البسملة بعد الفاتحة في الصلاةقال مجمع البحوث الإسلامية، إن أهل العلم اختلفوا في قراءة البسملة في الصلاة عند الشروع في القراءة على أقوال، الأول: المشهور من مذهب الإمام مالك أنها مكروه مطلقًا سرًا كانت أو جهرًا.
وأضاف المجمع في فتوى له، أن الفقيه أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المالكي قال في رسالته «صفة الصلاة»: «أن تقول الله أكبر، لا يجزئ غيره، وترفع يديك حذوا منكبيك أو دون ذلك، ثم تقرأ، ولا تستفتح ب«بسم الله الرحمن الرحيم» في أم القرآن، ولا في السورة التي بعدها.
وتابع: "القول الثاني أن المشهور من مذهب الإمام الشافعي وطائفة من أهل الحديث، ورواية عند الحنابلة أنها واجبة في أول الفاتحة والسورة كوجوبهما بناء على أنها جزء منهما عندهم".
واستطرد: "القول الثالث أن المشهور من مذهب الحنفية، أنها سنة مؤكدة، وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعليه فنسيان البسملة، أو تعمد تركها عند قراءة الفاتحة في الصلاة، لا يبطل الصلاة، بل الصلاة صحيحة، لكن الأحوط قراءتها خروجا من خلاف أهل العلم".
17 موضعا يستحب فيها ذكر البسملة
أجمع العلماء على أنه يُسن البدء بالتسمية في الأمور كلها، وذلك للتبرك باسم الله تعالى، والتعظيم والاستعانة به عز وجل في الأمور كافة.
وقال الإمام أحمد بن على الرازى الجصاص الحنفي، الشهير بـ«الجصاص»، عن البسملة وفضلها، إن لها ستة عشر موضعًا تُسن فيه هي: «استفتاح الأمور، وعند الوضوء، وعند غلق الأبواب وتغطية الآنية، وعند الطعام، ودخول البيت والخروج منه، وللاستشفاء والرقية، وعند الذبح، وعند النوم، وعلى الصيد، وعند الوقاع، وعند ركوب الدابة والإبل، وعند وضع الميت في قبره، وعند الغزو، وعند كتابة الكتب، وعند دخول المسجد والخروج منه، ومواجهة الأمور الصعبة والتعثر».
وأوضح «الجصاص» في كتابه «أحكام القرآن»، أن الأَحْكَامُ الَّتِي يَتَضَمَّنُهَا قَوْلُهُ «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»: "الأَمْرُ بِاسْتِفْتَاحِ الأُمُورِ لِلتَّبَرُّكِ بِذَلِكَ، وَالتَّعْظِيمُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ، وَذِكْرُهَا عَلَى الذَّبِيحَةِ شِعَارٌ وَعَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ الدِّينِ وَطَرْدِ الشَّيْطَانِ".
واستشهد بما رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: « إذَا سَمَّى اللهَ الْعَبْدُ عَلَى طَعَامِهِ لَمْ يَنَلْ مِنْهُ الشَّيْطَانُ مَعَهُ وَإِذَا لَمْ يُسَمِّهِ نَالَ مِنْهُ مَعَهُ»، وَفِيهِ إظْهَارُ مُخَالَفَةِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَفْتَتِحُونَ أُمُورَهُمْ بِذِكْرِ الأَصْنَامِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمَخْلُوقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ.
وأضاف أن «البسملة» هي مَفْزَعٌ لِلْخَائِفِ، وَدَلالَةٌ مِنْ قَائِلِهِا عَلَى انْقِطَاعِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَلُجُوئِهِ إلَيْهِ، وَأُنْسٌ لِلسَّامِعِ، وَإِقْرَارٌ بِالأُلُوهِيَّةِ، وَاعْتِرَافٌ بِالنِّعْمَةِ، وَاسْتِعَانَةٌ بِاَللهِ تَعَالَى، وَعِيَاذَةٌ بِهِ، وَفِيهِ اسْمَانِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَخْصُوصَةِ بِهِ لا يُسَمَّى بِهِمَا غَيْرُهُ، وَهُمَا الله وَالرَّحْمَنُ.
وأشار إلى أنه من المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يذكر الله تعالى في جميع أحيانه، وكان يفتتح بالبسملة كل أموره، للتبرك باسم الله تعالى، والتعظيم والاستعانة به عز وجل في الأمور كافة.
حكم البسملة وسط السورة
يخيّر القارئ بين الإتيان بالبسملة وعدم الإتيان بها، وذلك إن كانت القراءة بطريق الشاطبية، أمّا إن كانت بطريق الطيبة؛ فيجب على القارئ الإتيان بها، ونصّ بعض العلماء على عدم استحباب البسملة بين السورتين؛ لأنّ الأمر ورد بالاستعاذة لا بالبسملة قال تعالى: (فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ).
قال الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن هناك فرقا بين الاستعاذة والبسملة، فالبسملة هى التى يطلب بها فى بداية كل سورة.
وأضاف وسام، فى إجابته على سؤال «هل الاستعاذة نقولها قبل قراءة أي سورة أم أنها تكون فى أول الصلاة فقط؟»، أن الاستعاذة تطلب فى أول القراءة فقط لقوله تعالى {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}، فإذا انتقلت من سورة إلى السورة أو من الفاتحة إلى ما تيسر من القرآن الكريم سورة جديدة سُن لك أن تقرأ البسملة أما الاستعاذة فلا تقرأها إلا أول القراءة.
وأشار إلى أن البسملة آية فاصلة بين السور يؤتى بها في ابتداء كل سورة ما عدا سورة البراءة؛ فإن سورة براءة ليس في أولها بسملة. وعلى هذا فإذا أراد الإنسان قراءة الفاتحة في الصلاة فيستعيذ بالله من الشيطان الرجيم أولًا ثم يقرأ: "بسم الله الرحمن الرحيم".