الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ندوة افتراضية حول أهرامات السودان وملوك مروي وكوش

أهرامات السودان
أهرامات السودان

نظمت هيئة الشارقة للآثار محاضرة عن بُعد عبر تطبيق "زووم" بعنوان "تسلسل دفن ملوك مروي في الأهرام المروية كوش الثانية"، قدمها الخبير المتخصص في الآثار المروية والأستاذ المحاضر في جامعة النيلين وعضو ومسؤول الفريق الأثري بهيئة الشارقة للآثار دكتور صلاح حسن مطر الاخيضر، حيث أدارها عيسى يوسف، مدير الآثار والتراث المادي بالهيئة، بحضور عدد من المُهتمين وطلاب كليات الآثار تجاوز عددهم 100 منتسبًا.

وتناولت المُحاضرة واحدة من أهم منجزات الحضارة المروية في فن العمارة الجنائزية وهي الدفن في أهرام، حيث استهل المحاضرة بسرد أسماء السودان التي عُرف بها في الأزمنة السابقة خلال حضارة كوش الثانية مروي، والتي عُثر عليها في المصادر الأثرية الكتابية المكتوبة باللغات القديمة في تلك الحقبة السابقة لكوش الثانية.

كما قدم نبذة عن الحضارة المروية في كتابات الرحالة والمؤرخين الذين تحدثوا عن مروي وهي "كوش الثانية"، واستعرض مواقعها على الخريطة وحدودها في كل الفترات من القرن الثامن قبل الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي، وآراء العلماء في التسمية بالأدلة الأثرية.

وقال الدكتور صلاح:" إن مما لا شك فيه أن اتصال السودان القديم ثقافيًا بالحضارة المصرية القديمة في جميع مراحلها "قديمة ووسطى وحديثة" شكّل الجزء الأكبر من ً المصادر والشواهد في السودان القديم في جميع مراحله الحضارية خلال أربعة قرون بدليل اعتماده على اللغة المصرية القديمة ". 

وشرح بالتفصيل الأهرام الكوشية من ناحية البناء والطراز المعماري ومداخلها وغرف الدفن فيها وتوزيعها الطبوغرافي في المواقع وما في داخلها من نصوص، كما تناول بداية الدفن من قبل في أهرام كوش، وتطور الدفن من كومة، إلى مسطبة، ثم إلى هرم في جبانة الكرو التي تعد أول المدافن الملكية في حضارة كوش الثانية.

المدافن الهرمية 
وتناولت المحاضرة أن مملكة كرمة 2500- 1500 ق.م، ليس بها مدافن هرمية، ولكن انتقل الدفن من مدافن الكرو الهرمية، إلى مدافن نوري الهرمية، ثم تم العودة إلى مدافن الكرو مرة أخرى، وعقبها انتقل الدفن إلى جبل البركل ثم إلى البجراوية الجنوبية، ثم إلى البجراوية الشمالية في مروي والمدافن الغربية الهرمية في البجراوية.

كما تم استعراض التطورات التي حدثت في البحث الأثري في السودان بعد القائمة التي وضعها جورج أندروا ً رايز، عالم الآثار الأمريكي، والتي نشرها مُساعده "داوس دنم" في مجلد المدافن الملكية في كوش وآراء بعض علماء الآثار في ذلك مثل: هينتزا، مكادام، وغيرهم من الباحثين، مع عرض شامل لأهم ما عُثر عليه من مدافن، فخار، توابيت، وكنوز.

دفن ملوك مروي 
كما تم التطرق إلى خريطة مواقع الحضارة المروية الكوشية التي أشار إليها لـ "مروي"، "كرنوب"، "جبل موية"، "الشلال الثاني"، " كرما"، "البركا"، "نوري"، كما أن الباحثين جزموا بوجود اختلافات لافتة بالنسبة للمواقع الأثرية، لكن الحفريات والأدلة الحديثة أثبتت أن "نبتة" كانت هي المركز الديني، أما المركز والثقل السياسي لهذه الحضارة، فكانت لـ "مروي" خلال القرن الثاني إلى الرابع الميلادي.

وعدد المُحاضر أسماء السودان في المصادر الأثرية مثل "تا-ستي" وتعني أرض القوس، "تا-نحسي"، وتعني أرض النحسي، "تا-خنتي" وتعني أرض خنتي، "إرجت، مجا، يام، كاعو، واوات"، و"كوش"، وأثيوبيا.

كما تطرق إلى الاسم الشائع للسودان وهو "كوش"، المستمد من الحضارة المروية، والتي تناولها بالدراسة الباحثون، أما أثيوبيا، فهو اسم أطلقه الإغريق على المنطقة الجنوبية في مصر، وتقلص استخدامه مع مرور الوقت بعد أن أطلق العرب على هذه المنطقة اسم السودان.

مملكة كرمة 
حضارة كرمة هي "كوش الأولى" التي سبقت فترة حضارة مروي، وتعتبر من أعظم الحضارات في القارة الأفريقية، لأنها قائمة على البنيان الطيني، وهو أمر نادر في ذلك الوقت، وقد ازدهرت هذه الحضارة بشكل لافت في منطقة "الشلال"، أما أبرز الآثار التي تم اكتشافها في تلك المنطقة، فتمثلت في الحصون المنيعة والمنازل والمدافن، لأنها كانت تعتبر نقطة تلاقٍ حضاري وتجاري ما بين مصر وغيرها من الدول التي كانت تتعاون معها فيما يتصل بالتجارة.

أما بالنسبة لشكل المدافن وطريقة الدفن في مملكة كرمة، فقد كانت تتم بشكل طولي عبر وضع الميت بشكل قرفصائي، فضلًا عن القرابين التي كانت توضع معه في القبر بحسب ما أظهرت الحفريات عند الدفن، فكان يدفن معهم خدمهم وهم أحياء، فضلًا عن وضع الفخاريات والأكل والمشروبات ورؤوس الأبقار.

فترة دفن الملوك في الأهرامات مستوحاة من ثقافة الدفن في المملكة المصرية، لكن قبل تبني هذا النوع من الدفن، كان الناس يدفنون في "الكومة " الترابية، وهي أرض مسطحة كانت تستخدم لدفن الملوك، ومن ثم تطور الأمر بالدفن في "المصطبة "، وكان اتجاه الدفن متأثرًا بالطريقة المصرية القديمة بالتوجه شرقًا.

مميزات الأهرام الكوشية
تحدث الدكتور صلاح حسن مطر الاخيضر عن مميزات الأهرامات الكوشية ممثلة في "المقصورة الجنائزية" التي تحتوي على معلومات تاريخية هامة حول الملك المدفون، مما أتاح الفرصة للعلماء، للتعرف عن كثب على الفترة المروية تاريخيًا. ومن المميزات أيضًا "طريقة بناء الهرم الكوشي"، التي لم تبنَ مثل رصيفاتها في مصر عبر العصور، فضلًا عن "الأدعية من كتاب الموتى في المقصورة الجنائزية"، التي لم تخالف كثيرًا تلك الموجودة في حضارة مصر السفلى.

أهرامات نوري 
فيما يتصل بأهرامات نوري، انتقل الدفن إلى منطقة نوري التي لم تبعد عن منطقة الكرو كثيرًا، وأبرز الأهرامات التي اكتشفت هناك هي: "تهارقا "، و"اسبلتا"، ولكن نوعية الصخور التي استخدمت كان رديئة جدًا مقارنة بأهرامات مروي، مما أدى إلى اندثارها وعدم قدرتها على الصمود.

واستُعرضت مجموعة أخرى من الأهرامات مثل: "البركل"، و"الشمالية"، التي تضم هرم مُذهب للملكة أماني شيختو.

يُذكر أن هيئة الشارقة للآثار تحرص على تجسير التواصل مع المهتمين بالآثار والمتخصصين، وذلك في إطار جهودها الحثيثة في مجال حماية الآثار وصون المكتشفات الأثرية، واتباع أفضل المعايير لحماية المواقع الأثرية والمناطق التاريخية.