الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. خيري صالح يكتب: لو عرف الغرب أخلاق الرسول ما أساء إليه

صدى البلد

تهل علينا النسائم العطرة والبشائر الندية حين يستقبل المسلمون ذكرى مولد خير البشرية، رسول الإسلام محمد بن عبد الله والذي يصادف 12 ربيع الأول من السنة الهجرية، يحتفل به المسلمون في كل عام في معظم الدول الإسلامية، ليس باعتباره عيدًا، بل فرحًا بولادة نبي الرحمة والإنسانية.. رسولا من الله نورًا تجلى .. به الخلق على الله استدل.. رحمة الله تجلت في الآفاق.. رسولا يتمم مكارم الاخلاق..وهداية من الله لكل الأنام.. بالقرآن والسنة والآل الكرام. 

لذا مظاهر الفرحة والبهجة لا تبارح قلوبهم في تعظيم هذا اليوم الذي جاء فيه حامل نبراس الهدى للبشرية، وكأنّ الشوارع تزدان في ذكرى ميلاد الحبيب، فتفوح روائح البخور والطِّيب من بعض البيوت، وتقرأ سيرة النبي في بيوت اخرى، وتُعقد حلقات الذكر في المساجد، فيما تعلو الترنيمات بالمدائح النبوّية العذبة، ويُرى الخلق متزاورين حاملين أصنافًا شتى من الحلوى لإدخال البهجة على قلوب الصغار والكبار.

في هذا اليوم العظيم يجب إحياء هذه الذكرى بكل اعمال الخير، وتُستذكر سيرة النبي العطرة، ويُجمع الشباب والأطفال على فيضٍ من المواقف النبويّة السمحة ليتعرفوا على نبيِّهم وهادي أمتهم، ويتلمَّسون حلاوة أخلاقه بقلوبهم، ويتمثلون بطباعه الزكيّة في معاملاتهم؛ ويتعلمون ان البني جاء رحمة للعالمين (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)، بعثه الله معلمًا ومتمم لمكارم الاخلاق ومحاسن الاداب فكان خلقه القرآن (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ).

علمنا رسول الإنسانية الرأفة بالضعفاء ومساعدة الفقراء و بلغت عنايته بالأيتام أن بشر كافليهم بأنهم رفقاؤه في جنة عرضها السموات والأرض حين قال ﷺ : " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا ". علمنا ان نرحم الصغير ونوقر الكبير فقال ﷺ: " ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا"؛

علمنا حب الجار واكرام الضيف فقال  ﷺ : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه".
أوصانا بالنساء وحسن معاشرتهن فقال: "استوصوا بالنساء خيرًا" ..ووصف البنات بأنهن "المؤنسات الغاليات".

وبلغت رحمته ورأفته حتى بالحيوان فاخبرنا عن رجل دخل الجنة لانه وجد كلبٍ يَلْهَثُ من العطش، فملأ خُفَّه وسقى الكلبَ فشَكَرَ الله له، وغفر له؛
علمنا حب الخير للآخرين فقال ﷺ : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).

علمنا التسامح والصّفح، والغفران، فلم يَعرف النّبي الكريم الحقد، ولم تتسلّل إلى قلبه رغبات الانتقام ممّن يسيء إليه، ولم يفكّر يومًا في مقابلة الإساءة بالإساءة، على الرّغم من الأذى الشّديد الذي تعرّض له ؛ بل كان مثالًا في العفو عمّن ظلمه وأساء إليه ابتغاء رضوان الله تعالى، متمثلًا قوله تعالى: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم ) وراجيًا من وراء عفوه وتسامحه أن يخرج الله من أصلاب من أساء إليه من يؤمن بالله الواحد الاحد.. 

علمنا أن الإسلام يأمر بالعدل والإحسان وعدم الظلم حتى مع أعدائنا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ).
علمنا احترام غير المسلمين وعدم الإساءة الى مقدساتهم والتعامل معهم بالحسنى فقال ﷺ : " من آذى ذميًا فقد أذاني و من ظلم معاهدًا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفسه فأنا خصمه يوم القيامة"..

علمنا الرسول الكريم أن الناس متساوون في الحقوق والواجبات، وأنهم لا يتفاضلون إلا بالتقوى بقوله ﷺ  : «الناس سواسية كأسنان المشط، لا فضل لعربي على اعجمي، إلا بالتقوى» .. والمساواة في الإسلام شاملة في مدلولها ومعانيها بما يعني مساواة الفقير والغني والأبيض والاسود، فلا فضل  لأحد إلا بالتقوى والعمل الصالح.

وصفت قُريش محمد بن عبدالله بالصادق الأمين، فعلمنا الصدق والأمانة في القول والعمل مصداقا لكتاب الله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) أمرنا بالاجتهاد في العمل وعلمنا الإتقان في العمل فقال ﷺ :"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه »..

علمنا أن "طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة" .. وأن العلم هو سبيل التقدم والرقي في جميع المجالات وأنه من أسباب القوة والرفعة وعدم الانحطاط والتخلف حتى لا نكون غثاء لا قيمة لنا وتضعف شوكتنا وتسخر منا الأمم ..

هذه بعض تعاليم النبي الكريم إذا أحسنا فهم رسالته واتبعنا سنته وتأسينا بأخلاقه لما ضعفنا وما اصابنا الوهن وما تجرأ علينا أحد وما أساء إلى رسولنا أحد!!

-