قارئي العزيز..
سعد صباحك ومساؤك بل جل أوقاتك، وأنت في رخاء وسعة صدر وصفاء بال، بعيد عنك الكدر والهم والحزن، وأنت تتقلب على فراش ناعم، ونعمة الصحة والعافية، فلله الحمد والشكر والثناء والرضا..
وإن مما لاشك فيه،أن نعم الله تعالى على الإنسان كثيرة لاتحصى ولاتعد، وأن كل ذي فطنة، وهب عقلا، راجحا، وفكرا نيرا متزنا، وعليه فالإنسان، طبيب نفسه، ومن المعلوم انه وقبل أن يشرع إلى أي عمل،ينفذه، يتأن.
وقد قيل :"ولو تَأَنَّى نالَ ما تمنى.. وعا شَ طولَ عُمْرِهُ مهنا"و"على النابل أن يتأنى، فالسهم متى أنطلق لا يعود" وعلى العاقل، أن يعرف موطن قدميه.
وكما يعلم الجميع أيا كان موقعهم، أن ماتسمي بـ "كورونا"لم تبق شي على ظهر الأرض إلا وأهلكته، وماتركت بلدا أو أرضا، صغيرة أو كبيرة، وماتركت فردا، غنيا أو فقيرا، ولوما تركت قرية أو مدينة الا وزارتها.
قارئي العزيز..
وأهل الحكمة والحنكة والدراية في كل بلد زارته كورونا، طلبوا اجتماعا طارئا، عاجلا، يحضره ذوو الاختصاص ، أو من ينوبون عنهم، وما اجتمع المهتمون لهذا الاجتماع و هذا اللقاء، الا لأمر جلل، وأنهم يخططون ويتدارسون فيما بينهم، محاولين، جاهدين، إيجاد حلول للخلاص من هذا الوباء، ويحاولون، تخفيف الروع على الآباء والأمهات والأبناء بل على المجتمع جميعهم بكل أطيافهم.
اجتماع تلو اجتماع، ولقاء تلو لقاء، وإصدار قرارات وتعليمات وإرشادات، بين الفينة والأخرى، بكل اللغات، ودائما يتبادر في أذهانهم، و يتساءلون :مايفعلون بهذا الضيف الثقيل على النفوس، والذي لم يتبق صغير أو كبير كان ذلك ذكرا أو أنثى، شابا أوشيخا أوكهلا يتكأ على عصاه، الا وأهلكته أو إذا أراد أن يخفف عن روعه تسكن في جسده حينا ثم تودعه فيودعه أهله.
ولقد مرت علينا شهورا وأياما كانت ثقيلة، وهبطت علينا من أعالي الجبال صخرة كبيرة، ومرت علينا، دقائق بل ساعات و فرضت اللجنة العليا علينا أمورا منها : أن لا نخرج من بيوتنا الا لأمر مهم،وإذا خطت أرجلنا خطوات نحوباب البيت، علينا أن نرجع سريعا،ولا نخرج أبدا من بيوتاتنا إلا إلى مقر أعمالنا فقط، لأنها هي رزقنا ورزق عيالنا.
قارئي العزيز، المبارك، أينما كنت وحللت :
أعزك الله تعالى ورفع قدرك، وبارك الله في أيامك و عمرك، و أستحلفك بالله أن تعود إلى رشدك، وترجع بفتح حجرات عقلك، بمفتاح التفاؤل والحكمة، وأبعد عنك الهرج والمرج.
وبعد الحجر، سمح لنا الخروج، وقد خرج الكثير من النساء والرجال والأطفال، من بيوتهم بغية استنشاق الهواء،كما يدعون، بعد أن كانوا في الغرف محبوسين،بلا قيود، وأغلال، فسرعان ماانتشروا، شرقا وغربا،وشمالا وجنوبا، منهم من اتجه برا، ومنهم من اتجه بحرا، ومنهم من اتجه إلى المزارع والحدائق والشواطئ، ومنهم من اتجه إلى الأنهار والبحيرات ومنهم إلى الجزر.
لأن المسؤول ورجال الشرطة التي كانت تلاحقهم، غابوا عنهم، وألوا الأمر والنهي، فتحوا لهم الحدود، والأبواب بمصرعيها، وتركوا الحبل على الغارب.
فإلى متى يا قومي هذا الهرج، عودوا إلى منازلكم،ودوركم، فالخطب زاد، و الفيروس عاد.
آخر كلام...
اتق الله أيها العاقل، وادع ربك، يخفف مافيك من عذاب، وتأن وإن الفرج قريب.