الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ولماذا تلومون ماكرون وأمثاله؟!



من أجمل أمنياتى الرياضية أن نعيش ليلة الزفاف فى عرس الأميرة السمراء بـ "نهائى كروى" مصرى .. ودائما ما كنت أحلم بتلك اللقطة بين قطبى الكرة المصرية فى كل مرة يجمعهما الماراثون الأفريقى بدورى الأبطال إما فى دورى المجموعات أو الوصول إلى المربع الذهبى .. تشوقت لهذه اللحظة ليكتمل الانتصار ويُكتب التاريخ!.
إن استضافة القاهرة لتتويج البطل وإعلان الوصيف من فريقين من نفس الدولة يرسم ابتسامة فخر واعتزاز لعشاق الساحرة المستديرة من الجماهير المصرية .. ويرفع كثيرا من أسهم ورصيد التميز فى مشوار القلعة الحمراء ومسيرة القافلة البيضاء لتحصد الكرة المصرية الثمرة الكبرى ويستفيد لاعبو الفريقين  وجهازهما الفنى ومجلس إدارتهما من هذا الكرنفال البديع .. وفجأة نستيقظ من الحلم الوردى على صاعقة "تعصب أعمى" مصدرها مشجعى الأهلى والزمالك بمختلف طبقاتهم ودرجاتهم الثقافية ومستواهم الاجتماعى .. وتهبط على مواقعنا الإلكترونية تعليقات وصفحات رواد الفيس بوك وتويتر مكتظة بفواصل من الشتائم والإهانات والتجريح المتبادل .. ونكتشف فصائل بشرية وكتائب هدم وشماتة إذا ما نال فريق هزيمة أو تعثر فى طريقه نحو بطاقة المباراة النهائية، مقابل عبارات تفخيم وتبجيل للفريق الآخر إذا كان الفوز حليفه .. والمخجل أن هذه الحرب النفسية والخالية من التحضر ورقى الروح الرياضية تنبع من شخصيات مسئولة وعقليات موضع ثقة من المواطن العادى ويتبناها بشر المفترض فيهم الموضوعية والرأى النزيه والقدرة على التمييز وتوجيه الوعى .. وشرف الكلمة!.
لقد تحولت المسألة إلى صراع ديوك على قطعة لحم طازجة فى وليمة ضخمة بالوجبات والأطعمة الشهية .. ولم يعد التفكير السائد هو تشجيع الأهلى والزمالك معا واستثمار تفوق لاعبيهم على الوحوش السوداء وأسود شمال أفريقيا المحترفين  لتذويب أى ميول متطرفة أو "تنمر شاذ"، بل بات المهم فقط أن يصل الأهلى إلى منصة "البطل" بمفرده فى مقابل الترحيب بخسارته الكأس أمام خصم عربى أو أفريقى آخر طالما لم يصعد الزمالك ويكون النصر من نصيبه!.. 
عجبًا .. ألهذا الحد بلغت بنا مشاعر الرفض وإنكار  الآخر ؟! .. كلنا مصريون وكلهم أولادنا ولاعبونا سواء بالفانلة الحمراء أو القميص الأبيض .. وعندما نجح فريق بيراميدز الطموح فى بلوغ المباراة النهائية فى بطلة الكونفيدرالية الموازية وفقد المركز الأول تصاعدت أصوات السخرية والاستهزاء من "سفير مصرى" نكاية فى النجوم الذين وقعوا على صفقاته وفرطوا فى انتمائهم لنادى القرن، وتجاهل هؤلاء قيمة وعظمة الإنجاز الرياضى حينما تذهب أكبر بطولتين  فى "الكاف" لحائط الفراعنة ومن بعدهما "جائزة السوبر"!.
إن ما يحدث ليس مجرد مشهد رياضى عابر أو حدوتة مسلية فى ملاعبنا ومدرجاتنا .. إنها ثقافة مشوهة وسلوك نفسى بغيض ويبعث على الألم والضياع .. ويمكن أن ينسحب هذا التفكير إلى الخلاف السياسى إلى درجة التخوين والعداء، وإلى الدين إلى حدود التكفير والردة، وإلى العلاقات الإنسانية فى مجتمعنا وصولا إلى المقاطعة والقتل الصريح أحيانًا .. ولانستبعد المزيد من انفراط العقد وانهيار قيم التسامح واحترام حرية الآخر .. وفى النهاية نلوم الغرب ونرفع المقصلة لرئيس وزراء فرنسا وغيره من زعماء وقادة أوروبا "المتحضرة" لإهانتهم نبى الإسلام ونشر الرسوم المسيئة للرسول، ونحن نتورط وننغمس يوما بعد يوم فى خطاب الكراهية والتعصب وخنق الآخر فيما بيننا .. نحن أولاد الدم الواحد .. والجنس الواحد .. والوطن الواحد .. فعُذرا يا سيد الخلق فى ذكرى مولدك، واشفع لأحفادك لعلهم يفيقون من غفلتهم ويستعيدون رشدهم بعد أن كشفتهم وفضحتهم "كرة قدم دائرية"!. 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط