الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماما فرنسا !


كان مشهدا لافتا ليس في بيروت فقط ولكن في منطقة الشرق الأوسط والعالم ورئيس الوزراء الفرنسي إيمانويل ماكرون يجوب شوارع بيروت وسط الجماهير الغفيرة التي التفت حوله، وكأنه قائد للثوار هناك! وخلفه ظهر في المشهد على استحياء المسؤولون اللبنانيون ، وأخذ المشهد العاطفي يصل إلى ذروته عندما عانق بعض أفراد الجماهير! بالطبع أفهم حالة اليأس والإحباط الجماعي لدى الأشقاء هناك! ولكن لا يمكن الرهان على الخارج والاستقواء به ليكون هو المستقبل المشرق الذي يأمله اللبنانيون! وما زاد المشهد تعجبا أخبار تم تداولها عن توقيع 36 ألف لبناني يطالبون بعودة الانتداب الفرنسي!! هل وصل الإحباط بالبعض أن يطالب بعودة الاحتلال بعد عقود من الزمان! 

الجميع تسابق للترحيب به مهللين على مواقع التواصل الاجتماعي ! وتباينت ردود الأفعال على تلك الزيارة غير المتوقعة لخصت جزءا كبيرا من الموقف واحدة من الفنانات عندما كتبت تغريدة "أن حال الشعب مثل الطفل اليتيم الذي وجد من يعطف عليه!" .

بدون شك فقد الشعب اللبناني الثقة في جميع زعماءه السياسيين والذين طالما راهن عليهم وسار وراءهم، ولكن وجدهم أصبحوا أشد قسوة من عودة الاحتلال! شيء يثير الحزن، الوضع كان قد أصبح قاتما ويزداد سوء من قبل كارثة انفجار المرفأ الأخيرة وهي التي كشفت الحكومة وجميع القوى السياسية أمام الجميع وباتت لبنان في أخطر مرحلة لها منذ عقود، وصف البعض حال البلد أنها في مرحلة احتضار ، خاصة بعد تزايد الفساد الحكومي في السنوات الأخيرة عندما تراجع التمويل الخارجي من القوى الإقليمية "بيزنس السياسة" مما أدى إلى تزايد الفساد الداخلي ونهب المال العام من جانب النخبة السياسية الحاكمة، ولذلك أزعجهم خروج الشعب بشكل غير مسبوق في أكتوبر الماضي ومطالبته بحكومة تكنوقراط نزيهة ومطالبة جميع القوى السياسية بالرحيل تحت شعار كلن يعني كلن.

حالة الغضب في الشارع لا أحد يمكنه التنبؤ بما يمكن حدوثه، على الجانب الآخر التدخلات الخارجية يتم تجهيزها في أكثر من عاصمة خارجية، سواء من الجيران في المنطقة أو من أوروبا والتي أنابت عنها فرنسا سريعا لتضع يدها على الإرث التاريخي لبنان وتتصدر المشهد الاستثنائي الذي تمر به بيروت، وسط حالة تخبط شديدة للحكومة والأحزاب هناك، وفي تقديري هي زيارة ليس خالصة لوجه الله بل لهم مآرب أخرى ستكشف عنها الأسابيع القادمة.

اللافت إنه لم يتم ضبط مسؤول رسمي لبناني يكرر مشهد التلاحم مع الجماهير في الشارع عقب كارثة المرفأ، والذي أقترب من ذلك كانت فنانة هي الكبيرة ماجدة الرومي نزلت وتجولت وحاولت التخفيف ببعض الكلمات عن الجماهير الذين التقتهم في الشارع. 

نصيحة أخيرة للفنانين اللبنانيين قبل الحديث الطويل في السياسة، العمل الاجتماعي والإنساني له الأولوية، في مثل تلك الكوارث والأزمات، كانت تطوف أم كلثوم المدن وبلاد العالم ومعها الفنانين لإقامة الحفلات وجمع التبرعات.

أخيرا الرهان يجب أن يكون دائما على أبناء الشعب اللبناني الوطنيين المخلصين هو الأمل في الحفاظ على الدولة اللبنانية من السقوط والانهيار، هذه أمنيتي وأمنية الكثير من العرب، في لحظة سابقة كانت أشبه بمحاسبة شعبية نزل عشرات الآلاف إلى الشوارع كانت ثورة بعيدة عن الطائفية والزعماء، الجميع تحت العلم اللبناني في لحظة نادرة لتوحد الجميع، يحاولون التخلص من تلك النخبة السياسية الفاسدة، وبالتأكيد قادرين على أن يفعلوها لو أرادوا. 

العجيب رغم الكارثة التاريخية التي حدثت لم تصدر استقالات أو اعتذارات من الحكومة حتى الآن! وكأنهم في بلد آخر غير تلك التي أحلت بها كارثة تاريخية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-