الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تطبيع كورونى أم إتفاق إبراهيم!


وسط أجواء متضاربة، آملة ومترقبة، نرصد في النقاط التالية الأجواء المحيطة للإتفاق الثلاثي الإماراتي الأمريكي الإسرائيلى، وتبعاته على مختلف الأصعدة .

*نجحت الأطراف الثلاثة "أمريكا والإمارات وإسرائيل، في التعتيم على الإتفاق، وجعل أجواءه سرية، فبدا مفاجئا للكثيرين، رغم أن كل المؤشرات في إطار التواصلات بين الإمارات وإسرائيل، كانت تؤكد أن الإعلان عن التطبيع بين دبي وتل أبيب، مجرد وقت فقط، وبالذات بعد التطورات بين تل أبيب ودبي، خلال الفترة الأخيرة بين اقتصادية وسياسية وحتى مخابراتية ورياضية ومؤخرا صحية وعلمية، بسبب الكورونا !

*توقيت الإعلان عن الإتفاق مشوش بشكل أو آخر، خاصة إنه يأتى على خلفية تفجير مرفأ بيروت الضخم، بتبعاته الخطيرة على المنطقة، رغم ما يتردد حول دور إسرائيلى في هذه الحادثة، لكن كل الاتهامات العلنية توجه لإيران وحزب الله، لكن الاتصالات كانت سرية جدا بين الأطراف الثلاثة حتى لا يتم تفجيرها، ولم تتأثر بأى تطورات إقليمية على تفاقمها.

* الإتفاق لا يحقق مكاسب بشكل ما لأطراف عربية عديدة والفلسطينيين، بإستثناء بند إلغاء أو تجميد أو تعليق ضم أراضي فلسطينية لإسرائيل، وهذا الاستخدام غير الدقيق للكلمة على لسان المسئولين المختلفين من الدول الثلاثة يؤكد إنه لا تعهد إسرائيلى واضح في هذا السياق، ونتنياهو صدم الجميع ووضع ترامب وبن زايد في ورطة بتأكيده إنه لا تنازل عن الضم، بل سننفذه، لكن ترامب هو من سيختار التوقيت، وضم الجولان واعتبار القدس عاصمة لإسرائيل سيضم للإتفاق الثلاثى، لكنه يتحدث عن دولة فلسطينية دون تحديدها، إلا إنها أقرب لصورة الدولة الفلسطينية فيما يسمى بصفقة القرن.

*الفصائل الفلسطينية بكل ألوانها في غاية الغضب، وينتقدون الإتفاق بمستويات مختلفة من التلاعب بالحقوق الفلسطينية وحتى المؤامرة والخيانة، وبالتالى سيكون هذا مؤشرا على توتر جديد في العلاقات بين الفلسطينيين والإماراتيين، ومن الممكن أن يمتد لما يسميه الغرب بالمعسكر السنى المعتدل، وهذا سيكون لصالح إيران، والذي يعتبرها الأطراف الثلاثة المستهدفة الأولى من الإتفاق، وبالتالى الأمر ليس بعيدا عن تجدد التوترات الأمنية بشكل أو آخر، خاصة أن نتنياهو لغته متعالية وصدامية.
 
*الاتفاق مفيد لترامب بصورة ما، لكن يجب أن نضع في الاعتبار ان الانتقادات الموجهة له والمهددة لشعبيته، هى بالأساس في ملفات داخلية أكثر منها في الخارحية.

* الإتفاق أيضا سيكون مفيدا لنتنياهو في سياقات ما ومضرا في سياقات أخرى، حيث هنأ الجميع نتنياهو، من خصومه السياسيين وحتى حلفائه، لكن القوى اليمينية والمستوطنين في حالة غضب، مما يتردد حول بند ضم أراضي الضفة، من تجميد أو إلغاء، ولو حدثت انتخابات رابعة، ستكون مؤثرة في نتيجتها، خاصة أن الحديث عن تفكيك التكتل اليمينى الدينى أصبح مرتقبا، مع الوضع في الاعتبار أن المظاهرات التى تملأ ميدان بلفور بالقدس المحتلة في مساء كل يوم تقريبا منذ أسابيع، حتى لا يهمها بالمرة ملف التطبيع والتقارب مع العرب والأفارقة، الذي يزايد به نتنياهو، فقط يهمهم الملفات الاقتصادية والصحية ومكافحة الفساد، لكن نتنياهو في المقابل ولتهدئتهم، يتحدث عن الفوائد الاقتصادية الكبيرة من الإتفاق القادمة من الاستثمارات الإماراتية المرتقبة لتل أبيب، من خلال ملفات الاقتصاد والاستثمارات والسياحة والطاقة بخلاف الاستثمارات الإسرائيلية في الامارات بالذات في ملف المياه والتكنولوچيا، وأكد كثيرا على المضي في الضم، لكن فقط بعض التأجيل.

*الموقفان المصري والدولى واضحان منذ أول لحظة بدعم كل خطوة للاذرهار والاستقرار، مع توقعات بخطوات أخرى مشابهة، من أطراف خليجية أخرى مثل السعودية والمغرب وقطر والبحرين، بعد جس نبض الاتفاق الإماراتى الإسرائيلى، وهو ما أشار له نتنياهو وترامب بالفعل .

*إنها مجرد مفاجأة من مفاجأت عالم ما بعد كورونا، لو لم نستعد له سيدهسنا، وللتاريخ فإن مصر، بالأرقام والمواقف، هى أقل دولة عربية وإسلامية طبعت مع إسرائيل، رغم إنها أول من وقعت معها إتفاق للسلام، بعد نصر أكتوبر، والموقف المصري واضح منذ أول لحظة من خلال تعليق الرئيس المصري السيسى على الإتفاق الثلاثي، بترحيبه بأية محاولة للسلام، ومثمنا وقف ضم إسرائيل لأراضي فلسطينية.

*ونتوقع آلا يحدث تغييرا كبيرا في الأولويات المصرية تجاه الصراع العربي الإسرائيلي، رغم التعدد المرتقب لإتفاقات التطبيع، فالمدرسة المصرية معروفة في هذا الإطار، وترفض على سبيل المثال، ما قاله نتنياهو حول سلام مقابل سلام، بل الأمر الثابت هو سلام مقابل الأرض، ومن المتوقع أن تلعب مصر دورا ما في رأب الصدع بين الفلسطينيين والإماراتيين، خاصة إن رام الله لها موقفا صعبا تجاه أبو ظبي، مثل الفصائل التي تعتبر ما حدث خيانة للقضية الفلسطينية .

*ومصر لها علاقات أسخن مما مضى مع إسرائيل، بسبب التفاهمات الحادثة بين الطرفين منذ فترة، بخصوص تجاوز معاهدة كامب ديفيد بتنسيق أمريكى، لمواجهة الإرهاب في سيناء، لدرجة أن مقاتلات الإف ١٦ المصرية دخلت للأراضي التى تسيطر عليها إسرائيل، وطورت التنسيقات مع ظهور الغاز في شرق المتوسط، لكن مثلا شراء مصر للغاز الإسرائيلي لتسييله وتصديره لأوربا، لم يجعلها تمرر خطوات مستفزة مثل الإعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو ضم إسرائيل للجولان، ووقفت امام قرار الضم الإسرائيلى لأراضي فلسطينية، وحاولت أن تقنع الإدارة الأمريكية بالتراجع عن ذلك، والتطورات المتفاقمة في تل أبيب وواشنطن ساعدت في التأجيل البعيد للضم، وجاء هذا الإتفاق الذي أسموه إتفاق إبراهيم، في إشارة للمشروع التراثي المعروف بالولايات المتحدة الإبراهيمية، وثمنت مصر وقف تل أبيب قرار الضم، إنطلاقا من هذا الإتفاق الثلاثي، وكان هذا المبعث الأساسي للتثمين المصري السريع للإتفاق.

وللقاهرة دور ما في ثبات الموقف عند هذا الخط طوال الفترة الماضية، بلا تدهور أكثر، كان متوقعا، وكل مبادرات التهدئة في غزة، كانت بوساطة مصرية، بالإضافة للدعم المصري لرام الله من أى مخططات إسرائيلية، وكان أخرها زيارة وزير الخارجية المصرية للضفة.

*وأخيرا فإنه من المتوقع أن تكون هناك توترات أمنية وسياسية على خلفية هذا الإتفاق، بسبب نبرة نتنياهو المتعالية والمتراجعة عن فكرة وقف الضم، بالإضافة للموقف الفلسطينى الغاضب، وبالتأكيد سيكون للقاهرة موقفا في التهدئة كالعادة.

*وبالمناسبة، الإمارات بهذا الإتفاق تدعم ترامب ضد بادين، في معركة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث يتراجع الرئيس الجمهورى بشكل كبير، فهل يسكت الديمقراطيون، رغم ترحيب مرشحهم بالإتفاق؟!

*هذا الإتفاق يقضي على المبادرة العربية، ولهذا رد الفعل السعودى تجاهها ظل غير متبلور سياسيا وإعلاميا، ونترقب آلية الإبقاء على المبادرة العربية من عدمه.

*كان غريبا إن الإماراتيين والإسرائيليين يتحدثون عن أنفسهم على إنهم متقدمون في التكنولوچيا، بتنسيقاتهم السيبرانية والصحية والفضائية والعلمية، حتى إن البيان الثلاثي تضمن الحديث عن لقاح مشترك  ضد الكورونا!

*الاتفاق يتحدث عن السماح للمسلمين بالصلاة في الأقصي، وكأنه إنجازا جديدا، رغم أن هذا بند من بنود إتفاق السلام بين الأردن وإسرائيل!

*الرئيس ترامب يتحدث عن الجيش الاماراتى بوصفه من أقوى جيوش المنطقة، والإعلام الإسرائيلي يقدم تفنيدا دقيقا عنه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط