الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمود ياسين.. لنا مكانة وليس لنا مكان



لازلت لا أفضل الكتابة عن أشخاص عرفتهم واقتربت منهم ورحلوا ولكن هو واجب الرثاء لهم، داخل مكتبه بمنزله في حي الهرم عام 2004 كان أول لقاء صحفي مع الفنان الكبير محمود ياسين، خرجت من اللقاء أحمل قدرا كبيرا من الحب والتقدير له، شديد الطيبة والتواضع، الحوار معه ممتع لا تريد أن ينتهي فأنت أمام جزءا كبير من تاريخ السينما المصرية، كنت أنصت لحكاياته عن أفلامه ومسلسلاته وآراءه المهمة عن صناعة السينما حيث لم يكتفي أنه ممثل بل أنتج حتى يكون على دراية بجميع تفاصيل الصناعة.

برحيل محمود ياسين نفقد أحد أهم أبطال السينما المصرية خلال تاريخها الطويل قدم مجموعة كبيرة ومتميزة من الأفلام وصلت لرقم قياسي وتخطت "150 فيلم" ولاتزال تحقق نجاحا لدى الجمهور، ربما لا يمر يوما إلا ويكون هناك فيلما من بطولة محمود ياسين يعرض على إحدى المحطات الفضائية، قدم خلالهم تنوعا كبيرا ، قال لي ذات مرة كنت أقدم في بعض السنوات أكثر من سبعة أفلام، كان في فترة السبعينيات بطل السينما المصرية الأول بلا منازع، ونجح باقتدار وموهبة نادرة ان يقدم الفيلم الرومانسي، الشعبي، الحربي وحتى الكوميدي.

اتذكر الآن حوراتي معه فهناك جمل لاتزال في الذاكرة وسأتوقف عند عدد منها لأنها جمل تستحق التأمل وتعبر عن صراحة وموضوعية لهذا النجم القدير. 

عندما تعرفت عليه كانت السينما بدأت "تخاصم" جيله، 

وهو أحد أشهر نجومها على الإطلاق فقال لي إنه لديه قناعة تامة أن السينما فن الشباب! عندما سألته عن تراجع جيله وأضاف ممكن ان نقول النجوم الكبار لهم مكانة وليس لهم مكان، وأفضل مراحل التألق والعمل في السينما تكون في مرحلة الشباب، وأنا مقتنع بذلك، ولكن الصلة لم تنقطع تماما، ممكن ان أعود عندما أجد دور جيد او أنتج أيضا، وبالفعل عاد بعدها ليقدم دورا في فيلم الجزيرة بعد أن تحمس للعمل وقدم أداء أبهر الجميع، قال لي بعدها فوجئت بكم كبير من الاتصالات للإشادة وكأني أمثل لأول مرة.

وكان معجب بالجيل الجديد والذي سيطر على شباك التذاكر وقتها وقال إنهم نجحوا في تقديم أنفسهم والدليل بصمة فيلم "سهر الليالي"، والذي شاركت في لجنة اختياره لتمثيل مصر في أوسكار الفيلم الأجنبي وكان يرى أنهم قادرون على صناعة سينما جيدة ومتميزة رغم أننا "نتجاهلهم" أحيانا، وقدم عدد منهم في فيلم من إنتاجه هو "قشر البندق"، فكان يرى أن النجوم الكبار يجب أن يعينوا النجوم الجدد لأنهم قادرين على صناعة فن جيد.

لا تستطيع أن تنسى أدواره في ،الشريدة، أين عقلي، افواه وأرانب ولايزال التحقيق مستمرا، ليل وقضبان، الصعود إلى الهاوية، الرصاصة لاتزال في جيبي، عصر الحب، والقائمة تطول لهذا الفنان الاستثنائي والذي عشق فنه وأخلص له.

أيضا الدراما التليفزيونية والمسرح كان له إسهامات كبيرة ومهمة لاتنسى، هو فنان غزير الموهبة والثقافة.

كم الحب الذي لمسته في رثاء محمود ياسين يدل على ان السيرة الطيبة هي ما يبقى للإنسان.

قال لي بكل تواضع ذات مرة أنا قدمت شخصية عمر بن عبد العزيز في مسلسل تليفزيوني ولكن نور الشريف تفوق في تقديمها بعد ذلك، هكذا كان يتحدث عن زملاءه.

وكشف لي انه كتب شعرا وقصة ورواية ولكنه لم ينشرهم واكتفى فقط بكتابة سيناريو وحوار مسلسل تاريخي عن الأندلس هو "رياح الشرق"، فكانت علاقته بالأدب منذ الصغر وهو ما ميزه في أحاديثه دائما.

كان معجب جدا بموهبة المخرج رأفت الميهي في كتابة السيناريو والحوار وقال لي هو من علم سعاد حسني كيف تقرأ السيناريو وتفرق بين العمل الجيد والسيء، وقدم الثلاثي معا الفيلم الرائع " أين عقلي".

كان يبدو دائما سعيدا وراضيا عن مشوارها الفني كما قالي لي "فخور بما قدمته للسينما والتليفزيون والمسرح، وكُرمت مرات عدة وهذا يرضيني جدا، وأعمالي جيدة ولاقت استحسان الجماهير.

رحم الله محمود ياسين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط