني، لدرجة أن التكهنات الإعلامية زادت من فرصه لخلافة أردوغان في السلطة.


وقال خليل كارافيلي، كاتب ومحلل في موقع "تركي أناليست"، إن صويلو يروق لكل من أنصار حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية، مشيرًا إلى أن صويلو يبدو أنه أكثر شعبية من البيرق بين دوائر حزب العدالة والتنمية. وعلى الرغم من أن البيرق يظهر على أنه "وريث" أردوغان الطبيعي، إلا أن شعبية صويلو المتزايدة تظهر أن ديناميات سياسية أخرى تلعب دورًا.


ومن الجدير بالذكر أيضًا أنه خلال ذروة تفشي فيروس كورونا في تركيا، قدم صويلو استقالته بعد فرض حظر تجول فاشل في نهاية أحد الأسابيع، ولكن - في خطوة غير مسبوقة - رفض أردوغان قبولها.


وأوضحت "أحوال" أنه بالنظر إلى التحالفات السياسية الحالية في تركيا، يبدو أن صويلو هو الضامن لدعم جهاز الدولة للحكومة الحالية، وفي النهاية، الضامن للاستقرار السياسي لحكومة أردوغان. ومن المحتمل أن يكون جهازه مدعومًا بشكل غير رسمي من قبل جهاز الدولة التركية، بما في ذلك الشرطة والجيش وأجهزة المخابرات.



وقال كارافيلي "يجسد صويلو الدولة العميقة، وهو المفضل لدى الحكومة"، وبالتالي يبدو أن "جزار تركيا" يلبي متطلبات القادة السياسيين القوميين الأتراك. فهو قومي قوي، ولديه جذور عائلية في منطقة البحر الأسود، وهو معادي للأكراد ومعادي لليسار. يمكن لهذه القيم، إلى جانب سنه الصغير، أن تجعله مرشحًا جادًا للرئاسة التركية.


ومن ناحية أخرى، لا يتسامح أردوغان مع المنافسين الجادين ومن المرجح أن يجد أي شخص يصبح أكثر قوة وشعبية نفسه على خلاف معه عاجلًا أم آجلًا.، حيث كانت هناك تكهنات إعلامية حديثة حول تعديل وزاري محتمل قد يهدد موقف صويلو الحالي.


وخلص التقرير إلى أن المستقبل السياسي لتركيا يمكن أن يتشكل من خلال القتال الداخلي بين فصيل البيرق، وصويلو، الذي يُدعم ظاهريًا من قبل القوى القومية القوية والفصائل المتطرفة من حزب الحركة القومية.


ففي جميع الحالات، من المرجح أن يحدد الصراع السياسي بين البيرق وصويلو الخطوات السياسية المستقبلية لأردوغان، والذي لا يزال حتى الآن أقوى شخصية في تركيا.