الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطاب «مسلم».. والعبور الثانى!


بسم الله الرحمن الرحيم: " قُلْ آمنَّا باللهِ ومَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وإسماعيل وإسْحَقَ وَيَعْقُوبَ والأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى والنَّبِيُّونَ مِن رَّبِهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون".. صدق الله العظيم.


أجمل وأعظم كلمات يختتم بها أى منتصر شجاع خطابه للأعداء فى عقر دارهم ولا يبالى برصاصة غادرة أو طعنة خنجر مسموم مباغتة، وإنما يرتدى تحت جلد سترته الأنيقة ورابطة العنق "النازية" زى المحارب بقلب شجاع وعقل مغوار، وفى تصورى أن هذا هو أقل وصف يستحقه بطل الحرب والسلام الرئيس الراحل العظيم أنور السادات، الفلاح المثقف الذى آمن بدينه الإسلام ووثق فى معدن الإنسان المصرى الأصيل فكان النصر حليفه فى ميدان المعركة وداخل الغرف المغلقة!


وفى مناسبة ٦ أكتوبر الخالدة تتحدث وتتفاخر الألسنة، وتكتب الأقلام وتعلو الأصوات حول بسالة خير أجناد الأرض فى ملحمة سيناء البطولية الناطقة بالعبقرية فى التخطيط والتنفيذ، وتتنوع الأفلام الوثائقية عن تفاصيل الإعداد لتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلى الزائفة وحياة شباب مصر داخل الخنادق وخلف المتاريس والحواجز.


وعلى الرغم من حواديت "العبور الأول" المثيرة والتى تفوق الخيال فى روعتها ورسائلها الإنسانية، يظل من الضرورة وفرض العين أن نتوقف ونتمهل عند "العبور الثانى" الذى أطلقه الذكاء السياسى واخترق به قلعة الشياطين وأغراهم بالمصافحة والتصفيق لخيار السلام مقابل استرداد الأرض المحتلة ووقف شلال الدم من موقع الانتصار والقوة.


وبدا "عبور الكنيسيت" درسا قاسيا ومهذبا من رجل دولة يتقن الكلمة ويقصد معناها ويرسم خطوته بدقة ودراسة ووعى عالمى، فكانت المطالبة الواضحة بالتخلى عن "أحلام الغزو"، والنداء المستمر وشديد اللهجة بالانسحاب الكامل من أراضى الغير وإقامة السلام على أسس الصداقة وليس الاستعمار، وفضح التركيبة النفسية المعقدة التى تحكم العدو وتحرك أطماعه وغرائزه بأبسط العبارات التى تخرج على لسان "زعيم مصرى أصيل" و"قائد عربى مسلم".


وداخل كل حرف مكتوب فى سياق خطاب السادات التاريخى جرس إنذار وصوت عقل حكيم ولغة حوار بارعة الشكل والمضمون، فالتقط الثعالب الطُعم وقبلوا يد السلام المرفوعة ممن هزمهم وكسر هيبتهم أمام العالم بقوة السلاح العسكرى والجندى الصائم!


ولولا العبور الثانى لتأجلت نشوة نصر أكتوبر عقودا وقرونا، فهو العبور السياسى الثاقب الذى فتح الباب لعودة أرض الفيروز إلى أهلها، وكان الثغرة التى فرَّط فيها العرب لنيل حقوقهم المغتصبة وكلفهم الغرور والتكبر ملايين الأبرياء من شعوبهم، وإذا كانت حرب أكتوبر قد تحولت إلى مادة تدريس فى أكاديميات العلوم العسكرية، فمن الأمانة التاريخية أن يحظى "خطاب الكنيسيت" بذات الشرف والوسام الرفيع لمهارة مفرداته وعمق رؤيته فى إحراز نصر آخر يعزز ويعضد من الانتصار العسكرى فى قناة السويس، ويا له من "خطاب مسلم" يبرز المعجزة المصرية فى خير أجناد الأرض، وخير "عقول" الأرض!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط