الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أذرع «مبادرات الرئاسة».. وذيولها!


تجذبنى مبادرات الرئاسة .. تهبط فى توقيت مثالى وتلعب على وتر المواطن البسيط بذكاء ونعومة .. تتسرب إلى مشاعر الفقراء وتمنحهم جرعة أمل وأمان لسد احتياجات الأسرة وتلبية مطالبهم المتواضعة، وتبعث برسالة شديدة اللهجة والعملية لمن يحاول أو يفكر أو يسعى لاحتكار الأسواق أو السيطرة على مفاصل السلع الحيوية .. وعندما تتدخل الدولة وتُحكم قبضتها على "محبس" الأكل والشرب والدواء ترفع "مافيا" التجارة يدها وتمتثل وتقدم فروض الولاء والطاعة .. من أجل عيون المواطن!.

انطلقت حملة "فيروس سى" ونجحت فى اجتثاث الوباء الكبدى من جذوره، لنصل إلى الرقم "صفر" فى انتصار علمى تاريخى ومحسوب للنظام السياسى .. وانتشرت حملات ومبادرات تشجيع الصناعة الوطنية والمنتج المحلى لتنشيط الجنيه المصرى أمام صعود العملات الأجنبية، واحتضنت الدولة المصانع والشركات التى تتبنى فلسفة الإنتاج وتحريك التصدير للارتقاء بصناعاتنا ومنتجاتنا، وأصبح الرهان الآن على إعادة فتح المصانع المغلقة والعمالة المعطلة منذ ثورة ٢٥ يناير، وسأظل دائما من المؤمنين عن يقين  بضرورة إحياء المشروعات القديمة والكيانات المعروفة ضمن خطوات البناء والإصلاح والتنمية المنشودة.

وانتقلت المبادرات الإيجابية إلى ملعب الإسكان وتوفير شقق مناسبة ومريحة الأقساط للشباب والنهوض بالمرافق العامة ووضع خطة عاجلة لتطوير العشوائيات ونزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة منذ عقود .. ونظرت "الرئاسة" إلى ذوى الاحتياجات الخاصة وسلطت التركيز على مشاكلهم وحقوقهم المنقوصة، ومن تلك النظرة والرعاية بدأ السير فى اتجاه الاستفادة من هذه الطاقة البشرية وإرشادها لتعيش ضمن نسيج المجتمع المصرى وليس على الهامش أو باعتبارهم من الفضلات أو المهملات .. بل منهم من يصلح للإبداع والإدارة وإقامة المؤسسات والمشاركة الفعالة والمثمرة فى بناء "مصر الجديدة"، والأمة العفية هى التى تصنع من عيوب أبنائها "الخِلقية" قوة جبارة وسلاح تعمير!.


أما مبادرة "مايغلاش عليك" التى أطلقتها الرئاسة لإعانة البيت المصرى على أعباء الحياة من "مفردات" الراتب أو أفراد بطاقة التموين، فهى أنبوبة أوكسجين أخرى لتخفيف آلام الإرهاق المادى التى تطارد الأسرة، وبإمكانها أن تقطع الطريق على جشع التجار و"مكر" بعض رجال الأعمال للتلاعب بالأسعار .. وإن كنت أتصور أن نسبة الـ ١٠ ٪ من قيمة السلعة المطروحة ضمن المبادرة ضئيلة، وأقترح زيادتها إلى سعر معقول ومريح لظروف متوسطى الدخل حتى يتسنى لهم الحصول على ما يتوقعونه من أشياء واحتياجات باتت ضرورية لضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة .. وفى النهاية ستخرج الدولة رابحة فى كل الحالات من هذه النوعية من المبادرات الشجاعة عندما تتضاعف ثقة المواطن فى أهدافها ونواياها، وتلتزم طبقة التجار بالمعايير والقواعد التى رسختها الدولة بأقدام مبادراتها، وتتراجع عن أى مظاهر انحراف بعد أن انصرف الشعب عن بضاعتهم ووقفوا طوابير أمام منتجات وامتيازات مبادرات "الرئاسة"!.


- والأجمل فى فكرة "مايغلاش عليك" ألا تتوقف عند حدود السلع الاستهلاكية والاحتياجات اليومية أو الشهرية .. وإنما نحتاج إليها فى إتاحة منفذ شرعى لأهم الروايات الأدبية والكتب المهمة فى كل التخصصات بأسعار رمزية مثلما عشنا أيامنا الحلوة مع مكتبة الأسرة ومشروع "القراءة للجميع"، وما أعظمها من مبادرة لتجديد الصداقة مع الكتاب وعودة الوعى والتنوير إلى البيت المصرى لمواجهة تيار الإنترنت الجامح وطوفان التغييب من فضاء التواصل الاجتماعى .. ولاتسأل عن ضعف شعب ضاع الكتاب من أيدى أبنائه وأجياله!.


- نحن نصفق لمثل هذه المبادرات التى تخاطب القطاع الأعظم من شعبنا الحالم بأبسط الأشياء .. وسنصفق أكثر وبحرارة إذا اتسعت رقعة المبادرات لتستغل عقول أولادنا ومخزونهم الإبداعى والإنسانى فى مشروعات وأفكار أكبر وأعمق .. وهذا ليس دور الرئاسة وحدها، بل هو دور الحكومة لتتقدم باقتراحاتها ومبادرات مستشاريها "الجهابذة" لتتفاعل مع أجندة "النظام" وترسم رؤى طموحة عن الإنسان المصرى .. والمسئولية الأولى تقع على عاتق الوزارات والهيئات الرسمية التى تبنى فى البشر قبل الحجر .. وللحكومة "أذرع" قوية من وزارة شباب ورياضة، وتربية وتعليم، وبحث علمى ومنابر ثقافية وفكرية وجهات تحتضن أصحاب الحرف والمهن الصغيرة .. وكلها يجب أن تتصدر مانشيت مبادرات الرئاسة ولاتقبل أن تكون فى ذيلها أو مجرد "نفر" فى الصفوف الأخيرة .. أو متفرج على المقعد يشاركنا التصفيق والتهليل!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-