الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبنان بين الكوارث والفساد.. انفجار مرفأ بيروت يكشف حجم انهيار الثقة في النخبة السياسية.. وعاصفة غضب في الشارع ضد الإهمال والعجز الحكومي

انفجار مرفأ بيروت
انفجار مرفأ بيروت

الإهمال وراء انفجار بيروت لا يقل خطورة عن المؤامرات المدبرة
إسعاف جرحى الانفجار عبء يفوق طاقة مشافي لبنان في ظل أزمة كورونا
النخبة السياسية اللبنانية متهمة بجر البلاد إلى مستنقع فشل اقتصادي ومؤسسي
وزير الخارجية اللبناني المستقيل: لا رؤية إصلاحية لدى الحكومة والتركيبة السياسية كلها تتحمل المسئولية


لبنان بلد صغير يئن تحت وطأة كوارث متتالية، كما وصفته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، فمن مجاعة إبان الحرب العالمية الأولى إلى الحرب الأهلية إلى تدفق اللاجئين السوريين إلى الاختلال الاقتصادي الذي أوقع كثيرون من أبناء الطبقة الوسطى بين براثن الفقر خلال العام الماضي وحده، لا يكاد يمر جيل على لبنان دون كارثة كبرى.


وأوضحت الصحيفة أن انفجار مرفأ بيروت الذي خلف أكثر من 135 قتيلًا وآلاف الجرحى سُمع في جزيرة قبرص على مبعدة 150 ميلًا، وهذا كاف لتقدير مدى هول الانفجار والدمار الناجم عنه.


وجاء الانفجار ليضيف عبئًا جديدًا على مشافي لبنان التي تتحمل بالكاد أعباء عزل وعلاج المصابين بفيروس كورونا، ويُقدر أنه تسبب في تشريد ربع مليون شخص تضررت منازلهم جراء موجة الضغط الناجمة عنه.




وما أن انقشع دخان الانفجار حتى علت سحابة من اليأس والسخط أمطرت مواقع التواصل الاجتماعي بصيحات الغضب من اللبنانيين نافدي الصبر، وعبر المدير مالي لأحد مشافي بيروت نبيل علام عما يعتمل في صدور اللبنانيين بالقول "ماذا يمكننا أن نتحمل أكثر؟ لدينا أزمة اقتصادية ولدينا أزمة سياسية ولدينا أزمة صحية، والآن هذا الانفجار". وشبه علام مشاهد الانفجار في مرفأ بيروت بمشهد انفجار القنبلة النووية في هيروشيما.


وأضافت الصحيفة أن التكهنات تناثرت هنا وهناك، تربط الانفجار بعمل مدبر من حزب الله تارة، وهجوم إسرائيلي تارة أخرى، لكن الرواية الرسمية حتى الآن تعزو الانفجار لسبب لا يقل خطورة وإثارة للرعب؛ وهو الإهمال وغياب الكفاءة.


ووفقًا للرواية الرسمية، نجم الانفجار عن نشوب النار في مخزن كان يحوي 2750 طنًا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، صودرت من ناقلة علاقة وتم تخزينها في الميناء منذ عام 2014.


وتعهد رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب بألا تمر فاجعة مرفأ بيروت دون محاسبة، لكن القليلين فقط لا يزالون يحتفظون بثقتهم في مؤسسات الدولة اللبنانية وقدرتها على احتواء تداعيات الحدث، فضلًا عن كشف وملاحقة وعقاب المتسببين به.


وتابعت الصحيفة أن النخبة السياسية اللبنانية من مختلف الطوائف موصومة بتهمة جر البلاد إلى مستنقع فشل اقتصادي ومؤسسي، يترجم نفسه في أكثر من مشهد، لعل أكثرها وضوحًا تآكل مدخرات اللبنانيين وغرق البلاد في الظلام لساعات طويلة يوميًا بسبب انقطاعات الكهرباء، وتعالي أكوام القمامة في بلد كان بين أكثر بقاع العالم جمالًا، وأخيرًا وليس آخرًا امتلاء الشوارع وساحات المدن بالمحتجين يجأرون بالشكوى من مصاعب المعيشة وفساد النخبة الحاكمة والسياسية وانعزالها في أبراج عاجية.


ونقلت الصحيفة عن الكاتب اللبناني الأسترالي أنطون عيسى قوله "إن الإهمال في ترك 2700 طن من نترات الأمونيوم مكشوفة بجوار البنية التحتية الحيوية في قلب بيروت هو نفس الإهمال الذي أبقى لبنان بدون خدمات أساسية مثل الكهرباء وجمع القمامة. إنه ببساطة جزء من العفن الناجم عن فساد ينخر كل جانب من جوانب البلد".


وقال أستاذ العلاقات الدولية اللبناني الأمريكي بكلية لندن للاقتصاد فواز جرجس "لبنان لم يعد على حافة الانهيار بعد، لبنان انهار اقتصاديًا بالفعل. النموذج اللبناني الذي تأسس منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990 فشل. لقد كان بيتًا من زجاج، وقد تحطم إلى درجة أبعد من أي أمل في العودة".


وكتب الرسام والكاتب اللبناني ربيع علم الدين "ليسوا أفرادًا أو مجموعة بعينها. ليست تفاحة واحدة فاسدة. إنه البستان كله، بل البساتين كلها. إنه فشل نظامي للحكم. لسنوات ألقى كل فصيل في البلاد باللوم على الآخر في أي كارثة. لقد خضنا حربًا أهلية لم تضع أوزارها سوى بعدما أيقن الجميع أن بوسعهم سرقة أموال أكثر بكثير إن هم تعاونوا".


وفي حوار أجرته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، قال وزير الخارجية اللبناني المستقيل مؤخرًا ناصيف حتي "توصلتُ إلى قناعة بعد خمسة أشهر ونصف الشهر من وجودي في الحكومة؛ بأن الرؤية الإصلاحية التي كنت أبحث عنها ليست موجودة، وأن العزم مفقود، وبالتالي أخذت تحصل أكثر من ضغوطات وتدخلات من هنا وهناك في إطار اللعبة السياسية التقليدية". 


وأضاف حتي "وبهذا الخصوص أريد أن أكون واضحًا: أنا لا أحمّل المسؤولية لطرف واحد. أنا أحمل المسؤولية للتركيبة السياسية اللبنانية، وفي سياق لعبتها التقليدية لإبقاء الوضع على ما هو عليه، وربما للقبول ببعض الإصلاحات الشكلية والخفيفة".